حكى والد الطفل يوسف الطبيب الفلسطيني محمد حميد أبو موسى تفاصيل البحث عن طفله يوسف بين غرف الإنعاش والطوارئ وصولاً لثلاجة الموتى والتي كانت بمثابة صدمة ونهاية رحلة البحث فوجد ابنه جثة هامدة وكل ما فعله أنه احتضن طفله واحتسبه عند الله شهيدًا ولم يقل سوى كلمة واحدة: "الحمد لله".
وفى تصريحات خاصة لـ "تليفزيون اليوم السابع"، من اعداد الزميل محمود رضا الزاملى والزميلة نهير عبد النبى وتقديم الزميل أحمد الجعفرى، حيث روى والد الطفل تفاصيل أصعب يوم مر عليه فى حياته حيث قال: "أنا عندى 3 أولاد الكبيرة اسمها جورى وبعدها حميد والصغير يوسف ٧ سنوات، أنا مراتى مصرية فلسطينية أخذت الجنسية عن طريق حماتى لأنها مصرية من الشرقية، ويوسف والأولاد كلهم معهم الجنسية المصرية، أنا بشتغل طبيب فى قسم أشعة مستشفى ناصر، وفى يوم القصف اللى حصل على البيت كان عندى شغل طوارئ 24 ساعة، يوسف كان دايمًا يسأل عن مواعيد شغلى ويحسب لى أمتى أروح وأى ساعة أطلع وارجع البيت، وكل ما أطلع على الشغل يجى يحضنى ويبوسنى، وأول واحد كان يجى يجرى عليا لما أدخل البيت بعد الشغل، ويحضنى ويبوسني".
وتابع: "يوم القصف 15 أكتوبر طلعت الشغل وحضنى ونادى على أمه وأخواته وقالهم حضن عائلى نقف كلنا حاضنين بعض، ووصلت الشغل وبعد ساعتين سمعت صوت قصف والبيت مش بعيد كثير عن المستشفى، وإحنا عارفين أنهم بيضربوا أى حد وفى أى مكان قلقت لأنه الصوت من المكان اللى أنا ساكن فيه، بدأت أسأل فين القصف ومحدش بيجاوب، اتصلت على زوجتى أول مرة مردتش، المرة التانية فتح الخط وسمعت صوت صراخ، فقدت أعصابى وطلعت أجرى على الطوارئ، ولما دخلت الطوارئ سمعت صوت بنتى وأمها وحميد وهم بيصرخوا".
واستكمل الطبيب حديثه قائلا: "روحت عشان أحاول أهديهم وأطمن عليهم وبعدين روحت أشوف بقية الإصابات ولاد أخوى وغيرهم وسألت عن يوسف كل واحد أسأله عن يوسف يلف وشه عنى وكأنه بيهرب من الإجابة، ودخلت غرفة الإنعاش لقيت دكتور بيعرفنى وبيعرف ولادى وأول ما دخلت عليه بص على بصة وقعت قلبى، فقدت أعصابى وبديت أجرى فى كل مكان أدور عليه، فى مصور كان بيصور الأحداث والإصابات فتح الكاميرا وصار يعرض صور الإصابات، شفت صورة عرفت يوسف من لبسه، قلت أيوة هو ده فينه؟، هز رأسه ومجاوبش، وفيه واحد كان واقف ورا قال ده أنا كنت شايله وواخده على التلاجة يعنى المشرحة".
رحت المشرحة وشفت زمايلى هناك على الباب طلعت عليهم وكلهم باصين عليا بحزن".. هو ما قاله الطبيب عندما وصل إلى أبواب المشرحة وقال: "وقفت مقدرتش أمشى إلا لما مسكونى ودخلت لقيته هو وابن عمه الأكبر منه بسنتين على نفس المشرحة، ولقيت ابن عمه الكبير هناك ومرات أخوى، بس بصعوبة تعرف عليها جوزها لأنها كانت أشلاء الجثة، وولاد أخوى اللى اتصابوا واحد عنده كسر مركب فى الفخذ والساعد وشظايا فى البطن وحروق وابنته عندها كسر فى الحوض وجرح واصل للعظم من الظهر، كل ما قلته: "الحمد لله وحسبنا الله ونعم الوكيل".
وقال والد الشهيد يوسف: لم أستطع أن أخبر والدته وأخواته، فابنى عندما عرف بوفاة شقيقة أصيب بحالة من الانهيار العصبى، ووالدته كانت فى حالة من الصدمة تجرى هنا وهنا، وعندما عرفت الخبر طلبت أن تراه قبل الدفن حاولت كثير أقنعها بعدم رؤيته فى هذه الحالة ولكنها رفضت وأصرت، مكنتش عارف أعمل إيه وهى بتشوفه وبتبوسه وبتلمسه آخر مرة، الوضع كان صعب عليها وعلينا كلنا، الحمد لله على كل حال والدته الله يصبرها كل ما نقعد ما بعض منقدرش نمسك حالنا يوسف كان حبيب الكل، كل البيت بيحبه فى النادى بيحبوه زمايلى بيحبوه، جده بيحبه الله يرحمه حبيبى".
وأنهى حديثه قائلا: "أنا خسرت كل شيء قرايبى وبيتى وحياتى ولكن الخسارة الأكبر هى ابنى حبيبى يوسف، احتسبه عند الله شهيدًا ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة