أكرم القصاص

قمة الرياض تستكمل المطالب العربية فى قمة القاهرة

الأحد، 12 نوفمبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمثل القمة العربية الإسلامية فى الرياض خطوة تجاه عمل عربى مشترك فى مواجهة العدوان الإسرائيلى المتواصل لأكثر من خمسة أسابيع، بهدف تعزيز التشاور والتنسيق بشأن التصعيد العسكرى الإسرائيلى فى قطاع غزة وباقى الأراضى الفلسطينية، وسبل التحرك العربى والإسلامى إزاءه، وتأكيد زعماء القمة العربية الإسلامية رفض مخطط إسرائيل بنقل سكان غزة، أو تصفية القضية الفلسطينية، بجانب إحياء مبادرات السلام ومنها المبادرة العربية التى تم إعلانها وطرحها فى قمة بيروت 2002، ولم تصدر عن إسرائيل أى تفاعلات معها، حيث إن المبادرة تحمل حلا واضحا، وهو الأرض مقابل السلام، وهى حقيقة أثبتتها الأحداث، حيث لا يمكن للاحتلال إنهاء الفلسطينيين أو تهجيرهم، أو حتى إنهاء حق الفلسطينيين فى المقاومة، وبالتالى فإن أمن إسرائيل لا يمكن أن يتحقق من دون حل للقضية وقيام الدولة الفلسطينية.
 
القمة العربية الإسلامية المشتركة فى الرياض وتوصياتها التى تؤكد رفض تصفية القضية أو الدفع نحو حل الدولتين، وأى موقف عربى يتم اتخاذه على نحو جماعى له تأثيره، خاصة أن الدول العربية والإسلامية التى تشارك بالقمة لها علاقات مع الولايات المتحدة والتى لها مصالح بالمنطقة تستدعى التوازن فى المواقف، وعلى سبيل المثال فإن مصر لها علاقات ممتدة ومتشعبة مع الولايات المتحدة لكن هذه العلاقات لم تمنع من الاختلاف فى وجهات النظر، حول القضايا الإقليمية، وإعلان ذلك فى كل مجال، بل إن مصر لعبت دورا فى تغيير الخطاب الأمريكى على مدى أسابيع، نحو رفض تصفية القضية وأهمية الاتجاه إلى مسار السلام، وقد ساهمت «قمة القاهرة للسلام» بدرجة كبيرة جدا فى نقل الصورة للأطراف الغربية التى لم تكن تدرك خطورة موقفها فى الدعم المستمر لإسرائيل.
 

أوراق ومصالح متشابكة

 
وقد يحاول البعض التقليل من قدرة القمم العربية واكتفائها ببيانات الإدانة، لكن الواقع أن وجود موقف عربى وحضور كثيف من المسؤولين العرب فى قمة الرياض يدعم مخرجات قمة القاهرة ويساهم فى تحديد موقف وخطوط لمواجهة حرب الإبادة والتصفية العرقية التى يتعرض لها الفلسطينيون على يد الاحتلال، وتمتلك الدول العربية أوراقا فى هذا السياق يمكنها من الضغط والمناورة، واستخدام أوراق اقتصادية وسياسية ودبلوماسية، للتعامل مع الولايات المتحدة والغرب، بصفتهم الداعمين لإسرائيل.
 
وتمثل القمة العربية الطارئة استمرارا لمخرجات «قمة القاهرة للسلام» التى احتضنتها مصر فى 21 أكتوبر الماضى، وكانت أسرع فعالية تتعامل مع العدوان وتداعياته، ووضعت الجميع أمام واقع ما يجرى، وجدد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمام قمة القاهرة التأكيد على مجموعة ثوابت للدولة المصرية، وحذر من تطور الصراع إلى وضع لا يستطيع أحد التحكم فى نتائجه، مع تأكيد الرسالة المصرية التى أعلنها الرئيس السيسى واضحة فى رفض تهجير سكان قطاع غزة أو تصفية القضية على حساب دول أخرى خاصة مصر، تعاملت الدولة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسى بحسم مع خطوط الأمن القومى، فى تصريحاته بالكلية الحربية، أو خلال اتصالاته ولقاءاته مع قادة العالم،  حيث أكد أن القضية الفلسطينية هى قضية مصر الأولى، وأن مصر لن تتخلى عن فلسطين، ولا بديل عن حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، مع تحميل المجتمع الدولى المسؤولية.
 

مصر ومواقف ثابتة وحل جذرى

 
وجاءت القمة العربية استكمالا للجهود العربية، حيث لم تتأخر مصر عن حضور ودعم كل فعالية عربية لمواجهة العدوان وتنسيق المواقف تجاه القضية، وهو ما ظهر فى اتفاق وتوافق عربى فى قمة الرياض على رفض تصفية القضية الفلسطينية وتحميل المجتمع الدولى المسؤولية عن حياة المدنيين والدعوة لتحقيق دولى فى جرائم الحرب، وقد توافق مع الرأى منظمات المؤتمر الإسلامى، والجامعة العربية وكلمات الأمير محمد بن سلمان والعاهل الأردنى الملك عبدالله بن الحسين، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، وأيضا كلمات أمير قطر تميم بن حمد، وما أعلنته تركيا، ومنظمات دولية وإقليمية، وهناك دعوة لعقد مؤتمر دولى للسلام يكون خطوة نحو حل دائم للقضية وإحلال السلام طبقا للمواثيق الدولية والاتفاقات السابقة، التى تم التوقف عن تطبيقها.
 
جدد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أمام القمة العربية الطارئة موقف مصر الرافض لاستهداف وقتل وترويع المدنيين وسياسات العقاب الجماعى لأهالى غزة، من قتل وحصار وتهجير قسرى وحمل المجتمع الدولى مسؤولياته تجاه الحرب على الفلسطينيين فى غزة، وجدد المطالب بضرورة الوقف الفورى والمستدام لإطلاق النار فى غزة بلا قيد أو شرط، ووقف كل الممارسات التى تستهدف التهجير القسرى للفلسطينيين إلى أى مكان داخل أو خارج أرضهم، واضطلاع المجتمع الدولى بمسؤوليته، لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطينى، وضمان النفاذ الآمن والسريع، والمستدام، للمساعدات الإنسانية، وحمل إسرائيل مسؤوليتها الدولية، باعتبارها قوة احتلال.
 
وجدد الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعوة إلى التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع، بناء على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967.. وعاصمتها «القدس الشرقية»، وإجراء تحقيق دولى فى كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولى.
 

تحذير من اتساع الصراع

 
الرئيس جدد التحذير من أن التخاذل عن وقف الحرب فى غزة، ينذر بتوسع المواجهات العسكرية فى المنطقة، ومهما كانت محاولات ضبط النفس، فإن طول أمد الاعتداءات، وقسوتها غير المسبوقة، كفيلان بتغيير المعادلة وحساباتها، وأشار الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أن مصر والعرب، سعوا فى مسار السلام لعقود وسنوات وقدموا المبادرات الشجاعة للسلام وعلى المجتمع الدولى تحمل مسؤوليته، فى الضغط الفعال؛ لوقف نزيف الدماء الفلسطينية فورا، ومعالجة جذور الصراع، وإعطاء الحق لأصحابه، كسبيل وحيد، لتحقيق الأمن لجميع شعوب المنطقة.
 
قمة القاهرة للسلام دعت مبكرا إلى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتأكيد الرفض التام لمخطط تهجير الفلسطينيين قسريا أو تصفية القضية الفلسطينية، مع أهمية الحل النهائى من خلال الدولتين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
 
 وتحرص مصر منذ اللحظات الأولى على التحرك فى كل الاتجاهات والتواصل مع أطراف متقاطعة ومتشابكة، وتعمل القاهرة بدقة على خطوط متقاطعة ليست بين طرفين نقيضين فقط، هما الاحتلال والفلسطينيين، ولكن أيضا ضمن تحالفات وأطراف تحمل قدرا من الانحياز، وتحاول ترويج الحلول العائمة وإضاعة الفرص، ووقفت مصر منذ البداية ضد أى مخططات تبتعد عن حل الدولتين، ووضعت خطوطا حمراء واضحة ضد أى محاولة لتمييع الحلول، كما تعمل مصر داخل الجانب الفلسطينى الذى يتضمن تضاريس وتشابكات متعددة الجوانب. 
 
 وبالتالى فإن ما يظهر على السطح يتجاوز كثيرا ما يحدث خلف الأبواب، حيث يمثل وقف إطلاق النار من جانب العدوان مجرد خطوة تتطلب تحركات لفرض الاستقرار والانطلاق نحو طريق صعب لكنه مهم. 
 
وتمتلك مصر مفاتيح كثيرة، وتتواصل مع كل الأطراف فى فلسطين والإقليم وتدفع دائما نحو موقف عربى قوى ينطلق من الفعل، وإحياء مبادرة السلام العربية لتحقق الدولة الفلسطينية مقابل إحلال السلام، والقمة تمثل فرصة لتشكيل موقف عربى، دعت إليه مصر دائما ومبكرا، لافتة إلى أن الموقف العربى يجب أن ينطلق من الفعل، خاصة أن الدول الكبرى مشغولة بمنافساتها والنظام الدولى نفسه مختل.
 

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة