أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التى تهمُّ الأسرة المصرية.
وقامت دار الإفتاء بتوزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعى.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات فى العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـرى والتكويـن الجسـدى لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعى الطبع مع دواعى الشرع، وذلك على النحو الآتى:
1- يفضل أن تعوِّدا طفلكما على عرض أفكاره بصورة حسنة بحيث يكون قادرًا على التعامل مع المجتمع.
إبداء الأفكار وعرضها بصورة مقبولة وإقناع الآخرين بها قد يكون موهبة عند بعض الناس، لكن هذا الأمر يمكن تعلُّمه من خلال الأسرة، حيث ينشأ الطفل ولا دراية له بالواقع من حوله، ثم إنه يتعرف عليه شيئًا فشيئًا من خلال أسرته، وطالما يسود الأسرة جوّ الألفة والمحبة والحوار فلا شك أن الطفل سيكون قادرًا على مهارة عرض الأفكار ومناقشتها والتدليل عليها والاقتناع بها.
2. رغبا طفلكما فى القراءة، كقراءة القرآن الكريم والقصص الهادفة والمشوقة.
بالقراءة تنمو الدول وتنهض الشعوب، وقد حث القرآن الكريم على القراءة لتحصيل المزيد من العلم، قال الله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، بل هى أول ما نزل من القرآن كما قال العلماء، ومن الأفضل أن تكون القراءة متنوعة لتجعله ينشأ نشأة ثقافية متوازنة، فالإفراط فى قراءة نوع معين من المعرفة قد يجعله يميل إليه ويترك الجوانب المعرفية الأخرى، بل ربما لا يقدِّر أصحابها فى المستقبل، وخير الأمور الوسط.
3. شاركا طفلكما فرحته وكافئاه أن أنجز شيئًا، أو توقف عن سلوكه العنيف أو السيئ، تشجيعًا له على الاستمرار.
احذرا أن تهملا هذا الأسلوب فى التربية فيتسرب إلى طفلكما الإحباط متى شعر بعدم تقديركما أو إهمالكما له، وفى الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله ما أسلمتُ من أجل المال، ولكنى أسلمت رغبة فى الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ».
4. نوِّعا مكافأة ولدكما، فمرة كافئاه بالمال، وأخرى بالمدح والثناء عليه، وثالثة بشراء شيء يحبه، وهكذا.
لا شك أن المكافأة على المعروف تجلب الخير، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صُنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ فى الثناء»، وفى ذلك تعويد له على التلفظ بالكلمات الراقية وتدريب له على مقابلة المعروف بالمعروف، وتحفيز لهمته ودفع لنشاطه.
5. اغرسا فى نفوس أولادكما أن المقصود من وراء العلم العمل به.
العلم الحقيقى هو ما يقربك إلى الله تعالى، ويكون فى خدمة الناس ويعود بالنفع عليهم، ويدخل فى ذلك كافة العلوم والفنون، كالعلوم الإنسانية والشرعية واللغوية، وعلوم الهندسة والطب والفلك والبرمجيات، وعلوم الإدارة والاقتصاد والتجارة، وعلوم الأحياء والطبيعة والكيمياء، إلخ.
ففى الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عَمِل بما عَلِم وَرَّثه الله عِلْم ما لم يعلم»، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى من علم لا ينفع.
6. علِّما أولادكما احترام إخوتهم واحترام الكبير.
الاحترام والتقدير بين الأبناء والآباء وبين الأبناء بعضهم لبعض دعامة أساسية لترابط الأسرة وتماسكها وقوة العلاقة بين أفرادها، فلا تهملا توجيه طفلكما الدائم إليه والتعبير عنه بالقول والفعل، وعلماه أن يحترم الكبير، فلا يتكلم إلا بإذنه، ولا يسبقه إذا مشى، ولا يرفع صوته إذا خاطبه، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا».
7. اغرسا فى نفوس أولادكما التعامل المهذب الراقى، والنطق بالألفاظ الجميلة.
الإسلام دين ذوق وجمال فأظهرا الأدب عند التعامل مع الناس، باختيار العبارات اللطيفة الراقية مثل: تفضل يا فلان، أو: من فضلك، شكرًا لك، وهكذا، ليتعلمها الأولاد منكم.
وكذلك علموهم التعامل الراقى، نحو: تقديم الكبير سنًّا ومقامًا عند الدخول والخروج وركوب السيارة، والانتظار واقفًا حتى يجلس الكبير، وكذا عدم مقاطعة حديثه وانتظاره حتى ينتهى من كلامه، وبهذا يحظى باحترام الناس وتقديرهم ومحبتهم له وإشاعة الألفة بينه وبينهم، وفى الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن يألف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف».
8. عوِّدا طفلكما محبة الأقارب والتعرف عليهم والاتصال بهم والسؤال عنهم، فهذا مما يساعده على الصلة وعدم القطيعة فى المستقبل.
قال صلى الله عليه وسلم: «من أحبَّ أن يُمدَّ له فى عمره، ويُبسط له فى رزقه، ويُدفع عنه ميتة السوء، ويُستجاب له دعاؤه، فليصل رحمه»، وذلك باصطحابه لزيارتهم، والتحدث أمامه عن محاسنهم ومواقفهم الجميلة، وذكر ثواب من وصل أقاربه وبرَّهم، مع الحذر من ذكر مساوئ الأقارب أن وجدت، ففى الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُبلغُنى أحدٌ من أصحابى عن أحدٍ شيئا فإنى أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَليمُ الصدر».
9. ألْزِما طفلكما الصدق فى أقواله وأفعاله وحذِّراه من الكذب.
تكون معالجة الكذب بمعرفة أسبابه والعمل على تخليص طفلكما منها، ومن ذلك: إشباعه بالحب والحنان، ومعاملته برفق، وإزالة أسباب الخوف التى تحمله على الكذب، وإرشاده إلى فضل الصدق، وجزاء الصادقين، وضع أمامك قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور».
10. عوِّدا أولادكما على حفظ السر، وأن السر أمانة.
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «المجالس بالأمانة»، واذكرا له النماذج الصالحة فى ذلك، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال: “بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاجةٍ فأبطأتُ على أمى، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت ما حاجته؟ قلت: إنها سِرٌّ. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا”. فكان سيدنا أنس يقول لتلميذه بعد أن صار شيخًا كبيرًا: “والله لو حدثتُ به أحدًا لحدثتك به يا ثابت”.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة