عادت سيناء إلى واجهة الأحداث بمناسبة خطوط مصر الحمراء، والواقع أن سيناء عادت إلى الواجهة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث وضع سيناء على خارطة ممرات التنمية، وربما لا يعلم كثيرون أن تنمية سيناء وربطها بالوادى والدلتا، كانت ضمن أهم دراسات وتوصيات العالم الكبير الدكتور جمال حمدان، الجغرافى الذى أوصى بربط سيناء بالوادى والدلتا، وأكد أنها كنز تنمية وأمن قومى لمصر على مدار التاريخ.
كتب جمال حمدان، فى دراسته المهمة «سيناء فى الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا»: «إن تكن مصر ذات أطول تاريخ حضارى فى العالم، فإن لسيناء أطول سجل عسكرى معروف فى التاريخ تقريبا .. سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق.. سيناء أيضا مدخل قارة برمتها مثلما هى مدخل مصر».
فى إبريل الماضى، أكملت سيناء العام الواحد والأربعين بعد استعادتها بالحرب والسلام، ظلت نحو 30 عاما خارج نطاق التنمية، مرتكزة على السياحة فقط فى بعض المناطق شمالا وجنوبا من دون مجتمعات قابلة للتوسع والتنمية، هذا الفراغ تحول أحيانا إلى بؤر لتجمع الإرهابيين والمجرمين، ومهربى السلاح، وبعد 30 يونيو تشكلت تحالفات الإرهاب، من أجهزة وتمويلات ودعم دعائى، وتصدى له أبطال القوات المسلحة والشرطة وأهالى سيناء، ببسالة، وهزموا الإرهاب.
خلال أزمة العدوان على غزة، عادت سيناء إلى الواجهة، وكان على الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يؤكد خطوط مصر الحمراء، ورفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية عموما، أو على حساب مصر، كان الرئيس يحسم ويقطع الطريق على خيوط وتصريحات وخطط من سنوات تدفع للضغط على سكان غزة، وتهجيرهم إلى سيناء، وهو ما تصدت له الدولة المصرية، حيث تم التأكيد على ثوابت مصر فى كون القضية الفلسطينية هى قضية القضايا، وأن مصر لا تتخلى عن فلسطين وحق الشعب فى أرضه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس.
والواقع أن ما واجهته مصر، وسيناء من إرهاب، ودعايات كاذبة، يشير إلى أن الأمر لم يكن بعيدا عن مخططات التلاعب، التى أحبطتها مصر، بينما استمرت الدولة والرئيس السيسى فى مخططات تنمية سيناء، بما يكشف كيف كانت الدولة منتبهة إلى الأمر، وعلى مدى سنوات كانت مخططات التنمية تضع سيناء فى القلب، حلم التنمية المصرى، والأمن القومى والجغرافيا والتاريخ، وأن سيناء يجب أن يتم تعميرها، وتنميتها وبناء مجتمعات لا تترك فراغات.
تبنت الدولة منذ عام 2014 الخطة الوطنية لتنمية شبه جزيرة سيناء، لوضعها على مسار التنمية الحقيقية، وتغيير وجه الحياة بمشروعات كبيرة واستثمارات أكثر من 600 مليار جنيه خلال 9 سنوات، وإطلاق 8 مشروعات ومناطق صناعية على خريطة الاستثمار الصناعى، ونصيب كبير من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبلغ مساحتها الإجمالية 455 كم2، وتكلفة البنية التحتية والاستثمارات داخل المنطقة نحو 18 مليار دولار، توفر مشروعات المنطقة 100 ألف فرصة عمل مباشرة.
تمتلك سيناء إمكانيات زراعية وصناعية، تسمح بإقامة مجتمعات قابلة للبقاء والتوسع، وتجمعات سكانية يمكن أن تستوعب ملايين المواطنين، وهو ما بدا واضحا فى خطط الدولة على مدى السنوات الأخيرة، حيث وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى، تنمية سيناء كأولوية، وتم إنفاق مئات المليارات، بدأت بإقامة أنفاق سيناء فى الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، التى ربطت سيناء بالوادى والدلتا، وكبارى معلقة وشبكة طرق، بجانب محطات تنقية المياه وإعادة استخدامها، واستصلاح عشرات الآلاف من الأفدنة تخلق فرص عمل مستمرة، ومجتمعات مستقرة.
ممرات التنمية والأنفاق فى سيناء ظلت حلما لكبار المفكرين والخبراء فى التخطيط والتنمية البشرية، وربما لا يعرف كثيرون أن ممرات التنمية وتعمير سيناء، تحقق حلم المفكر العظيم الراحل الدكتور جمال حمدان الذى اعتبر «سيناء هى مصر الصغرى»، وفى دراسته المهمة «سيناء فى الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا» يناقش «حمدان» سيناء من جميع جوانبها: الاستراتيجية والسياسية والجغرافية، باعتبارها مدخل قارة مثلما هى مدخل مصر.
فقد دعا العلامة جمال حمدان منذ أكثر من أربعة عقود لربط سيناء بالوادى والدلتا، توصيل مياه النيل أسفل قناة السويس عبر صحارى خاصة من ترعة الإسماعيلية، وقد تحققت مؤخرا.. وطالب حمدان بأن تكون إعادة تعمير سيناء إحدى أولويات التخطيط القومى والإقليمى، الذى يضع التحدى الحضارى على مستوى التحدى العسكرى.
وظلت هذه المطالب معلقة، حتى تبنى الرئيس السيسى الفكرة وقرر تنفيذها، وعندما تحدث الرئيس عن الاتجاه لبناء الأنفاق والعبور لتنمية سيناء، ظل الأمر مجرد حلم، لكنه تحول إلى حقيقة بسواعد وجهد المصريين، وتواصلت عملية التنمية من خلال الأنفاق ومحطات تحلية المياه، وسدود لتخزين مياه السيول، ومحطات لتنقية مياه الصرف لأغراض الزراعة والصناعة.
لقد دفعت مصر ثمنا غاليا من الدم فى حروب متتالية منذ 1956، ثم فى مواجهة الإرهاب، وهزيمته فى سيناء، ولم تتوقف جهود وخطط الدولة طوال 9 سنوات عن التنمية، وتمت إضافة أراض ومناطق صناعية ومحطات تنقية وتحلية واستثمارات، وجامعات.. التنمية تتضاعف وتدخل سيناء مرحلة جديدة لتحقق حلم الأجداد وحلم جمال حمدان، ولهذا كان الرئيس السيسى حاسما، سيناء خط أحمر لمصر وشعبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة