الحَول «المصطنع» فى عيون المنظمات الحقوقية الدولية، الرسمية منها وغير الرسمية، يُستخدم فى انحراف الرؤية حسب الهدف عن عمد، ما بين الاهتمام الدولى بالمجازر الوحشية والتهجير القسرى للفلسطينيين فى غزة، على سبيل المثال، والاهتمام والاحتفاء بعيد ميلاد سجين جنائى فى أحد السجون المصرية، واعتباره حدثا فريدا يستحق العالم أن يتابعه ويشارك فيه بإشعال الشموع وإطفائها عند اقتراب الساعة من الثانية عشر مساء، تسقط الأقنعة وتتكشف النوايا، ودس السم فى العسل!
لا سخط ولا لعنات ولا احتجاجات ولا سباب، يمكن أن يترجم ما يشعر به المواطن المصرى بشكل خاص، والعربى بشكل عام، من غضب وقرف واشمئزاز من نهج هذه المنظمات من عينة منظمة العفو الدولية، التى فى الوقت الذى يشتعل فيه العالم ألما ويتجرع مرارة العجز حيال ما يحدث للفلسطينيين فى غزة من إبادة جماعية، بطلها الأطفال والنساء وكبار السن، وتهجير قسرى للجميع، بينما تصب المنظمة كل اهتمامها ونضالها وكفاحها للاحتفال بعيد ميلاد سجين جنائى، فى تدخل سافر ووقح ومقيت فى شأن من شؤون الداخل المصرى، ومحاولة حثيثة أن تصنع من فسافس الأمور، أهرامات!
منظمة العفو الدولية، مرهفة الحس، ورقيقة المشاعر، والمنصبة نفسها حامية حمى حقوق الإنسان فى العالم، تقول فى بيان رومانسى لها: «سيقضى الناشط المصرى البريطانى البارز علاء عبدالفتاح عيد ميلاده الثانى والأربعين فى السجن بعيدا عن عائلته، وهذا عيد ميلاده العاشر الذى يقضيه خلف القضبان، طالبوا السلطات المصرية بإطلاق سراحه فورا ودون قيد أو شرط».
هذه الرقة والرومانسية من أجل سجين جنائى، وعلى وقع أصوات القنابل والمدافع والدبابات فى غزة، والتى لم ترحم بربرية المحتل فى اغتيال أطفاله الأبرياء، وتناثر أشلائهم، ولم ترحم قتل المرأة الفلسطينية بوحشية مفرطة، ولا احترام آدميتها بالتنكيل بها وطردها من وطنها، وإرغامها على التهجير القسرى، ولا أمام قصف المستشفيات والمدارس وإزالتها من فوق الأرض، وكأن الفلسطينيين ليسوا بشرا، ولا متجردين من حقوقهم الإنسانية!
حرب الإبادة على غزة، أو الحرب البربرية، أو المجازر الوحشة، أو محرقة الأطفال والنساء بالقنابل المحرمة، «سميها ما شئت» فبشاعة المجازر تتحمل ذلك وتتحمل أكثر من كل الكلمات والمصطلحات المعروفة فى قواميس اللغات المختلفة، أمورا تتضاءل بجوارها أحداث ومناسبات، ولا يمكن التفكير فى الاحتفاء بعيد ميلاد سجين!
«العفو الدولية» تتكحل عيونها تجميلا بمشاهد قتل الأطفال وتناثر أشلاء النساء والكبار، ومشاهد التهجير القسرى، وهدم المستشفيات على رؤوس المرضى، بينما لديها فائض حنان ومشاعرها متأججة للاحتفاء بعيد ميلاد سجين جنائى، وفق أحكام قضائية نافذة!
حرب الإبادة فى غزة أسقطت ما تبقى من «فضلات» كلام لتبرير مواقف الغرب بمنظماته ومؤسساته الحقوقية، ولم يتبق سوى العار ملتصقا على جباه هذه المنظمات، وموثقا صوتا وصورة!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة