خيط رفيع، هو ذاك الذى يربط أحلام الوطن بحاضره ومستقبله.. يربط روح الأمة بجسدها.. خيط رفيع تتحول معه الرؤية والأمل لعمل وفعل وإنجاز تتجاوز حدوده مرتبة الإعجاز.
وبين الرؤية والأمل والانجاز، يتبلور الحلم القومي لشعب فى مشروع قومى شامل للشعب، تمتد مساحته وعمقه وتأثيره بقدر طموح الشعب وقدراته ورصيده الحضاري والإنساني، وفي القلب منه قوة الإرادة والصبر المستمد من صلابة معدن أبناءه.
وتنتظر الشعوب - التي تملك رصيدا تاريخياً من المجد - عقودا وربما قرونا ليصل إلى مقعد الحكم فيها من يملك القوة والبصيرة ليعرف سر أمته الكامن في وجدان شعبها؛ فيمسك بهذا الخيط ويتمسك به ليغرس بذرة الأمل ويغرس معها أساسات البناء والعمران.. عمارة البشر وعمارة الحجر، مستنهضا فى ذلك قدرات شعبه للعمل والانجاز.
ولطالما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن حلمه لمصر.. حلمه الذي يسكن وجدانه والذي هو وبمفرداته الظاهرة والباطنة الحلم الكامن في وجدان كل مواطن مصري.. سر الأمة المصرية في زماننا وعبر الأزمان.
استكمال الحلم للوطن الغالي "مصر: أكد عليه الرئيس السيسي -أمس الاثنين- في فعاليات الجلسة الختامية لمؤتمر "حكاية وطن بين الرؤية والانجاز" حيث قال سيادته: "وقد كانت إرادة المصريين – وما زالت – هي المحرك الرئيسي، والباعث الأساسي، لاستكمال الحلم في بناء دولتنا العصرية الحديثة.. التي تليق بما قدمه شعب مصر من تضحيات.. ونحن على أعتاب جمهوريتنا الجديدة.. التي تسعى لاستكمال مسيرة بقاء الدولة.. وإعادة بنائها على أسس الحداثة والديمقراطية.. فإننا نجدد العهد معا، على العمل من أجل استكمال أحلامنا، لمصرنا العزيزة.. وطننا الغالي المروي بدماء الشهداء وتضحيات كل المصريين.. وطنا عظيما قويا.. قائما على أسس العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ودولة المؤسسات، التي تحقق لمواطنيها الحياة الكريمة.. ولأجل أحلامنا سنعمل معا على تحقيقها".
وآمن السيسى بحلمه لوطنه فاستوطن روحه وعقله؛ ليحدد مبكرا خياراته في دراسته ونهجه وعمله وصولا لتحويله إلى واقع ملموس يرى فيه المصريون بلادهم مصر، التي أرادوا أن تكون مثلما قرأوا عنها في الماضي في كتب التاريخ بأنها مصر القوية الأبية، مصر العِلم والمجد والعمران التي شكلت حضارتها مصدر إلهام لما بعدها من حضارات.
ولم يكن هذا الحلم يوما بعيدا عن وجدان الشعب المصري، فتراهُ يستحضِره في لحظات الوهن والاحباط حتى يستقوي به ويستلهم منه القوة والارادة فيحول معه كل تحدٍ لفرصة وكل لحظة انكسار لملحمة انتصار وفخار.
وفي منعطف جديد لمسيرة الأمة المصرية خشي فيه المصريون من تهديد شيطاني أراد ضرب هويتها ودفن حلمها جاءت اللحظة التي دفع فيها الشعب صاحب الحلم لمقعد الحكم بعدما رآه وقد امتلك شجاعة القرار وآثر خيار التضحية بنفسه لينقذ شعبه وبلده من براثن حكم فاشي تجاهل وابتعد عن سر الأمة ولفظ اسم الوطن ناهيك عن أحلام الوطن.
بسيط كان هذا الحلم في عنوانه بقدر ما هو صعب في تفاصيله وفي أدوات تحقيقه.. حلم أن "تحيا مصر" حلم إزاحة جبل الرمال الذي غطى لقرون طوال جسد مصر القوي وأخفى معالم وملامح وجهها الصارم الجميل؛ كي تعود مثلما كانت ملكة جمال الأوطان.
ويوما بعد يوم يواجه رئيس مصر وشعبها تحديات تنأى عن حملها الجبال في الداخل والخارج، ولكنه يتصدى لها ليسطر كل يوم سطرا جديدا في لوحة الحلم الجديدة، لوحة ينقش المصريون في الصخر حروفها بعدما استصرختهم دماء شهداء الوطن ألا يتنازلوا عن تحقيق الحلم الذي ضحوا بأرواحهم من أجله.
ويخوض قائد مصر معركة التاريخ الحديث الأشرس بقدر شراسة ومكر خصومها، حيث يخوضها ببصيرة نقية وإرادة صلبة وبثقة لامحدودة في أن شعب مصر، ورغم كل الحروب النفسية والتشويش والمؤمرات بوجهها الفوضوى والتخريبي - سوف يضع فوق يد رئيسه مائة مليون يد داعمة مؤازرة ليواصل مهمته المقدسة ويستكمل لوحه الحلم الجديدة لمصر.. حلم اليوم الذي يمتد إلى كل شبر من بقاع مصر ولكل نقطة من مياه نهرها وبحارها.
وليس مستغربًا أن يكون اكتمال لوحة الحلم التي ينقش الرئيس السيسى تفاصيلها على أرض مصر أكبر كابوس يؤرق أهل الشر، أعداء لمصر كانوا أو حاقدين.. ولم ولن يفاجأ شعب مصر بتكرار محاولات من يؤرقهم ذاك الكابوس ليل نهار للنيل من نبل عطاء القيادة المصرية ومن الانجازات المتعاظمة لشعب مصر في عهده.. وسوف نراهم كل يوم يصوبون سهام الحقد ونيران الإحباط والتشكيك نحو مصر بأبواقهم المسمومة وأموالهم الملوثة، بل وستراهم في مفارقة غير مسبوقة تتنافى مع المنطق السليم يهاجمون دوما تدشين كل بناء وكل عمران ويشوهون كل من يزرع ويبني ويُعمِر، وكلما أزال المصريون من فوق جسد ووجه الوطن التراب ستجدهم يحاولون من بعيد أن يهيلوا عليه بأياديهم تراباً ويقذفون من ألسنتهم وأبواقهم سموماً.
والأشرار الحاقدون، الذين يؤرقهم أن تتحقق أحلام المصريين وقائدهم لمصر، فاتهم وهم يتآمرون ويحرضون أن يستكشفوا نوعية المعدن الأصيل الذي انصهر به شعب مصر فتشكل معه جسده وروحه وعقله.. فأتهم معرفة أن هذا الشعب في أزمنة التحدي وفي لحظة الحقيقة، لحظة الاختبار ينصهر في معدن الصبر ويختار فقط أن "تحيا مصر".
ولعل لوحة الحلم الجديد المتجدد لمصر كانت الحاضر الغائب وراء كلمات الرئيس خلال مؤتمر "حكاية وطن"... ومن يعرف سِر الأمة المصرية ومعدن شعبها النادر لن يراوده شك في أن قلوب المصريين قبل آذانهم تلهمهم سبيلهم للاختيار التاريخي الذي ينهض به ومعه الجسد المصري شامخاً مهاباً مرة أخرى؛ فيرى النور ويضيىء معه وجه الوطن ويسطع لينشر من جديد مفردات الحضارة الإنسانية في ربوع الكون بأسره.
ومن قناة السويس الجديدة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وهكذا العشرات من المدن الجديدة، مرورا أو بالأحرى عبوراً بتنمية سيناء وزراعة مليون ونصف مليون فدان ويزيد، وإقامة ما يناهز عشرة آلاف مشروع عملاق في عشر سنوات فقط يتم تغذيتها عبر شرايين للطرق ووسائل للنقل الحديث ترابطت بها فعلا لا قولا أنحاء الجسد المصري، وموانئء ومطارات تجعل من مصر مركزا تجاريا عالمياً، إعادة هيكلة عصرية لكافة قطاعات الدولة وفي مقدمتها الصحة والتعليم استقوى بها جسد مصر وضخت الدماء في شرايينه مجددا واستعاد معه وجهها بريقه وعنفوانه.. "يجب أن نسعى نحو أحلامنا وأن نصدق أننا نستطيع تحقيقها".. عبارة أكد عليها الرئيس السيسي في افتتاح عدد من المشروعات القومية.
استقرار وأمان داخلي تحصنت به أركان مصر وحدودها وجبهتها الداخلية في الحاضر، وإعداد لجيل قادر من الشباب يحمي إنجازات الحاضر ويقود باقتدار المستقبل وسياسة خارجية بناءة وناجعة لم تعُق لإنفاذ أهدافها التحديات ذات الصلة بتنافس وتصادم مصالح القوى العظمى وربما تضارب مصالح القوى الاقليمية، سياسة هيأت واستثمرت المناخ الدولي والإقليمي لتعزيز الانجازات الداخلية وتعظيم المكتسبات وتقليص الاثار السلبية الناجمة عن المتغيرات الخارجية إلى الحد الادنى في وقت نشهد فيه جميعا دمار أمم وتفتت دول وضياع هويات شعوب وانسياق أخرى لمجاعات وتشتت بشر اُخرْجوا من أوطانهم.
وعلى المستوى الإقليمي، وقفت مصر ولم تزل "حائط صد" ضد محاولات إحداث انهيار شامل في النظام الإقليمي العربي، مثلما وقفت ولم تزل مدافعة عن مصالح قارتها الإفريقية أمام محاولات قوى خارجية استنزاف واستغلال مواردها على حساب مصالح شعوبها.
فهناك ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطنى مستقل، ومحددات السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس السيسي في خطاب التنصيب في يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصري، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية مبادئ أساسية لسياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة.
انجازات السياسة الخارجية لمصر وهي على أعتاب جمهوريتها الجديدة، شهد لها العالم.. فشغلت مصر خلال عشر سنوات مقاعد إقليمية ودولية مهمة، ومن بينها رئاسة الاتحاد الإفريقي وعضوية مجلس الأمن، كما حصلت على عضوية العديد من المنظمات والتجمعات وكان آخرها تجميع "بريكس"، وقادت خلالها العديد من الملفات العامة وعلى رأسها ملف المناخ.
(عشر سنوات فقط) تمكنت فيها مصر بنجاعة سياستها الخارجية وتماسك جبهتها الداخلية من إضعاف وتحييد الخصوم وتوسيع دائرة الأصدقاء والشركاء والحلفاء.. (عشر سنوات فقط) انتقلت مصر خلالها من ضعف مؤسسات الدولة إلى استعادة تماسكها وصولا إلى استعادة الهيبة والنفوذ اقليميا ودوليا.. وانتقل الدور المصري في مفردات النظام العالمي الجديد إلى دور الفاعل.
كما أن الرئيس السيسي أدرك - منذ اللحظة الأولى لتوليه مقعد القيادة - أن بناء الوطن لابد معه من بناء الإنسان، وأن البناء الحقيقي للوطن والإنسان يكون للجسد مثلما الروح، وأدرك الرئيس قبل كل ذلك، أن بذرة الأمل لم ولن تكون وحدها أبدا كافية لزراعة شجرة الوطن وحصد ثمارها وأن غرس بذرة الأمل لابد معه من ري وحماية بذرة الضمير، الضمير الذي يضمن أن تنمو شجرة مصرنا وتمتد فروعها يوما بعد يوم صوب السماء.
وكان هذا جوهر المهمة المقدسة التي أخذ السيسي على عاتقه مهمة إنجازها منذ اليوم الأول إيمانا منه بأن مصدر قوة مصر وإلهامها للعالم مستمد من كونها ليس فقط أول أرض غرس فيها الإنسان بذرة للزراعة، بل وقبل ذلك وبعده من كونها أول ارض بزغ منها فجر الضمير.
وبالأمس.. استمع المصريون لكلمة الرئيس السيسي في "حكاية وطن" واستمعوا لرسالته الواضحة في ختام كلمته عندما قال مخاطبا شعبه "إن نبتة الأمل تزدهر دائما بالعمل.. والصدق في القول والتجرد في العمل، هما السبيل الذي نبلغ به الحلم معا باذن الله".. وفي الغد القريب يرى المصريون ويرى العالم بأسره بزوغ جمهوريتنا الجديدة التي تجسد ملامح حلم قائد مصر وشعبها.. الحلم الذي يتحقق بالتجرد في العمل والصدق، وفي تحقيق أحلام المصريين دوماً يكمن سر.. سر صاغته الأمة المصرية.
"وفي مواجهة الشدائد أمامنا خياران (ننتصر أو ننتصر) ويظل كل كبرياء وتكبر وحقد ومكر الأعداء أمام عظمة مصر وميضاً.. وميضٌ يمُر لتبقى وتحيا مصر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة