100 مليون دولار تكرّم بها العجوز «بايدن» على الفلسطينيين فى غزّة والضفة الغربية. يمدُّ الرجل يدًا بالمساعدات للضحايا، ويبسط الأخرى بالموت، ويتجاهل أنه لو خصم من الذخائر التى يضخُّها فى شرايين آلة القتل الصهيونية ما يساوى قيمة المبلغ؛ ربما أنقذ أرواح مئات الأطفال، وكان ذلك أفضل له وللإنسانية وسُمعة الولايات المتّحدة، والأخيرة تلطّخت بالوحل والدم تحت إدارته؛ حتى أن العار صار أكبر من أن يشطبه المال، أو تستره مناورات الرئيس الخَرِف. منح سيّد البيت الأبيض «بطاقةً بيضاء» للذئب المسعور بنيامين نتنياهو: عندما اتّهم الغزّيين بالإرهاب، وعندما موَّل الحرب عليهم وسارع لإرسال التعزيزات، وحاول التعمية على جريمة الاحتلال فى المستشفى المعمدانى بإلصاقها بالفصائل، وشارك فى خنق القطاع من موقع «شاهد الزور» الصامت على الحصار والتجويع، وعندما زايد على حكومة الحاخامات المُتطرّفة فى المُناداة بوحشية الردّ على المدنيّين العُزّل.. فشلٌ ذريع فى امتحان القيم؛ كان يتوخَّى منه أن يفتتح سنة السباق الرئاسى بورقةٍ رابحة، ويستبقى السلطة فى حقيبته بجانب أدوية «ألزهايمر» والضلالات؛ لكنه قد يُغادر مُشيَّعًا باللعنات، وسيظلّ فى الذاكرة عنوانًا على تقزيم واشنطن، وإهدار شرفها، وفَضح كل ما اجتهدت طويلاً فى إخفائه، من غطرسةٍ وعدوانيّة ومخالب فولاذية جارحة، ومن محبّة مُفرطةٍ للنازيّين الجُدد فى تل أبيب.
كان الموت يتدفّق من سماء «غزّة»، ويتمشَّى فى شوارعها، وعلى بُعد 70 كيلومترًا فقط يجلس «جو» بين حكومة الحرب فى العاصمة العبرية. ومُقابل الدعم المُعلن للمقتولين قيل إنه سيُوجّه ألف ضِعفٍ للقاتل؛ إذ دفع بمشروعٍ إلى الكونجرس كُلفته 105 مليارات دولار لإسرائيل وأوكرانيا. فارقُ الأرقام يُلخِّص حجم الفجوة بين شعارات واشنطن وأدائها فى الميدان؛ إذ تتكفّل هناك بالطائرة والقنبلة، وهنا بالضمادات والأكفان وكثيرٍ من المناديل للبكاء.. تملك الدولة الأشرس فى العالم القوَّة الكفيلة بفعل ما يحلو لها، وإرخاء غطاء السياسة والدعاية وتواطُؤ المنظومة الأُمميّة على أفعالها؛ لكنها تتعثّر كثيرًا فى مأزقها الأخلاقى. قد يبدو أنها غير معنيّةٍ ببياض ثوبها واتّساق مواقفها الإنسانية؛ إنما فى عُمق عقلها المُؤسَّسى باتت قريبةً من إدراك الكُلفة المُؤجّلة، لا سيما أن سقوط رُوحيّة النظام الدولى الذى ترعاه؛ قد يعنى اتجاه العالم شرقًا، ولو بخطىً بطيئة ومُرتبكة وقليلة الفاعلية فى المدى القريب. السرديّة الأمريكية بعد الحرب الكونية الثانية تأسَّست على دعائم ثقافية حضارية، قبل تأسيس الخشونة والتحالفات المُسلَّحة؛ وإن سقط الرصيد فقد يتساوى الغريمان وتتبدَّل التوازنات.
كان تونى بلير قبل عشرين عامًا مربوطًا كالجرو الصغير فى سلسلةٍ أمريكية، ولا رابط بين نزعته العُمّالية التقدّمية والجنون الجمهورى المحافظ لدى بوش الابن؛ لكنهما سارا معًا إلى تدمير العراق دون غطاءٍ دولى، وبافتئاتٍ على القانون وكل التقارير الرصينة عن تخليق اتهامات «سلاح الدمار الشامل». اليوم يتكرَّر المشهد معكوسًا؛ إذ صار التقدّميون الاجتماعيون فى البيت الأبيض واليمينيون المحافظون فى داونينج ستريت؛ ولم تتغيَّر صيغة «الجرو والسلسلة»، ولا أداء الفتوّة الذى لا تعنيه العدالة أو الأرواح. غادر «بايدن» الشرق الأوسط بعدما ثبَّت موقفه الراديكالى فى إسناد الجريمة الصهيونية، بحق الغزّيين العُراة إلا من مدنيّتهم ومظلمتهم الصادقة؛ ليحلّ ريشى سوناك تاليًا على المقعد نفسه. وسبقهما أولاف شولتز الذى ورث بلدًا محنيًّا بأطرافه الأربعة على مذبح الابتزاز الطويل بمُبالغات الهولوكوست، وحاليًا يتأهّب ماكرون الذى سقطت من ذاكرته شعاراتُ الثورة الفرنسية، وقِيَم الجمهورية، وآثار أحذية النازيّين على وجه باريس، والذى يحسب نفسه على الوسط التقدُّمى؛ لأداء الصلاة فى «تل أبيب» بالقلنسوة وفطيرة الدمّ، على ما تُورد حكايات القرابين البشرية فى احتفالات «الفصح اليهودى».. الأُمثولة الحضارية الغربية تتلقّى مزيدًا من الضربات، ومعمارها العتيق تتشقَّق أساساته، ومن طول ما مارس الاستعلاء صار ثقيلاً فى الهواء، وخفيفًا على الأرض، وليس فى مقدور الجيل الحالى من السياسيين والمُنظّرين أن يضطلعوا بتجديد السرديّة؛ والأرجح أنها تمضى إلى مزيدٍ من الذبول وفقدان رصيدها المعنوى.
تكفَّل الحلف الغربى بإزهاق مشروع القرار الروسى فى مجلس الأمن؛ لأنه لم يُدِن «حماس» على قولهم، ولعلّه فى جوهر الموقف كان تصويتًا ضد «بوتين» فى أوكرانيا، أكثر منه لصالح «نتنياهو» فى غزّة؛ لكنه فى الحالين يدوس على جُثث المدنيين. وإلى ذلك أيضًا؛ أسقط الفيتو الأمريكى مشروع البرازيل بعد يومين؛ رغم إدانته عملية «طوفان الأقصى»، والحركة التى التقى الحلفاء الأطلسيّون مع تل أبيب على وصفها بالداعشية.. حصيلة الموقفين أن الإغاثة الإنسانية تأخَّرت على الغزّيين زهاء أسبوعين، وأن الوحشية الإسرائيلية تشدَّدت دون ردعٍ أو مُحاولةٍ للتلطيف؛ كأنّ المُراد سحق القطاع ليكون عبرةً ماثلة عن عاقبة التمرُّد. ليس بعيدًا من ذلك أن يكذب «بايدن» فى رحلة عودته من إسرائيل؛ فيقول إن مصر وافقت على فتح المعبر أمام المساعدات، رغم أنها لم تُغلقه أصلاً منذ أوّل لحظة، وكان الرفض من جانب الاحتلال بالتشدُّد حينًا، أو بضرب الجانب الفلسطينى من رفح أحيانًا. وفى التحليل يقول الغربيّون إنهم يدعمون تل أبيب لكنهم لا يُقرّرون لها ما تفعل؛ بينما يقضى المنطق بأنّ «من يدفع أجر العازف يُحدّد اللحن»، وبإمكانهم لو أرادوا أن يجعلوا إسنادهم الاستثنائى مشروطًا، وتحت سقف الالتزامات الأخلاقية والسياسية، بما لا يطعن خطابهم الحضارى فى مَواطن عِفّته، أو يضع تناقضاته تحت ضوءٍ فاضح.
يُروى عن كسينجر من مأثورات حرب أكتوبر قوله: «أردتُ أن ينزف الإسرائيليون؛ لأُقنعهم بالسلام». الخبرةُ الأمريكية الطويلة معهم تقطع بأنهم لا يذهبون راضين إلى التسويات الناعمة، ولا طالما شعروا بأن لهم السيادةَ على الميدان. وعندما تمضى واشنطن اليوم إلى تعزيز قُواهم بإفراطٍ مُطلق اليد؛ فإنها تذهب إلى الحرب من دون مُواربة؛ ثم يأتى الدفع بالبوارج وحاملات الطائرات ونشر ألفين من جنود المارينز؛ ليُؤكّد التشدُّد فى تغليب الخشونة على التهدئة. وعندما أطلّ «بايدن» فى كلمةٍ مُتلفزة، فجر الجمعة، لم ينحرف عن التصوُّر سابق الإثبات: طالب الكونجرس بمزيدٍ من الدعم، وجدَّد شيطنة «حماس» وتأكيد الإصرار على محاسبتها وأنها تتّخذ المدنيين دروعًا، وتعهّد بضمان التفوُّق الإسرائيلى، وعندما انتقل إلى المسألة الإنسانية قدَّم رأيه فى صيغة المشورة، بألّا تنتهج حليفته سُلوكًا عدائيًّا أو تصعيديًّا. لا إدانة لجرائم الحرب، ولا رجوع عن تبرئة النازية الصهيونية من مذبحة المشفى، كما أنه لم يُعلّق على قصف كنيسة الروم الأرثوذكس «القديس برفيريوس» الذى سبق كلمته بساعات.. ليست مُجرّد حالة تجاهلٍ أو إنكار؛ إنما هى تمترسٌ فى الخندق واعتمارٌ للخوذة المطبوعة بنجمة داود.
يعلم الناظرون بعمقٍ فى السياق الناشئ بعد عملية غلاف غزّة، أن بركانًا هائجًا تفجَّر فى المنطقة، وقد لا يخمد بأثر الجنون اليمينى لحكومة الليكود والحريديم، أو نشوة الإنجاز المُفاجئ حتى للفصائل نفسها: الفريق الأوّل يسعى لترميم الكرامة وإعادة بناء صيغة الردع، والثانى يُمنِّى النفس بمكاسب سياسية تُكافئ التضحية والضربات المُوجعة. الثابت أننا إزاء تركيبٍ جديد للتوازنات الإقليمية، بغضّ النظر عن النتائج النهائية، وأبسط ما فيه القطيعة مع حالة التجميد التى سادت قبل السابع من أكتوبر.
نتنياهو - ومن ورائه الولايات المتحدة والقطيع الأوروبى - يبدو طامعًا فى إعادة إنتاج المُعادلة القديمة مُجدّدًا، والواقع أنها لولا فقدت إمكانية الحياة ما كانت سقطت من الأساس. المهمّة الأُولى بعدما زال أثر المُخدّر وتقلَّص ضخُّ الأدرينالين فى العروق، أن يبدأ البحث عن مخارج أوسع من أنفاق المُقاومة، وأضيق من معدة الاستيطان، والغربُ طرفٌ أصيل فى ذلك بجانب العواصم العربية الوازنة؛ لكنه لا يضطلع بالدور المطلوب، من مُنطلق أنه وضع نفسه فى خدمة مشروع الثأر الصهيونى، بينما يُدار الردُّ بكامله لصالح رأس الائتلاف الحاكم، وقد تحوّلت الحرب إلى مسألةٍ وجودية فاصلة فى موعد تقاعده أو ذهابه إلى السجن.
قبل أيّام، خرج بوش الابن من تحت أنقاض الماضى؛ ليُعلن فى كلمةٍ مُصوّرة أن على إسرائيل وداعميها السير إلى الهدف المقصود من دون تحفُّظات. ويبدو أن الظهور نفض عنه غبار النسيان؛ فتذكّره نتنياهو واستعار منه شعار «محور الشرّ» مُسبِغًا على صراعه شيئا من رائحة النزق الرَّسَالِىَّ الأمريكى. كان أصل الاصطلاح ثلاثة دُولٍ، وأضاف جون بولتون مثلها، واليوم نِصف القائمة دُمِّرت تمامًا والبقيّة تحت الحصار؛ والمُخطَّط ضد «غزّة» لا يخرج عن الأمرين: إمّا تدمير القطاع بحيث لا يُصبح صالحًا للسكن، أو تجويعه على نسق خنق النازيّين لمدينة لينينجراد السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية، والغايةُ إفقاد «حماس» حاضنتها الشعبية، أو تبييض الأرض من قاطنيها.. التقييم الأخير لا يبدو أنه سيدور مع عدَّاد الجثث أو حجم الدمار؛ إنّما يتحدَّد بالقواعد المستقبلية لإدارة الصراع، مع مُلاحظة أن الفصائل تربح بمجرِّد الصمود، بينما تخسر إسرائيل حال الإخفاق فى إحراز النصر، أو فى إنجاز هدفها المُعلَن بتصفية المقاومة.
ألصقت الحكومة الإسرائيلية ظهرَها بالجدار؛ حينما وضعت القضاء الكامل على «حماس» هدفًا وحيدًا لعمليّتها العسكرية. هكذا يُصبح مُجرّد البقاء على قيد الحياة نصرًا للحركة وانكسارًا لجيش الاحتلال؛ ولأنها تتغلغل فى عُمق النسيج الاجتماعى، فلا بديل نظريًّا عن عملية برّية واسعة. طُرِح المُخطّط أوّل الأمر فى صورة اجتياحٍ شامل، وبنك الأهداف: مراكز السيطرة والتحكُّم، والقواعد اللوجستية، والقادة الميدانيون، وكان الغرض الاستئصال الكامل. وبعدما تكشَّف عدم الواقعية جرى تعديله من التصفية إلى الإعطاب، وبات الحديث عن تدخُّلاتٍ جراحيّة محدودة، وأهدافٍ مرحليّة يُعاد تطويرها فى ضوء التقدُّم الميدانى، وربما أقصى أمانيها تقسيم القطاع نصفين، واغتيال محمد الضيف ويحيى السنوار؛ وتُثار الآن بدائل للإفلات من الفخّ. المُؤكّد أن الذى نفَّذ «طوفان الأقصى» بقدراته التكتيكية العالية، لم يغب عنه الاستعداد لمُواجهةٍ من النقطة صفر، وستتكفَّل الأنفاق والألغام ومُضادّات الدروع وحروب المدن بالمهمّة؛ كما أن إلغاء «حماس» يبدو مستحيلاً بالنظر إلى كفاءة القيادة ونحو 100 ألف عضو وآلاف المُقاتلين ذوى المهارة، فضلاً على البيئة الداعمة، وعلى كونها تنظيمًا أُصوليًّا يستند لأجندةٍ فكرية ومنظومة قناعات، ما يعنى قابليّتها للاستنبات فى تُراب غزّة أو غيرها، وربما تُسفر إزاحة النسخة الحالية عن إصدارٍ أشدّ راديكالية وشراسة.. بالمنطق نفسه لا يبدو التهجير حلًّا؛ لأن الأيديولوجيا ستتعهّد الصراع بالحفظ والتجدُّد من أيّة حاضنةٍ بديلة.
فكرةُ «الوطن البديل» لم تكن نزوةً صهيونية طارئة. الواقع أنها تحت بصر الأمريكيّين وعنايتهم منذ سنوات؛ وتولّت واشنطن تسويقها إلى وقتٍ قريب، ومارست ضغوطًا لتوفير الأرض، وإجبار بعض دول الخليج على تمويل صفقة التوطين؛ ولم تشطبها من خطابها مُؤخّرًا إلا بعدما اصطدمت بجدارٍ عربى صلب، كانت مصر أشدّ أطرافه حسمًا وجذريّة فى التلويح بكلّ الخيارات. لكنها ذهبت إلى طرحٍ آخر يتردَّد الآن فى أروقة السياسة، مفاده الفصل بين الفلسطينيين والاحتلال بقواتٍ مُشتركة، عربيّة أو تحت غطاء مُنظّمة التعاون الإسلامى. إنه سلوكٌ تآمرىّ تتورَّط فيه واشنطن بكلّ الصور، وجوهره الالتفات عن أصل المشكلة إلى فروعها، والبحث عن تحسين شروط الاحتلال بدلاً من إنهائه. كما أنه يستهدف تحييد إسرائيل، ووضع الفلسطينيين فى صدامٍ مع حاضنتهم العربية. يُمكن أن يكون الحديث عاقلاً ومقبولاً لو جاء تاليًا لحلّ الدولتين؛ إذ سيكون مفهومًا أنه ينبع من قلقٍ أيديولوجى رُكنه تمسّك «حماس» بسرديّة فلسطين التاريخية، وعدم اعترافها بالدولة العبرية من الأساس؛ لكنه عندما يترافق مع اتّصال الاستيطان الإحلالى، وحديث وزير الخارجية إيلى كوهين عن تقليص مساحة القطاع، وقضم خُمسى أرض الضفة بالمستوطنات؛ فإنه لا يتعدَّى ترحيل الأزمات، والالتفاف والمُناورة، وترتيب الساحة لنزاعاتٍ أشرس فى المستقبل.
ينفرد جيش الاحتلال بقطاع غزّة، وتتعهَّد واشنطن بإبقاء جبهة الشمال/ مع حزب الله، تحت السقف المقبول. تبدو «حماس» مصدومةً من موقف حلفائها فى المدار الشيعى، وتُمارس ضغطًا معنويًّا وصل إلى مُطالبة بعض قادتها بالالتحام الميدانى. الحرب أوُّلها كلام، ورغم كل التحذيرات وجهود التخويف الخارجية، وتحسُّب الطرفين من التصعيد، وأن قيادة المحور ستبتعد حتمًا عن المُخاطرة بأهمّ أذرعها فى معركة لن تُحرّر الأرض أو تكسر العدو؛ فقد يتسبب خطأٌ حسابى طفيف، أو غياب الإتقان عن الرسائل المُتبادلة، فى الانزلاق إلى المحظور. المُغامرة الإسرائيلية محفوفة بالرعونة والرعب، والغطاء الأمريكى يُغذّى الجنون ويُشجّع على الانفجار. رواية أن «تل أبيب» تتجنَّب مَنح القليل حتى لا يطمعوا فى الكثير لم تعد مُقنعة؛ إذ بات واضحًا أنها تريد أن تأخذ فقط. واشنطن تُعاين أثر التوتّر فى حالة التسخين المحمومة على عدّة جبهات، وفى استهداف قوَّاتها بهجمات طائراتٍ مُسيّرة فى العراق وسوريا، وحديثها عن اعتراض قذائف من اليمن. المنطقةُ على حرفٍ من الاشتعال الكامل، والسبب جرائم الاحتلال وغطرسة القوة المُطلقة، والإمعان فى التنكيل بخيار التسوية السياسية ومن يؤمنون به؛ كما ثبت أنّه لا أمل فى تجاوز الصراع من بوابة غضّ البصر، وتغليب المصالح والحلول الاقتصادية مع المُحيط العربى، على التسوية النهائية المُرضية لأصحاب الأرض.. يجب ألّا تقدح الولايات المُتّحدة الشَّرَر، وألّا تصبّ الزيت وسط أجواء مُهيّأة للاشتعال. يبدو العقل غائبًا عنها، وما يحدثُ إلى الآن أنها تحمل النار والبارود، وتُحصى قنابلها الساقطة على «غزّة» والأرواح الصاعدة منها، وتُهدِر الدم بشراهة السفّاح الجالس فى تل أبيب، وتأسف على الضحايا برتابة وبُطء المومياء الساكنة فى البيت الأبيض.