قال تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل: 88، وفي هذا المقام يتحتم على الإنسان أن يتقن ما يعمل دون خلل في الوقت مع التمسك بالمعايير التي يتطلبها المنتج المستهدف؛ ليصل إلى مبتغاه في الدارين.
وفي ذات السياق وفي كلمة رصينة خلال افتتاح واستعراض المعرض الثاني للصناعات المصرية، الذي ينظمه اتحاد الصناعات، أكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن اتقان العمل يتأتى من مهارة ترتبط بخبرة تتسم بالعمق يمتلكها الفرد ويدرك تمامًا أهميتها في تحسين وتطوير وزيادة الإنتاج؛ فيستطيع أن يستثمر الوقت وينمي دومًا من معارفه التي تؤدي به إلى مزيد من الابتكار في مجاله؛ ليصل إلى أفضل أداء، ومن ثم نصفه بأنه أدى عمله على أكمل وجه.
ويقابل ذلك بصورة عكسية ضعف الاهتمام بالوصول في العمل لمرحلة الاتقان؛ حيث يتبعه ضعف الإنتاجية وتدني الأداء المهاري لدى الفرد، وندرة اهتمامه بالمعارف التي تسهم في تنمية ممارساته في ميدان ومجالات العمل المنوط به، وهذا ما يجعلنا نتدبر أهمية الاتقان في العمل التي أشارت إليها القيادة السياسية؛ إذ ترتبط بصورة وثيقة بالتراكم الخبراتي الوظيفي الذي يساعد في اختصار الزمن وتقليل الخسائر والسلبيات التي قد تنتج عن عمل ما، ومن ثم نستطيع القول بأن اتقان العمل يؤدي إلى الاستثمار في الجوانب المادية والبشرية والفكرية لدى الأفراد والجماعات.
ولنا أن ندرك ضرورة بذل الجهد للوصول إلى مرحلة الاتقان لنصل بأعمالنا لمستويات تلقى الرضا والاستحسان؛ لكن لا ينبغي أن نقف عند هذا الحد، بل يتطلب مزيد من التفكير الذي يزيد العمل جودة؛ فلا نتوقف عن مراحل التطوير فيما نقدمه من أعمال؛ لننتقل من الحسن إلى الأحسن، ونتحمل مسئولية ما قد نقع فيه من أخطاء بتصويبها بصورة فورية، حتى نحافظ على ما لدينا من مقدرات سواء مادية أو غير مادية، وهذا ما ذكرنا به سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في سياج حديثه المتميز على الدوام.
وثمرة الاتقان لها جانب ملموس نشاهده في شكل المنتج الذي يقدمه الفرد أو الجماعة عبر وسائط ومعينات تتصل بطبيعة العمل؛ لكن هناك جانب وجداني يكمن في عقول البشر؛ حيث الرغبة المستدامة في الحصول على مزيد من المعارف المرتبطة بطبيعة العمل وما يتصل به من ممارسات ومهارات وظيفية؛ بهدف الاستزادة من الخبرة؛ ليصل الفرد لمستوى الحرفية، ويتعداها لمستوى الابتكار، وهذا النمط من البشر يحقق عوائد لا حصر لها للمؤسسة التي يعمل بها؛ فكم أحوجنا إلى هذه النوعية من العاملين في شتى الميادين؛ بغية النهضة والتنمية المستدامة في قطاعات الدولة المختلفة.
لقد وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته المختصرة إلى ضرورة التدريب المستمر والحرص على اكتساب الخبرات بصورة متوازية مع ما نؤديه من أعمال لنصل إلى مستويات الاتقان المنشودة، وأكد على أهمية تنمية قدرات الفرد لذاته؛ بالإضافة إلى تعضيد أو غرس ثقافة الاتقان التي تتصل بصحيح وثوابت عقيدنا وقيمنا المجتمعية المصرية الأصيلة.
ونستخلص من حديث السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب الخلق الجم والقيم النبيلة أن المسئولية والمساءلة ركن أصيل من أركان النجاح؛ فيصعب أن نصل إلى مستويات الاتقان المنشودة والجودة التي نصل بها للريادة والتنافسية بعيدًا عن محاسبة النفس والضمير اليقظ الذي يشكل الرقابة الذاتية للفرد، ومن ثم يمكن القول بأن سر تقدم وتطور ورقي المجتمع يقوم على هذا المبدأ الراسخ القويم.
إننا لن نستطيع أن نصل إلى حالة التنمية التي ننشد من خلالها جودة الحياة وكرامة العيش دون عطاء مستدام نابع من رغبة في العمل المتقن؛ فقد أضحى التقدم الاقتصادي مرهونًا بإتقان العمل دون مواربة.
حفظ الله شعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة