شعبٌ كامل يختفى فى غمضة عين؛ كأنهم أُزيحوا إلى ثقبٍ أسود. هكذا بدا مشهد «غزّة» على رادار العالم؛ عندما قرَّر الاحتلال أن يقطع آخر روابطهم مع الحياة، بينما يُحكِم الخناق على القطاع بأحزمة النار مُتفنّنًا فى طقوس المحرقة. صحيحٌ أن الغزّيين الأطهار حاضرون فى البال دومًا، وهم أثبتُ من المُحتل وأعصى على الاقتلاع والتصفية، ولا يعدو الغياب نطاقَ الحالة الافتراضية؛ إلّا أن الوجود الأثيرى هو ما يتبقَّى لهم، وخسارته كأنها حُكمٌ بالإعدام. لا يختلف الإلغاء الناعم بقَطع الاتصالات، عن الشطب الخشن بإيصال القذائف إلى كلّ بيت؛ كما لو كان الجيش الصهيونى فرعًا لخدمة البريد السريع.. يقولون إنهم يسعون إلى قَطف الرأس الحمساوية؛ لكنهم هدموا مئات المنازل وقتلوا وجرحوا آلاف المدنيّين؛ وما مَسّوا شعرةً فى الحركة ولا اكتفوا من الولوغ فى الدم. الغاية المُضمَرة أن يُفنوا البلاد والعباد، ولأنهم يعلمون استحالة ذلك؛ يبحثون عن كلّ سبيلٍ لخلخلة حاضنة المُقاومة، وأن يجعلوا شريطَ الساحل المُختنق بيئةً طاردةً لا تصلح للسكن، وربما يُمهّدون لقَضم بعض الأرض أو تقسيمها.. خروجًا من التأويل إلى الفعل؛ كان مساء الجمعة جحيمًا مفتوحًا على مليونى فلسطينى، ورسالةً شديدة التبجُّح والإجرام لثمانية مليارات خارج الحرب، لكنهم عاجزون عن وقفها، وعن إدانة القاتل أو حماية القتيل.
أسدل الليلُ ستارته؛ فاشتعل مساء «غزّة» من البرّ والبحر والجو، وتسرَّبت وحدات مُدرّعة من عدّة محاور تحت غطاء القصف، وعلى هَدى القنابل المُضيئة. الأرجحُ أنه لم يكن مُفتتَحًا للاجتياح كما أوحى مُتحدّث الجيش؛ إذ لم تنضج خطّة التوغُّل، ولا تزال محلَّ اعتراضٍ من واشنطن. يُحتمَل أنها كانت حلقةً فى مُسلسل «الاستطلاع بالقوّة»؛ رغم خشونة المُواجهة واتّخاذها هيئة الحرب الكاملة، ولعلّهم يُناورون لاكتشاف تمركزات الفصائل، وترسيم الخرائط، وجمع المعلومات الناقصة. لكن بعيدًا من ذلك، لا يمكن القفز على السياق السياسى المُرافق لحالة التصعيد؛ وأنّ «تل أبيب» تمضى إلى تنحية القانون وفاعليّة المُؤسَّسات الأُمميّة بقوّة السلاح، وبإسنادٍ مُتوحّش ومكشوف الوجه من الولايات المُتّحدة وبقيّة الداعمين. والمُفارقة أن يقول أنطونيو جوتيريش: «إنها لحظة الحقيقة، والتاريخ سيحكم علينا»، فيردّ نتنياهو عليه، وعلى الحقيقة والتاريخ، بسيلٍ وافرٍ من القذائف، وطابورٍ لا ينقطع من النعوش.
كان أهلُ الأرض جميعًا تحت سقف «العدالة المائعة» فى نيويورك. بدأت جلسة الأُمم المتحدة الطارئة عن الأوضاع فى الأراضى المُحتلّة؛ فكانت الهجمة الشرسة بالتزامن مع المُداولات، أو بسببها.. نجحت المجموعة العربية فى تمرير قرارها المدعوم من مجموعة عدم الانحياز، فحصَّلت 120 صوتًا وقَصَرت الرافضين لصالح إسرائيل على 14 فقط، واكتفى 45 بالفُرجة الزاهدة فى التصويت، وسقط تعديلٌ مُقترَحٌ ببصمةِ كندا وإيعاز واشنطن. دعا النصُّ إلى هُدنةٍ فوريّة تسمح بتدفُّق المساعدات وتُفضى لوقف النار، وأدان العنفَ بحقّ المدنيين، ورفضَ أيّة محاولة للترحيل القسرى، مع إبداء القلق من كارثية الوضع الإنسانى، وكان التحايل الغربى محصورًا فى إدانة «حماس» وعملية السابع من أكتوبر؛ كأنهم مُصرّون على اختزال صراعٍ عُمره قرن فى ثلاثة أسابيع، واعتبار «طوفان الأقصى» سببَ الأزمة لا أحد أعراضها. بعد القرار ندّدت تل أبيب بالإنسانية والقانون، أو على الدقّة «الدعوة الشائنة لوقف الحرب» بحسب تعبيرها، وقال مندوبها إن المنظمة فقدت شرعيتها؛ لكنهم كانوا قد ردّوا عليه قبل صدوره بالفعل؛ إذ استبقوه بحزامٍ نارى ومقتلةٍ هائجة وكِتمانٍ غاشمٍ للصراخ. وكأنّ لسان حالهم: لكم القرارات ولدينا المُتفجّرات، وما نُقرّر إحراقه ليس فى وسعكم أن تُطفئوه.
الإبادةُ الجارية فى «غزّة» مكانها مجلس الأمن؛ لكنه عجز عن الاضطلاع بدوره لأكثر من عشرين يومًا، وأُلقيت أربعةُ قراراتٍ فى سلَّة قمامته، ولو دُفِعت أضعافها ما أفلتت من مصيدة «الفيتو» الأمريكى.. استنجد العربُ بالجمعية العامة هربًا من ضباع المجلس؛ رغم أن قراراتها مُجرّد توصياتٍ غير مُلزمة. ربما يتّسع المقام لمُلاحظاتٍ على صياغة المشروع، أو على امتناع الأشقاء من العراق وتونس عن التصويت، وتناقُض المجموعة الأوروبية التى دعت فى قمّة بروكسل قبل يومين إلى التهدئة، تحت صيغة الهدنة والممرَّات الإنسانية؛ لكن أغلب مُمثّليها بالجلسة رفعوا البطاقة الصفراء المُحايدة أو رفضوا القرار.. كان ضروريًّا أن نستخلص من المُنظّمة الاحتياليّة نصًّا أخلاقيًّا، بأقل قدرٍ من الحساسية والمُناكفات، وأن نتجاوز اعتراض بعض الأصدقاء بأثر الرومانسيةِ أو الألم المُفرط، وأن نقول للأُوروبيين إنكم مُنافقون ولو أنكرتم. أهمية الخطوة أنها تقيم الحُجّة على النظام العالمى المُعتلّ بأدواته، وتحرم الراقصين فى حفل «النازيّة الصهيونية» من مسح الدم الذى يُلطّخهم فى الأوراق الأُمميّة، واستعادة السرديَّة المسروقة وقد أرادوا أن يضعوها تحت عنوانٍ مُزيّف: إرهاب المقاومة وحقّ الدفاع عن النفس. التوصية العربية على بساطتها صفعتهم جميعًا، وانتزعت الجرس من رقبة الضحية لتضعه على صدر الجانى.
يُحب الغربيّون دور «اللصّ المُحترف»؛ لذا يعنيهم دائمًا إحكامُ الخطّة وتستيف الأوراق؛ حتى لو استوثقوا من استحالة المُساءلة. إنّهم أخلاقيون طالما كانت الأخلاقُ سبيلاً إلى إحراز الغاية، ومُنحطّون عندما تقتضى المصلحة.. سعوا منذ اللحظة الأولى إلى تكييف المسألة بأردأ التخريجات المُمكنة: «الردّ المشروع على الإرهاب»؛ حتى يطيب لإسرائيل إنجاز فُروض المذبحة مقرونةً بالإفلات من الوَصْم والعقاب.
أسقطوا قرارين روسيِّين فى مجلس الأمن لأنهما لم يُدينا «حماس»، ومزّقوا قرار البرازيل الذى أدانها؛ لأنه لم يُقرّ لإسرائيل حق الدفاع عن النفس، وقدَّمت واشنطن مشروعًا بكلّ المُوبقات التى تُتمِّم لها «الجريمة الكاملة». يعرفون أن غلاف غزّة أرضٌ مُحتلّة، وأن المقاومة ليست جريمةً فى القانون الدولى، ولا أمام العقل والضمير، وما يقع من «تل أبيب» يفتقد الغطاء الشرعىّ، ويندرج تحت صفة العدوان، وأنه بكلّ ما فيه من إبادةٍ وجرائم حربٍ لن يسقط بالتقادم؛ فيتطوّعون بما تبقَّى من شرفهم وإنسانيّتهم لتحصين ذئابهم المسعورة فى دويلة الاحتلال.. ينزلق الغرب بكامل الجسد فى مُستنقع الوضاعة، ويغرف من الدمّ ليشرب نخبَ الحضارة التى تخون نفسَها، وتُجدِّد ذكرى ملايين الجزائريين والأفارقة واللاتينيين والآسيويين والهنود الحُمر، بينما تُكرِّر سيناريو الهمجيّة والتوحُّش والعار مع الفلسطينيين.
كان دانيال هاجارى، مُتحدّث العصابة الصهيونية المُسلّحة، قد قال فى أيام العدوان الأولى إنهم «يُهاجمون كما لم يحدث منذ عقود»؛ ثمّ عادوا مساء الجمعة ليقولوا إنهم يُنفّذون ضربةً غير مسبوقة.. الجحيم الذى كان شديد الشراسة بدرجةٍ غير معهودة، صار عاديًّا وتلاه جحيمٌ أكبر، وغير المسبوق اليوم سيتبعه «غيرُ مسبوقٍ» جديدٌ غدًا. صار قطاع غزّة كومةَ خرابٍ، وقبورًا لا تُغلق أفواهها، وترى الخارجية الأمريكية أن إسرائيل تُمارس حقًّا سياديًّا، ولا يُريبهم ذلك فى شىءٍ أو يرصدون فيه أىَّ تجاوز، ويُرسل «بايدن» مَددًا من الموت المُعبّأ فى أغلفةٍ معدنيّة مُتفجّرة، بدلًا من إرسال علب «الدونتس» للأطفال الذين لن يشكروه قطعًا على تمزيق أجسادهم؛ بل إنه يزيد على ذلك بوضع الخطط وتكديس البوارج والمُرتزقة، ويتحرَّش بالمنطقة ويقصف خصومَ الحليفة المُدلَّلة، ثم يقول إنه جناه مُنفردًا دون تنسيقٍ معها؛ حتى يُجنّبها مغبّة الردود الانتقامية. لعلَّ فى بقاء الدولة العبرية مصلحةً للبلطجى الأكبر بالعالم؛ لكنّ الصورة الأخيرة لا تبدو دفاعًا من زعيم المافيا عن أحد رجاله؛ بل الدلالة الغالبة عليها أنّ بلد التحرُّر والقِيَم والأُمثولة الحضارية السامية، انحطّ إلى مرتبة بندقيّة راعى البقر، وأنه بكامل ذخيرته الأخلاقية، من لينكولن وجيفرسون وجورج واشنطن إلى الكابيتول والبيت الأبيض وتمثال الحرّية، قد خلع قناع المدنيّة والتحضُّر، وعاد «قاطعَ طريقٍ» بين عصابات الغرب الأمريكى، و«قاتلًا أجيرًا» فى جنازات الشرق الأوسط.
إن كانت أنحاء غزّة تغرق اليوم فى «طوفان الأقصى»، على ما يدّعون؛ فأىّ طوفانٍ يُغرق الضفّة الغربية؟ لقد قُتِل زهاء 120 واعتُقِل عدّة مئات، والسجون التى كانت تعجُّ بستّة آلاف أسير تضاعف ساكنوها؛ بعدما استأسد حاخامات الحكومة على آلاف العُمّال الغزّيين، وقد عبروا الحدود لكسب الرزق فاتّخذوهم رهائن. وعجز السيد العجوز الخَرِف «بايدن» عن أن يردَّ «هتلر التوراتى» المُسمَّى تمويهًا بنيامين نتنياهو إلى عقله. كان قد طالبه بتهدئة جبهة الضفّة حتى لا تُفلِت الأوضاع إلى انتفاضةٍ عارمة؛ لكنه تلقّى الرسالة ثم دَاسها بحذائه، وأطلق حثالة المُستوطنين على المُدن والمُخيّمات. يذكر «كاوبوى البيت الأبيض» أن جولدا مائير قالت له قبل خمسة عقود، وكان عضوًا فى مجلس الشيوخ، إن الإسرائيليّين لديهم سلاحٌ فعّال للغاية هو أنه لا مكانَ آخر ليذهبوا إليه، لكن «ألزهايمر» يضرب رأسه عندما يلتفت ناحية أصحاب الجغرافيا والتاريخ. نفايات العالم التى جمعوها ولفّقوا لها دولةً لا يعرفون لأنفسهم وطنًا بديلًا، أمَّا الذين نبتوا من طين الأرض فيُرَاد لهم أن يرحلوا عنها. يحتاج السيناتور، الذى صار عبئًا بدرجة رئيس، إلى مَن يهمس فى أذنه: السلاح الذى أشهرته راعية البقر والدجاج فى «كيبوتس ميرهافيا»؛ سرقوه أصلًا من الفلسطينيين.
أوصل الإسرائيليون رسالتهم الجارحة فى مظروف بالٍ من كثرة الاستخدام. يعرف العالم أنهم همج وعدوانيون، ويتحققون فى مرآة أنفسهم بالقتل والنهب؛ لكن الاستفراد بأهل غزة ليلاً كاملاً لم يبدل المُعادلة؛ طلع الصباح عليهم كما ستطلع كل الصباحات المقبلة، صحيح أنهم مثخنون بالجراح لكنهم قادرون على الحياة وقابضون على الأمل. الحقيقة التى تتهرب إسرائيل منها أن هيبتها سقطت أمام صلابة العزّل المساكين، وأنها فقدت صورة الردع التى توحّشت كثيرا من أجل تثبيتها، وما عاد أحدٌ من سكانها قبل داعميها المجانين يثق فى قدرتها على تحقيق الأمن وحماية الحدود، أو كفاءة عقلها السياسى وآلتها العسكرية فى حسم المعارك الخاطفة. بانت هشاشة الدولة العبرية وانكشف أنها «نمر من ورق»، وحلقة النار التى تتقافز داخلها قد تُحرق أطرافها، بأكثر مما تخيف خصومها. الجميع يتحسّبون من استشراء الجنون؛ لكن الحرارة آخذة فى التصاعد، وبرميل البارود الذى تجلس عليه بيقين ساذج، يُهدد باتساع النزاع فى أية لحظة إلى مواجهة شاملة.. أخطر ما تسير إليه الموجة اليمينية المُعزّزة بانتهازية الليكود وأصولية الحريديم وسُعار الجنرالات، أنها تسد المنافذ لصالح «الخيارات الصفرية»، وتُحرف المحنة لتبدو فرصة تاريخية، فتُحلق بعيدا عن مسارات العودة أو مدارج الهبوط الآمن.
أخلى أمينُ الأُمم المتّحدة مقعده على رأس العالم قبل أسبوع؛ حتى يُسجِّل على إسرائيل تعنّتها عند بوابّة رفح. أفاق الرجل لحظةً فقال إن الاحتلال أصل المشكلة، وما فعلته «حماس» لم يأت من فراغ؛ فأنشبت إسرائيل مخالبها فى لحمِه حتى عاد إلى الحظيرة، وسحب رسالته الناعمة بتصويبٍ أشدّ نعومة. البلد الذى يُمارس إرهابًا على دُرَّة النظام العالمى، وعلى سيّده المُنتدَب لتوزيع الابتسامات عِوضًا عن المواقف الجادة؛ ليس كثيرًا ولا صادمًا أن يبتلع شعبًا فى قاع الدنيا، يحيا من دون أوراقٍ ثبوتية، وما زال يُفتّش عن دولته بعد سبعة عقودٍ من كتابة دستورها بالدموع والدماء. كان الموقف العربى فى جلسة الجمعة مُتقدّمًا، ما عاد الغول الأمريكى يُخيف المنطقة أو يكتمُ صوتَها، وأُذيع على الجميع أن القضية لا تقبل التصفية دون حلٍّ نهائى عادل، ولا على حساب ضحايا آخرين يتكفّلون بالفاتورة بدلاً صاحب الجُرم.. توسعةُ العملية البرّية لن تُخرِج الغطرسة الصهيونية من البئر؛ سواء امتدّت إلى هجومٍ كاسح، أو احتُبِست فى غُرفة العمليات الجراحية المُوجّهة. والغطاء الأمريكى المُسدَل بلا نهايةٍ لن يستر العدوان حتى يكنس الغزّيين، أو يُلقى القطاع فى البحر أو فى حِجر الجيران. يُولَد الفلسطينى مُقاومًا بالفطرة، ويرضع ذاكرة النكبة وقُدسيّة الثأر مع حليب الأم، ولو كان ميسورًا أن يُشطَب من أرضه؛ ما كُنّا اليوم أمام سبعة أضعاف الذين سكنوا غزّة قبل خمسين سنة فقط.
الأغلبيةُ التى اصطفّت خلف مشروع القرار العربى؛ أكَّدت أن الكذبة الصهيونية بضاعةٌ كاسدة لن يشتريها العالم. ربما تُلام «حماس» لأنها وضعت الناس بعد الغضب؛ لكنّ الإدانة كاملةً على عاتق الصهيونية العبرية والغربية؛ لأنها وضعت القوّة قبل العقل، والمصلحة فوق الضمير. يتعرَّى نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية من أوراق التوت؛ كأنه فى «رقصةٍ غرائزية»، وتتشكّل مرحلةٌ قد يفقد فيها الجميع إيمانهم بالقانون. ضُرِبت السطوة الأمريكية بعدّة حوادث أمنيّة فى الداخل والخارج، وتكرَّرت الخروقات فى فرنسا وبلجيكا وغيرهما، وقد تتّسع الشراسة كلَّما ضاقت أبوابُ الرحمة، ولعلَّ الأُصوليّات تتلقّى اليوم أكبر جرعات التنشيط بعقارٍ إسرائيلى فى حقنةٍ أنجلوساكسونية.. تحترق السياسة الآن فى أفران الحرب، وعندما تسكت القذائف، قد لا يكون ميسورًا ترميم الصدوع التى أحدثها الاحتلال فى جدار المنطقة. الدولة الاستيطانية تستثمر فى الكراهية كما استثمرت فى الانقسام، وبينما تمضى إلى محاولة شَطب الخصوم من دفتر القضية؛ تُغامر على الحقيقة بأن تخترع لنفسها أعداءً أشدّ راديكالية، وحلقاتٍ من اللهب كُلّما تُرِكت أو نُفِخ فيها؛ تصاعدت احتمالات أن تتّسع أو تلتحم. إنهم يصنعون «الهولوكوست» فى غزّة؛ وقد يتفجَّر فى وجوههم منها، وربما من محاور واتّجاهات وعواصم أُخرى.