وسط المشهد المشتعل فى المنطقة، واستمرار العدوان الإسرائيلى على غزة، ضمن حرب الإبادة والحصار، وتساقط المدنيين من أطفال ونساء، يبدو واضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فشل حتى الآن فى تحقيق أى من الأهداف التى أعلنها، وكل يوم يتضاعف عدد المدنيين الذين يسقطون أمام الآلة العسكرية، وتثبت التجارب والمواجهات السابقة عن استحالة تصفية الفلسطينيين أو إنهاء المقاومة، وفى الوقت ذاته فشل نتنياهو فى تحقيق الأمن لمواطنيه، حيث يستمر الخوف والهلع بين المحتلين، وهو فشل يضاعف من حالة الاندفاع والانتقام والحديث عن حرب طويلة وصعبة.
ومهما طال أمد العدوان، لن يسفر إلا عن المزيد من الضحايا المدنيين، الذين يضاعفون الغضب عالميا، وتكذب الرواية الإسرائيلية حول مزاعم الدفاع عن النفس، وحتى الدول الداعمة للعدوان، وإسرائيل غيرت من خطابها قليلا تجاه وقف الحرب، وإدخال المساعدات، والوصول إلى هدنة تخفف من معاناة أهالى غزة.
النتيجة أن نتنياهو لن يمكنه الاستمرار إلى ما لا نهاية فى حرب طويلة، تمثل استنزافا للجيش، وللاقتصاد، وليس أمامه سوى التوقف، كما أن سيناريو إزاحة أو تهجير الفلسطينيين من غزة فشل، خاصة مع وقوف مصر بحسم فى مواجهة هذا المخطط، ثم إن الدول الكبرى تدعم سيناريوهات وقف العدوان والانخراط فى مفاوضات يمكن أن تنتج عنها إعادة المحتجزين، وهو أمر تدور حوله مفاوضات واتصالات يتوقع أن تسفر عن حل.
حيث تجمع مصر بين الخط الإغاثى والخط المتمسك بأساسيات القضية الفلسطينية، وتستمر خطوط الاتصال مع كل الأطراف لحلحلة ملف المحتجزين، مع توقع المزيد، ما قد يسهل أيضا السعى لإدخال الوقود الذى يمثل هو الآخر أحد أساسيات الحياة، والأهم فهو السعى لوقف الحرب وتوضيح خطورة الانحياز الأمريكى والدعم المستمر للعدوان، وأهمية أن تتدخل الولايات المتحدة لوقف العدوان واستمرار تدفق المساعدات ومضاعفتها، حتى تلبى احتياجات الفلسطينيين فى غزة.
وعلى الطرف الآخر، فيما يتعلق بالمقاومة والفصائل الفلسطينية يفترض أنها بحاجة إلى وقف العدوان، وهناك إشارات إلى إمكانية قبول صفقات لتبادل المحتجزين من الجانبين، وإنهاء ملف قد يكون مقدمة لإنهاء الحرب، بعد أن بلغ الدمار فى غزة أقصى مدى.
كل الطرق تقود إلى طريق التفاوض، ووقف العدوان، وهو أمر يفترض أن يكون بداية لانخراط فى مسارات السلام، وهو طريق ليس سهلا، ويتطلب الكثير من الصبر والاستعداد، وربما يبدأ من انخراط الفصائل الفلسطينيين فى مصالحة، على أرضية جولات متعددة استضافتها القاهرة ودعمها، آخرها فى يوليو الماضى بالعلمين الجديدة، واذا كان الفلسطينيون ينخرطون فى مفاوضات مع المحتل، فليس أقل من أن يتحدوا استعدادا لجولات طويلة تنهى الانقسام.
والواقع يشير إلى أن مصر حسمت موقفها، فى دعم القضية الفلسطينية ورفض أى محاولات لتصفيتها، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن أى صراع ينتهى إلى مسار سياسى وتفاوض، والأفضل هو التوصل إلى حل جذرى للقضية، بدلا من استمرار الاضطراب الذى يجدد المواجهة، وهو أمر لا يمكن استمراره بلا أفق، ويمثل ضغطا على كل الأطراف.
ومنذ بداية الأزمة لم تتوقف تحركات الدولة المصرية على كل الأصعدة، وأصبحت القاهرة مركزا لاتصالات وزيارات وجولات زعماء العالم، وكان الموقف المصرى واضحا تجاه رفض التصفية، وأيضا إبعاد أى حلول قد تمثل ضغطا على الفلسطينيين.
وكان موقف مصر واضحا، تجاه ما طرحه المسؤولون الأمريكيون، سواء الرئيس الأمريكى جو بايدن، أو وزير الخارجية أنتونى بلينكن، وآخرهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى رفض مصر لأى حل يهمش القضية الفلسطينية أو يختزلها فى غزة، أو يعزلها عن الضفة الغربية، وأن أى حل يجب أن يكون مستندا إلى الفلسطينيين، والحل الشامل للقضية، ورفض أى خطط تهدف إلى عزل غزة، أو وضع أى أطراف أخرى فى إدارتها، مع رفض فكرة نزوح الفلسطينيين، أو تصفية للقضية الفلسطينية.
وسط النار، تحرص مصر على إدارة كل الملفات معا، وتتواصل مع كل الأطراف الإقليمية، وتسعى لموقف عربى موحد، لصالح القضية والدولة الفلسطينية والقضايا العربية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة