لقد قال الشعب كلمته بعد تفويضٍ صريحٍ لقيادته السياسية، ولم يكتف بذلك، بل خرج الشعب المصري العظيم بالملايينٍ تلبيةً للنداء، ونصرةً للقضية الفلسطينية، بعد كشف الإدارة الأمريكية عن تفاصيل صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي الفلسطيني، وليس الوقوف عند هذا الحد؛ إذ تسعى بجديةٍ وبسيناريوهاتٍ مرسومةٍ سلفًا أن تتخلص من الشعب صاحب الحق والسيادة وتقوم بتهجيره لدول الجوار.
إن الشعب المصري الباسل صاحب الوعي والفطنة، والذي استوعب من خطاب قائده حجم المخاطر التي تحدق بالبلاد جراء السعي المتواصل من الإدارة الأمريكية والعدوان الإسرائيلي الجائر على أهل القطاع الأعزل، ومن ثم انتفض في شوارع وميادين مصر كلها؛ ليساند القائد البطل الذي لم يتزحزح موقفه ولم ينثني عن مبدأه؛ برغم الضغوط التي تمارس على الدولة المصرية؛ لكنها الدولة ذات سيادةٍ شَهد واعترف بها العالم بأسره.
وأدرك الشعب المصري الثائر على جور العدوان الإسرائيلي بأن موقف الغرب وعلى رأسهم أمريكا التي تستخدم حق الفيتو لأي قرارٍ يدين الأعمال البربرية التي تمارسها إسرائيل على الشعب الأعزل، والانحياز التام لكافة الممارسات غير القانونية بحجة الدفاع عن النفس وتأمين المحتل بصورةٍ سافرةٍ؛ فيمارسون المراوغة والأكاذيب ويفتعلون مواقف الإثارة والفتن بغية استكمال مخططهم المقيت، وبالطبع لن يحدث هذا في ظل شعوبٍ واعيةٍ لا تقبل الضيم والهوان، وتتمسك بعزتها، واستقلالها وحريتها التي لا تقبل المساس بها.
إن ميادين مصر المكتظة بالشعب الأبي أوضحت للعالم كله أن رؤيتها صارت واضحةً تجاه القضية الفلسطينية؛ حيث باتت الشعوب العربية لا تثق في القرارات الغربية بتنوعاتها، والتي تتباين معاييرها وفق مصلحة إسرائيل بصورةٍ لا تقبل الشك أو الريبة، ومن ثم يقف الشعب بصلابةٍ وقوةٍ ورسوخٍ خلف القيادة السياسية المصرية الرشيدة التي بذلت وتبذل الجهود المضنية والمتواصلة لعودة الحقوق للشعب الفلسطيني، متخذًا سياسية الدبلوماسية التي جاءت بنتائجٍ مبشرةٍ لإنقاذ ملايين الأرواح من العزل ومنزوعي الإرادة.
إن دلالة الانتفاضة الشعبية المصرية تتأتى من وعي هذا الشعب للتاريخ الأسود المرتبط بمواقف إسرائيل التي لا تحترم عهوداً ولا مواثيقاً ولا أعرافاً، وتتخذ من العنف سبيلاً وحيداً لتحقيق غاياتها المعلنة منها وغير المعلنة، ومن ثم فلدى الشعب الاستعداد التام لما ترسمه السياسية المصرية في مواجهة مخاطر ما يمتخض عن هذه القضية المتعقدة، وبما تتخذه من إجراءاتٍ لحماية الأمن المصري القومي.
لن يتردد العشب المصري للحظةٍ في مساندة القيادة السياسية؛ فقد هرول للتبرع بالدم لإنقاذ أرواح أهل غزة الأشقاء، وعلى استعدادٍ أن يبذل الدم في سبيل الوطن والحفاظ عليه، وصيانةٍ لعرضه وشرفه، وتخليدٍ لحضارته التي لم تتقبل عبر مراحل التاريخ الرضوخ والانكسار؛ فمصر اليوم باتت أقوى بهذا الشعب المناضل.
لقد أضحى حديث العالم عن ميادين مصر التي فاضت برجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ وشيوخٍ لتتحدث نيابةً عن الشعوب الصامتة، ولتقول للشعوب الغربية المنحازة للجانب الإسرائيلي إن قوة وصمد الشعوب أقوى من تحالفاتكم ومخططاتكم وما تمتلكون من أسلحةٍ؛ فيعلم الجميع مدى تأثير اللوبي الصهيوني على سياسات الغرب وخاصةً أمريكا التي تسعى لإرضاء دولة الاحتلال، وتكابد لحمايتها وتقف ضد كل من يعارض مصلحتها.
وتبرهن انتفاضة الشعب المصري على الرؤية الثاقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي التي تؤكد على ضرورة قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف؛ لتضع الحرب أوزارها، وتعيش الشعوب جنبًا إلى جنبٍ، ويحل السلام المنطقة؛ فالبديل أضحى خطيراً قد يَذهب بالمنطقة لنفقٍ مظلمٍ؛ إذ تتعدد أطراف الصراع من كل صوبٍ وحدبٍ.
وشتى الميادين المصرية وشوارعها تؤيد وتثمن وتردد ما صرحت به القيادة السياسية، وخرجت لتعضد الجهود، وتقوي العزم نحو المضي في سبيل التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية التي تؤرق الشعوب العربية والحرة على سواءٍ، مع تأكيد الرفض القاطع لمساعي التهجير وتصفية قضية العرب التي تُعد شرفه وكرامته.
وستشهد قمة القاهرة للسلام فتح مسارٍ دبلوماسيٍ ذات صبغةٍ دوليةٍ يواجه الدبلوماسية الإسرائيلية والغربية في شتى المحافل الدولية، ومن ثم يفضح العدوان وممارساته ضد الإنسانية؛ بما يُحدث التأثير في الرأي العام العالمي، ويحقق السلام الدائم والعادل لجميع الأطراف محل الصراع.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.