أكرم القصاص

مصر تقدم مخرجا لكل الأطراف.. السلام الصعب وسط صراع معقد

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالطبع، هناك مأزق لكل الأطراف فى هذه الأزمة، التى تهدد فى حال استمرارها بإشعال النيران فى أطراف كثيرة، وكل لحظة تمر مع استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، تمثل ضغطا على الرأى العام العالمى، وتضاعف من حجم وشكل الاحتجاجات اعتراضا على استمرار العدوان على غزة، من إسرائيل وأيضا من حلفائها الذين يبدون لأول مرة فى دعم واضح لعدوان يستهدف المدنيين، من دون أن يحقق نتائج سوى الانتقام والتصعيد، وبالتالى فإن ما تقدمه الدولة المصرية من بداية الأزمة، يمثل مخرجا لسلام يبدو صعبا وسط مشهد ملتهب يهدد بحريق أكبر، فى حال استمرار التصعيد بلا أفق.
 
وبالرغم من أن الولايات المتحدة والغرب يبدون فى حالة دعم للعدوان، فإنهم أيضا يواجهون رفضا لدى مجتمعاتهم، وأيضا يتلقون معلومات تؤيد التحذيرات التى أعلنها الرئيس السيسى من اتساع للصراع بشكل يصعب السيطرة عليه، ويهدد مصالح كثيرة، خاصة وقد حسمت مصر رفض تصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين، وحرصت على كسر الحصار وتوصيل المساعدات إلى سكان غزة.
 
مأزق الاحتلال يأتى من أن كل الضحايا فى غزة حتى من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ، وحسب إعلان وزارة الصحة فى قطاع غزة، حتى أمس ارتفع عدد ضحايا القصف الإسرائيلى إلى 5200 شهيد منهم 2055 طفلا و1119 سيدة و217 مسنا، و1500 بلاغ عن مفقودين لا يزالون تحت الأنقاض منهم 830 طفلا، و16 ألف جريح منهم حالات خطرة، ثم إن الانتهاكات الإسرائيلية تستهدف المنظومة الصحية، حيث استشهد 57 كادرا صحيا وأصيب 100 آخرين، وخرجت 12 مستشفى و32 مركزا صحيا من الخدمة بسبب استهدافها من قبل الاحتلال ونفاد الوقود.
 
وما زال القصف مستمرا، لكن حتى الآن لم يعلن الاحتلال عن تحقيق أى من أهدافه، غير قتل المدنيين من الأطفال والنساء، لكن لم يتم الإعلان عن تحقيق نتائج فيما يتعلق بالمقاومة، وبالرغم من استمرار القصف 18 يوما، فإن وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، تعهد فى تصريح له بالقضاء على حركة حماس، لكنه قال إن الأمر قد يتطلب عدة أشهر، وفى النهاية لن تكون هناك حركة حماس، ومعنى تصريحات جالانت أنه لم يتحقق شىء، ثم إنه يكرر تصريحات قادة إسرائيل فى كل المواجهات التى تمت، ويتجاهل وجود فصائل أخرى للمقاومة، وأن الفلسطينيين يتمسكون بأرضهم، ويرفضون تحذيرات العدوان بأن يرحلوا، وبالتالى فإن المواجهة قد تكون أصعب فى حال التفكير فى التوغل برا داخل غزة، مع توقعات بوجود فصائل للمقاومة تستعد للمواجهة البرية حال تم اجتياح غزة.
 
من جهتها، فإن حماس تعلن عكس ذلك، وتشير إلى مواجهات سابقة لم تنجح فيها إسرائيل، لكن المقاومة بالطبع تواجه قصفا ومطاردات واغتيالات لا شك تؤثر عليها، بجانب انقسامات بالداخل حول التوقيتات والخسائر، وغياب التنسيق، وتجاهل المدنيين، وأن أهداف المواجهة لم تتحقق، بجانب عدم توازن القوة، وهو ما يضع المقاومة فى مهب التساؤلات والمسؤولية. 
 
بالطبع فإن الاجتياح البرى لغزة، والذى تأجل عدة مرات وما زال قيد الإعداد، قد يتطلب تجهيزات، وقد أعلن الجيش الإسرائيلى ذلك وقال المتحدث باسم الجيش إنه تم إجلاء سكان 14 بلدة فى شمال إسرائيل خوفا من التداعيات الأمنية، وإخلاء مناطق على حدود لبنان، ونية لضرب ما أسماه «البنية التحتية لحزب الله لتقليص خطره»، وهو أمر يرى مراقبون أنه قد يسهم فى توسيع المواجهة بشكل قد لا يكون فى تخطيط جيش الاحتلال، خاصة أن عددا من جنود الاحتلال قتلوا وجرحوا أثناء التجهير للاجتياح البرى، حسبما أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى دانيال هاجارى، فى مؤتمر صحفى.
 
والواقع أن هناك مأزقا يواجه الاحتلال، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى لم يقدم حتى الآن سوى الانتقام والإبادة للمدنيين، من دون نتائج، بجانب وجود عدد كبير من الرهائن، يتظاهر أهلهم ضد نتنياهو والحكومة، خاصة مع الإعلان عن الاجتياح البرى بينما لا توجد آفاق لمصائر الرهائن، وبالتالى فإن حكومة إسرائيل الحالية التى توصف بأنها  أكثر الحكومات تطرفا فى تاريخ إسرائيل، خسرت سياسيا وعسكريا أمام هجمات 7 أكتوبر، ولا تزال عاجزة عن تحقيق نتائج تذكر، بالرغم من حالة الهيستريا وروح الانتقام التى تحيط بها ومحاولة رئيس الوزراء إنقاذ مستقبله السياسى، بينما هو خسر فى كل الأحوال. 
 
ورغم استمرار الدعم الأمريكى والغربى، فإن ردود الأفعال العالمية تجاه العدوان تمثل ضغطا فى الشوارع، مع ظهور آراء من محللين وكتاب أمريكيين ممن يعرفون بدعمهم للصهيونية، وهم يبدون تخوفا من اتساع الصراع بشكل يمثل خطرا فى حال غياب أى آفاق للحرب، خاصة وقد أصبحت الإدارة الأمريكية طرفا فى العدوان على غزة، مثلما هى طرف فى حرب أوكرانيا، مما يضع الولايات المتحدة فى مواجهة مع حلفائها، وأيضا مع تكتلات وقوى أخرى دولية تعلن عن رفضها للعدوان، وتحذر من مواجهات تشعل الصراع.
 
الواقع أن كل الأطراف فى مأزق، ولا يوجد أفق غير التوقف عن الصراع، والانتقال إلى مسار سلام نهائى، ودولة فلسطينية، بدلا من صراع يهدد الجميع.
 
p.8

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة