حالة الخوف والذعر من إطالة أمد الحرب الدائرة الآن من الآلة العسكرية الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة بدأت تسيطر على قطاعات واسعة داخل الرأى العام فى إسرائيل وبدأت كتابات فى الصحف الكبرى مثل هآرتس تلوح بالكارثة الاقتصادية نتيجة الحر المستمرة منذ 18 يوما.
إسرائيل لم تعتاد خوض الحروب طويلة الأمد التى تعرضها لخسائر عسكرية واقتصادية جسيمة.. دائما ما يسعى جيش الاحتلال الى الحروب السريعة الخاطفة دون التورط فى حرب لا يعرف متى تنتهي.
"خسائر إسرائيل فى الحرب الجارية حاليا 912 مليون دولار كل ثلاثة أيام من طلعات الطائرات وثمن صواريخ الباتريوت وتزويد الٱليات بالوقود واستهلاك ذخيرة .. ناهيك عن تعطل الحركة التجارية وهبوط البورصة وتوقف معظم المؤسسات وأعمال البناء وموت الدواجن فى المزارع بعشرات ملايين الدولارات وتعطل بعض المطارات وبعض خطوط القطارات وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ ناهيك عن التدمير فى البيوت والمحال التجارية والسيارات والمصانع بفعل صواريخ المقاومة الفلسطينية"
هذا ما ذكرته صحيفة هآرتس التى توقعت المزيد من الخسائر الفادحة مع استمرار الحرب وقالت "إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها ... وبالتأكيد لسنا من ينهيها".
إسرائيل تعترف بأن هناك ما يزيد عن 222 أسيرا لدى المقاومة فى غزة، وفقد ما يقرب من 1300 شخص منذ السابع من أكتوبر، وحسب التقارير الاقتصادية الصادرة من تل أبيب فان إسرائيل تتعرض لخسائر اقتصادية فادحة لم تتعرض لها منذ هزيمتها النكراء فى حرب أكتوبر 73، فقد انهارت العملية المحلية – الشيكل- وتوقف قطاع السياحة والغاز والتكنولوجيا مع توقف قطاعات إنتاجية آخرى بسبب الخوف من الحرب أو باستدعاء حوالى 350 ألف جندى من جنود الاحتياط والذين يمثلون قوة العمل الرئيسية فى المصانع وفى القطاعات الاقتصادية الآخرى بما يهدد بتراجع النمو الاقتصادى الإسرائيلى من 6% الى ما يقرب من 3%
السياحة انهارت بشكل غير مسبوق بعد أن بلغ عدد السياح فى الفترة من يناير الى يوليو حوالى 2 مليون سائح بإجمالى إيرادات 3.1 مليار دولار، وفقا لمكتب الإحصاء الإسرائيلي، فيما كانت التوقعات تشير الى أن أكثر من 4 الى 5 ملايين سائح سيقومون بزيارة إسرائيل حتى نهاية العام الجارى بإجمالى إيرادات 6 مليارات دولار الا ان قيام الحرب على غزة أدى الى توقف كل ذلك بعد أن أعلنت خطوط الطيران حول العالم بتعليق وإلغاء رحلاتها الى تل ابيب وغادر السياح إسرائيل على الفور
الأمر لم يتوقف عند خسائر قطاع السياحة فقط، فاندلاع الحرب أدى الى توقف العمل فى أكبر حقول الغاز فى إسرائيل بالقرب من عسقلان والذى يغطى حوالى 70 % من الكهرباء والطاقة لإسرائيل وهو ما تسبب فى خسائر جسيمة بمئات المليارات أسبوعيا وأوقفت شركة شيفرون الأميركية تصدير الغاز عبر خط انابيب الغاز بين مصر وإسرائيل
الخسارة الأكبر يمكن رصدها فى قطاع التكنولوجيا الذى يمثل 51% من حجم صادرات إسرائيل للخارج والبالغة 165 مليار دولار فى العام الماضي، وهو أكبر قطاع صناعى فى الكيان ويتعرض منذ أسبوعين الى خسائر كبيرة عقب التراجع فى الإنتاج مع اضطرار الشركات العالمية الكبرى الى وقف وتجميد أعمالها حفظا على أرواح موظفيها واستدعاء عدد أخر من جنود الاحتلال الى الحرب وترك وظائفهم فى أكبر عملية تعبئة منذ حرب أكتوبر.
زيادة الانفاق العسكرى وتراجع الإنتاج أدى الى توقعات بزيادة العجز فى الموازنة بنحو 6 مليارات دولار وانخفاض قيمة الشيكل الإسرائيلى بصورة غير مسبوقة أمام الدولار حيث أصبح الدولار الواحد يساوى 4 شيكل تقريبا علاوة على تراجع عمليات التداول فى البورصة والخسائر فى الأسهم والسندات التى تملكها إسرائيل فى صناديق الاستثمار الأمريكية.
التقديرات فى تل أبيب تشير الى أن خسائر الاقتصاد الإسرائيلى تقترب من 7 مليارات دولار حتى الآن ومرشحة للزيادة بكل تأكيد مع زيادة أمد الحرب.
فهل يقوى الاقتصاد الإسرائيلى على تحمل نزيف الخسائر فى ظل حرب مجنونة يقودها رئيس وزراء يدرك نهايته السياسية مع طغمته العسكرية والسياسية فى حالة اذا ما وضعت الحرب أوزارها وحانت لحظة الحساب..؟
وهل تستمر الولايات المتحدة فى دعم الاقتصاد الاسرائيلى على حساب المواطن الأمريكى فى وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات فى الولايات الأميركية ضد استمرار العدوان الإسرائيلى والحرب على غزة وتورط واشنطن فيها...!
وعلى الرغم من الآلام والجراح من حصار أهلنا فى غزة وسقوط آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والكبار وتدمير البنية التحتية للقطاع وضرب المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس...على الرغم من كل ذلك فان صمود الشعب الفلسطينى وتمسكه بأرضه يكبد إسرائيل خسار فادحة ويكتب أول سطر فى النهاية السياسية لقادتها .. وربما نهايتها القريبة.