قال المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه بعد مضى 30 عامًا على توقيع اتفاقات أوسلو في سبتمبر 1999، تأتي التصرفات الإسرائيلية على الأرض محطمة لآمال بناء سلام حقيقي في الشرق الأوسط ومكرسة لما يمكن اعتباره "أبارتهايد" جديد حيث تمادت إسرائيل في إجراءات الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين من خلال ضم أراضيهم والعمل على تهجيرهم.
واتهم المجلس الأوروبي -في تقرير جديد- التوجهات الإسرائيلية منذ توقيع اتفاقات أوسلو بالسير في مسارات بعيدة عن أي طريق يوصل إلى السلام، وبدت وكأنها تسعى إلى فتح صراعات لا نهاية لها مع توسيع دائرة عدم الاستقرار الإقليمي.
وبحسب التقرير، فإن ذكرى اتفاقات أوسلو هذا العام تأتي في وقت بدأ فيه الفلسطينيون انتفاضتهم الثالثة، وهو ما قوبل من جانب إسرائيل بتكثيف في الضربات الجوية وتماد من جانب المستوطنين في ممارسة العنف العدائي ضد الفلسطينيين؛ ما أسفر عن إعادة تكوين المجموعات الفلسطينية المسلحة من جديد واتساع دائرة التوتر إلى القدس الشرقية والضفة الغربية وجنوب لبنان.
واعتبر التقرير أن استمرار الشقاق في داخل الصف الفلسطيني، وما نتج عن ذلك من عدم إجراء انتخابات منذ العام 2006 لم يكن في صالح الفلسطينيين حيث استثمرته اسرائيل لتعزيز قبضتها على المناطق الفلسطينية والتهام ما أمكن منها عبر مشروعات الاستيطان والتملص من أية استحقاقات لبناء السلام.
وانتقد التقرير أداء الدبلوماسية الأوروبية تجاه طرفي الصراع في الشرق الأوسط، وما نتج عنه من تعثر في بناء السلام، وفي المقابل اهتمت الدبلوماسية الأوروبية بالقضايا ذات الأولوية الجيوسياسية مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، التي اعتبرها الأوروبيون تهديدًا مباشرًا يقترب من حدودهم.
كما اتهم مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي الولايات المتحدة بالتخلي عن دورها كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أية مفاوضات لبناء السلام أو نزع فتائل التوترات، مطالبًا الولايات المتحدة بالعودة سريعًا لدور وسيط السلام والانخراط بقوة في مسارات التسوية في الشرق الأوسط.
واعتبر تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي أن الانسحاب الأمريكي من دور وسيط السلام في منطقة الشرق الأوسط منذ قرابة عشرة أعوام قد فسرته إسرائيل على أنه ضوء أخضر بالنسبة لها للتمادي في توسعاتها الاستيطانية وهي التوسعات التي باتت معها عملية السلام "جثة هامدة" إلا في البيانات الرسمية التي تنطلق بين الحين والآخر في العواصم الغربية أو في المحافل الدولية على استحياء.
كما اتهم مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي إسرائيل بإعاقة تطبيق مبادئ حق تقرير المصير للفلسطينيين المنصوص عليها في القانون الدولي وإقدامها على ضم الأراضي الفلسطينية بالقوة وإجبار 5 ملايين من سكانها من الفلسطينيين على العيش في مناطق معزولة تحت حكم عسكري إسرائيلي لا متناهي يحول دون وجود وحدة أرضية لبناء الدولة الفلسطينية المنشودة في اتفاقات أوسلو.
وشدد التقرير على أنه منذ انتخاب حكومة اليمين المتشدد الإسرائيلي بقيادة بنيامين نيتانياهو في نوفمبر 2022 تصاعدت وتيرة تهجير الفلسطينيين من أراضي الضفة الغربية؛ حيث اعتمدت الحكومة الإسرائيلية مليار دولار أمريكي لدعم حركة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بغية مضاعفة عدد المستوطنين الإسرائيليين في أراضي الضفة من 500 ألف إلى مليون مستوطن؛ حيث تم بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في أراضي الضفة والقدس الشرقية وهو المعدل الأسرع لحركة الاستيطان الإسرائيلية منذ العام 2002.
ونتيجة لذلك، رصد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية زيادة وتيرة الاحتكاكات العنيفة بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين بنسبة 123% في العام 2022 مقارنة بالعام 2020 ووصلت إلى حد استهداف قرى وبلدات عربية قريبة.
ودعا التقرير الدبلوماسية الأوروبية إلى ضرورة التصدي لما تقوم به إسرائيل من خروقات للقانون الدولي، وكذلك طلب من الساسة والدبلوماسيين الأوروبيين مخاطبة وتنوير الرأي العام الأوروبي ضد أفكار احتلال الأراضي التي تروج لها آلة الإعلام الإسرائيلية.
كما أوصى التقرير الحكومات الأوروبية بأن تكون أكثر سخاءً فيما تقدمه من دعم مالي إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وأن تعمل آلة السياسة الخارجية الأوروبية يدًا بيد مع الحكومات العربية لتحقيق مصالحة فلسطينية واحتواء التوترات الداخلية والدفع باتجاه بناء سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقال المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن اتفاقات أوسلو التي وقعها الإسرائيليون والفلسطينيون قبل 30 عامًا في العاصمة الأمريكية واشنطن في سبتمبر 1993 لم تشهد انخراطًا حقيقيًا منذ ما يقرب من عشرة أعوام من جانب واشنطن للدفع باتجاه بناء السلام الفلسطيني الإسرائيلي بحسب تلك الاتفاقات التي كانت الولايات المتحدة العامل المحفز لإنجاحها في المقام الأول إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة