كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام المشاركين من الرؤساء والملوك ورؤساء وزراء وممثلي 34 دولة ومنظمة دولية وإقليمية تردد صداها في كافة أنحاء العالم ودقت بعنف وقوة على أبواب أصحاب القرار ومن بيده مصلحة استمرار دوامة العنف والدم في المنطقة. وجاءت كالصاعقة المدوية لمن يضع في الظلام مخططات وسيناريوهات شيطانية.
نعم نحن دعاة سلام واستقرار وحياة آمنة لكافة شعوب المنطقة بلا استثناء...ونحن أصحاب المواقف والمبادئ الثابتة والراسخة تجاه قضايا المنطقة وفي القلب منها القضية الأم وهي القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقبلة، ودفعنا من أجل ذلك ثمنا باهظا من أرواحنا ومقدراتنا وحياتنا.
نعم لكل ذلك... لكن أيضا وفي الوقت ذاته لسنا جسرًا ومعبرًا أو نفقًا مظلمًا لقتل حلم شعب، أو تصفية قضية على حساب حبة رمال من أرضنا في سيناء أو غيرها.
الرئيس السيسي كشف في كلمته المستور من وراء الحرب الإجرامية لإسرائيل ومن وراءها على غزة، بوهم أنها الفرصة المواتية والسانحة لتصفية القضية وإحياء مخططات التهجير والتوطين على أرض أخرى مقابل حزمة إغراءات و" حفنة دولارات"
منذ اللحظة الأولى للحرب البشعة واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني في غزة خرج الرئيس ليتحدث بحسم وقوة وبلسان جموع الشعب المصري في لحظة اصطفاف وطني عن رفض مصر وبكافة الوسائل وبكل الخيارات عن مخططات التهجير والتوطين على حساب الأمن القومي المصري... وأعلنت جموع الشعب المصري بكل طوائفه وانتماءاته وقوفه خلف قيادته وتأييده وتفويضه في كل خطوة لحماية أمن مصر وأرض مصر التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من الشهداء طوال 60 عاما
ما يعلنه الرئيس في العلن من الرفض القاطع والحاسم يعني أن ما وراء الرفض الكثير من أطماع وأوهام خطط لها " أعداء مصر والأمة" منذ سنوات طويلة تحت شعار البحث عن " الوطن البديل" للشعب الفلسطيني سواء في سيناء أو في مناطق آخرى.
وليس هناك جديد في الكشف عن دراسة صهيونية صدرت حديثا تسرد تفاصيل مخططات التوطين لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة في المدن الجديدة المصرية مقابل "حل أزمات الاقتصاد المصري" وإسقاط الديون والوعود بتدفقات استثمارية كبيرة.
هنا كان على الجميع أن يدرك لماذا كان إصرار رئيس مصر وقائدها على التأكيد على رفض مخطط التوطين على حساب الأمن القومي المصري رغم الاغراءات ولماذا جاءت الاستجابة الفورية من جموع الشعب المصري للاصطفاف وراءه دعما ومساندة
وأمام قمة القاهرة للسلام وفي حضور هذا العدد من زعماء العالم وممثليه كانت الفرصة سانحة أيضا للرئيس السيسي وباسم مصر ليقول ويكرر مرتين وبملامح جادة :"كما أؤكد للعالم.. بوضوح ولسان مبين.. وبتعبير صادق، عن إرادة جميع أبناء الشعب المصري.. فردًا فردًا: إن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث.. وفي كل الأحوال.. لن يحدث على حساب مصر.. أبدًا.".. وأعاد الرئيس قراءة الرسالة مرة أخرى.
التحليل والاستنتاج من جملة الرئيس السيسي وتكرارها لا يعني سوى موقف مصر الثابت والراسخ بأن مخططات التهجير والتوطين لن تمر ولن تعبر ولو شبر واحد فوق أي قطعة أرض أو حبة رمال من أرض مصر العزيزة الغالية، وأن مصر وشعبها على قلب رجل واحد خلف قائده مؤيدا له في أي قرار أو أية خطوة للحفاظ على أمن مصر القومي وتأكيدا على مواقف مصر الثابتة التي لا تتغير أو تخون أو تبيع على حساب أمنها أو على حساب قضية شعب مغلوب على أمره ساعيا لتحقيق حلم دولته وتقرير مصيره.
كلمة الرئيس السيسي سوف يسجلها التاريخ السياسي لأنها ببساطة جاءت معبرة تماما عن موقف مصر في العمل دائما من أجل السلام واستقرار المنطقة ووضع العالم الغربي " المتحضر" أمام مسئولياته التاريخية والإنسانية في التعامل بضمير ونزاهة وعدل مع قضايا شعوب العالم دون استثناء ودون ازدواجية في القيم الأخلاقية والمعايير الإنسانية، وأن العيش في سلام وأمن لن يتحقق بالسلاح والخراب والتدمير وإجبار شعب على ترك أرضه ووطنه، وأن الحل هو السلام العادل والشامل لكافة شعوب المنطقة والعبرة دائما في تاريخ الغزاة والمستعمرين الذين زالوا وذهبوا في صفحات النسيان وبقيت الشعوب المكافحة والمناضلة من أجل حريتها واستقلالها.
دعاة سلام وخير وأمن واستقرار نعم...لكن الحذر كل الحذر من لحظات الغضب