عادل السنهورى

هل تنجح المظاهرات في وقف الحرب على غزة؟

الأحد، 29 أكتوبر 2023 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الرهان بات واضحا على المظاهرات والوقفات الاحتجاجية المتصاعدة في الكثير من دول العالم العربي والإسلامي وعدد من الدول الأوروبية، ثم -وهو الأهم- الاحتجاجات داخل الولايات المتحدة الأمريكية على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والمستمرة منذ يوم 7 أكتوبر وحتى الآن، وراح ضحيتها أكثر من 7 آلاف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

الاحتجاجات ضد الحرب البشعة للكيان الصهيوني بدأ يعلو ضجيجها وصخبها مع بداية تكشف الحقائق على الأرض وأنباء وصور المذابح والدمار والخراب الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الهمجي على نحو 2.3 مليون نسمة في غزة، وبدت مثل كرة الثلج التي تتضخم يوما بعد يوم.

الآلاف تدفقوا إلى شوارع وميادين العواصم العربية في القاهرة وبغداد ودمشق وبيروت والرباط وتونس والجزائر وموريتانيا والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني، ومع تزايد أعداد الضحايا من الأبرياء الأطفال والنساء وفرض الحصار على غزة وقطع الكهرباء والماء والوقود ثم قطع الاتصالات بدأت أصوات الاحتجاجات تعلو في عواصم الدول الأوروبية، بما فيها الدول التي انحازت إلى إسرائيل وأيدت العدوان تحت لافتة "الدفاع عن النفس".

بالأمس خرجت عشرات الآلاف من المتظاهرين -حوالي مائة ألف شخص- في لندن للمطالبة "بوقف الحرب في غزة" ودعم الفلسطينيين، وحضر آلاف المتظاهرين ضمن مجموعات صغيرة أو عائلات إلى ساحة ماربل آرتش وسط العاصمة البريطانية، وهتفوا "فلسطين حرة"، حاملين عشرات الأعلام واللافتات الفلسطينية التي كُتب عليها "غزة: أوقفوا المجزرة" و"أوقفوا الاحتلال"، وفي فرنسا أوقفت الشرطة عشرات المحتجين على الحرب ضد غزة، وفي نيودلهي ودبلن وعدد من الولايات المتحدة ندد الآلاف بالحرب اللاإنسانية ضد الأبرياء.

كان اللافت في مظاهرات الأمس هي مظاهرة مئات اليهود في نيويورك احتجاجا على القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، طوابير طويلة من الشباب كبلوا أيديهم وهم يرتدون قمصانا كتب عليها "ليس باسمنا" و"وقف إطلاق نار الآن"، وألقت الشرطة القبض على حوالي 200 شخص داخل محطة القطار، في أكبر عملية عصيان مدني تشهدها مدينة نيويورك في خلال عشرين عاما يشارك فيها الآلاف غالبيتهم من اليهود.

وتنتظر نيويورك مظاهرة حاشدة يوم السبت المقبل تضم مئات الآلاف أمام مبنى الكابيتول للتنديد بالحرب وبموقف الرئيس الأمريكي جو بايدن.

الرأي العام الغربي بدأ التحرك ضد مواقف حكوماته، خاصة في واشنطن ولندن وفرنسا، والاحتجاجات في ازدياد، ومراكز قياس الرأي بدأت في اظهار قوة الاحتجاجات والمظاهرات وتأثيرها على مواقف الحكومات المؤيدة للحرب على غزة.

في الداخل الإسرائيلي ألمحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى القلق في إسرائيل من أيام الغضب في العالم التي قد تؤثر في قرار استمرار الحرب والضغط على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وهو ما يفسر سر الهجوم غير المسبوق من قوات العدو الإسرائيلي على غزة مساء الجمعة برا وبحرا وجوا في محاولة لتحقيق أية أهداف أمام الرأي العام الإسرائيلي.

يبدو السؤال حول مدى تأثير الاحتجاجات والمظاهرات المتصاعدة للرأي العام حول العالم وفي أوروبا وبصورة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية على الحكومات وإمكانية نجاحها في وقف الحرب...فهل يتحقق ذلك؟

ربما يتحقق ذلك جزئيا في دول أوروبية، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، التي بدأت مواقف زعمائها تتراجع عن مواقفها الحادة من الحرب في البداية، لكن يبدو أن الرهان الأهم والمنتظر سيكون على الاحتجاجات والتظاهرات داخل الولايات المتحدة الأمريكية التي يستعد رئيسها لخوض الانتخابات الرئاسية التي تدور رحاها الشهر المقبل ومدى تأثير التظاهرات الغاضبة من موقف بايدن على تلك الانتخابات.

ولا تنسى الذاكرة الأمريكية التأثير القوي للاحتجاجات والمعارضة ضد تدخل الولايات المتحدة في حرب فيتنام عام 64 وتحولت تلك الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية واسعة على مدار السنوات القليلة التالية، وساهمت هذه الحركة فى إنهاء الحرب على الرغم من الأساليب العنيفة للشرطة الأمريكية في فض التظاهرات السلمية . وبحلول عام 1967، وفقا لاستطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة جالوب، اعتبرت غالبية متزايدة من الأمريكيين أن التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام كان خطأً، وهو ما أيده بعد ذلك بسنوات المسئول عن تخطيط الحرب الأمريكية، وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت ماكنمارا.

ولعبت وسائل الإعلام أيضًا دورًا كبيرًا في استقطاب الرأي الأمريكي فيما يتعلق بحرب فيتنام، وكانت النتيجة قيام الولايات المتحدة بسحب جميع القوات الأمريكية بالكامل في أغسطس 1973. وخلّفت الحرب عددًا كبيرًا جدًا من الأرواح في الجانبين، حيث تراوحت أعداد الجنود الفيتناميين والمدنيين الذين قتلوا حوالي 275 جنديا وحوالي 58 ألفا من أعضاء الجيش الأمريكي، واضطر الرئيس ليندون جونسون للانسحاب من سباق الانتخابات عام 68 في حملة إعادة انتخابه.

فهل يتكرر المشهد في الأزمة الحالية بعد أن الانحياز الكامل لبايدن والدعم بالأموال والسلاح وإرسال أكبر حاملات الطائرات الأمريكية إلى مياه البحر المتوسط؟

الأمر يتوقف على مدى استمرار المظاهرات وتصاعدها وموقف العرب والمسلمين من بايدن، فالتقارير تكشف عن حالة من الاستياء والغضب من عرب ومسلمي أمريكا من موقف الرئيس بايدن ويطالبونه حاليا ببذل المزيد من الجهد لمنع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة من التوسع وإلا سيخاطر بخسارة تأييدهم في انتخابات الرئاسة لعام 2024، وشددوا على بايدن للضغط على إسرائيل بوقف القصف على القطاع المحاصر.

انتقادات العرب والمسلمين لبايدن زادت حدتها مع مساعيه لتقديمه مساعدات أمريكية إضافية لإسرائيل قيمتها أكثر من 14 مليار دولار، بالإضافة إلى دعم إسرائيل عسكريا، واستخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن لوقف القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة.

الإشارات والتلميحات إلى أن تزايد وتنامي هذا الغضب قد يؤثر على مساعي بايدن الديمقراطي لإعادة انتخابه رئيسا العام المقبل، خاصة إذا كان المنافس على المنصب هو المرشح الجمهوري الأبرز دونالد ترامب، رغم أن غالبية من العرب والمسلمين الأمريكيين لن يصوتوا له لكنهم قد يحجمون أيضا عن التصويت لبايدن.

وعلى الرغم من غياب إحصاءات حقيقية عن كتلة التصويت العرب والإسلامي في الولايات المتحدة إلا أنها كتلة مؤثرة وبنسب لا يستهان بها، وخاصة في بعض الولايات الأمريكية.

الرهان على الرأي العام الأوروبي والأمريكي مع صمود المقاومة وتأرجح مواقف بعض الزعماء الأوروبيين أصبح دافعا لإمكانية التأثير في صناعة القرار العالمي لوقف حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة