شكلت الثقة المتبادلة بين الشعب المصري وقيادته السياسية عاملًا رئيسًا في تعضيد عزيمة المقاتل الجسور؛ ليحقق الانتصار الذي أبهر العالم بأسره؛ برغم التحديات التي واجهته؛ وبرغم ما بثه العدو من إحباطاتٍ كونه الجيش الذي لا يقهر الذي يمتلك من المقومات ما يجعله في منعةٍ من أي اختراقٍ، ومن ثم يتوجب على الشعب دومًا أن يثق في قيادته السياسية، بل ويصطف حولها؛ لتحقق ما يراه الآخرون أنه مستحيلٌ.
وساهم التعاون بين القيادات السياسية العربية في تحقيق الهدف المشترك؛ حيث ساعد الاتحاد في تشتيت جهود العدو، وأدى إلى تحقيق انتصاراتٍ في مواقيتٍ قصرت أمد الحرب، وهذا ما يؤكد صورة العلاقات القوية العربية على الدوام، كما يبرر تلاحم الشعوب العربية وحبها وتقديرها وارتباطها مع بعضها البعض على مر الأزمنة.
وضربت الدول العربية مجتمعةً مثالًا رائعًا في اللحمة والوقوف بكل ما تملك مع الدولتين المصرية والسورية ليحققا مجتمعتان نصرًا مستحقًا ساعد في استرداد الكرامة والعزة والثقة والثبات، ورسخ العلاقات ليس فقط بين الحكومات، بل بين الشعوب أيضًا، ومن ثم فالعلاقات العربية مستدامة وتاريخها متجذر، لا تؤثر فيها متغيراتٌ واهيةٌ، أو شائعاتٌ وفتنٌ يفتعلها أصحاب الشرور في كل مكانٍ وزمانٍ.
وبما لا يدع مجالًا للشك فإن الدور الدبلوماسي البارع والمتواصل عضد الموقف المصري؛ حيث أظهر شرعية المطالبات وأكد على الحقوق لدى المجتمع الدولي، الذي أيد بدوره تلك الشرعية، وحث الطرف المعتدي على الاعتراف والإذعان بحقوق الدولة المصرية، وهذا ما يؤكد صحة وسلامة الموقف المصري الحالي في اتخاذ سبيل الدبلوماسية نهجًا لجلب الحقوق من أي معتدي مهما اعتمد على مسانداتٍ ومساعداتٍ تستهدف النيل من الدولة المصرية.
وحريٌ بالذكر أن الاستعداد العسكري جاء بعد تدريبٍ مضني لقواتٍ تحملت الصعاب في نيل الهدف المنشود، وتكونت لديها إرادةٌ فولاذيةٌ استطاعت من خلالها تحقيق المستحيل وهدم الأسطورة التي ذاع انتشارها في العالم كله؛ لذا دومًا تحرص قيادتنا السياسية على جاهزية الجيش المصري الدرع الحامي للدولة المصرية، الذي ينحاز دومًا لإرادة الشعب على مر العصور.
وما قامت به المؤسسة العسكرية من دورٍ مهمٍ في الجانب الاستخباراتي كان له الأثرُ الفعال في تحقيق النصر للدولة المصرية؛ فيصعب أن تتم عملية الهجوم دون معلومية مواطن القوة والضعف لدى العدو، كما ساعد ذلك في تجنب الدفاعات التي تضير بالجانب القتالي المصري، وهذا ما يؤكد وطنية هذه المؤسسة، كونها يُعتمد عليها لجاهزية الروح المادية والمعنوية لدى جنودها مع تباين درجاتها العسكرية.
وكان للظهير الشعبي دور البطولة الباسل الذي قدم الدعم المعنوي لجيشه؛ ليصر على الانتصار برغم التحديات التي واجهها، كما تواجد العديد من المتطوعين في الصفوف الأمامية لتقديم المساعدة وبذل النفس في تحقيق الغاية العظمي، وهذه رسائل دعت لبث الأمل والتفاؤل بين المقاتلين الأبطال، وساهمت في زيادة الحراك الوطني والتضافر مع صفوف المقاتلين، ومن ثم فللشعب دور كبير في تحقيق نهضة الدولة مشاركًا مؤسسات الدولة الوطنية وداعمًا لها.
إن ثمرات حرب السادس من أكتوبر 1973 لا حصر لها، وفي جملتها تؤكد على أن إيمان الشعب بقضيته يعد المسار الرئيس لتحقيق النصر، وأن القتالَ في سبيل حرية الوطن قضيةٌ عادلةٌ لا مراء ولا جدال حولها، وأن الإصرار طريقٌ مستنيرٌ لإنهاء العدوان والظلم، وأن القوةَ داعمةٌ للسلام العادل مهما تباينت الأسباب، كما أن الميدان يفرز دومًا الغث من الثمين.
وإيماننا راسخٌ حول ماهية التعاون والشراكة في نهضة البلاد ورفعتها وإخراجها من حالة العوز لحالة العزة والرفعة والنماء في ظل قيادةٍ سياسيةٍ جسورةٍ تتسم بالحكمة والرؤية الواضحة في تحقيق أهداف الدولة العليا، مما يستوجب الاصطفاف ورائها ومساندتها لتحقيق مزيد من الإنجازات في عصر التحديات لضمانة حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.
حفظ الله بلادنا وجيشها وشعبها وقيادتها السياسية أبد الدهر..
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة