يقوم منهج إعداد القائد على مسلمة فحواها إعمار الأرض من خلال استثمار الطاقات البشرية والمادية وفق تنظيم وتخطيط يحقق الإنتاجية، ويحفظ للناس حقوقهم، ويوطد للأمن والأمان والتعايش السلمي في ربوع الأرض، ويحقق جودة الحياة وكرامتها؛ لذا كان لابد من منهج يسهم في صناعة القائد، في ضوء مسار واضح يرتبط بخطوات تتسم بالوضوح.
ومنهج صناعة القائد ينبغي أن يقوم على نسق قيمي يُستلهم منه الخُلق الكريم والذوق الذي يرتضيه المجتمع، والضمير اليقظ الذي يهتم بالانشغال تجاه ما يهم الوطن والمواطنين، وقد يذهب إلى الاهتمام بالقضايا العالمية التي يتأثر بها البشر على ظهر البسيطة، من قبيل النوايا الحسنة التي تحمل الخير للجميع، بغض النظر عن التباين العقدي أو الثقافي أو الأيكولوجي.
ويحتاج العقل البشري بصورة دائمة إلى تنمية مقصودة عبر تدريب مستدام وصقل للمهارات التي تسهم حتمًا في إعمال الذهن وتنشيط المدارك؛ ليصبح الفرد قادر على الابتكار في مجال عمله؛ فيصعب أن يتولى الفرد القيادة بعيدًا عن امتلاك وعي صحيح ينسدل من بناء قويم قائم على تنوع وعمق في دراسة العلوم، ومعرفة جيدة بأساليب القيادة وأطرها الفلسفية ونماذجها الناجحة، حتى يكون القائد ذا رأي سديد لا يقبل التوجيه، ولا يقبل الانصياع.
وتحتاج صناعة القائد إلى تدريب حرفي للذات؛ حيث يتوجب امتلاك القائد لمهارات إدارة الوقت بفعالية وفق منهجية الأولويات والاحتياجات الضرورية، والتعامل مع ما يطرأ من مشكلات أو أحداث أو قضايا، مما يؤكد أهمية مقدرته على تصميم خطط طويلة المدى وفق استراتيجيات وظيفية تقوم على تحديد الأهداف وفق تصنيفاتها التي تبدأ من العمومية وتنتهي بالإجرائية، ولا تنفك إدارة الذات لدى القائد عن مقدرته في تحقيق اتزان انفعالي في ضوء قواعد ضبط النفس، بما يجنبه التسرع في اتخاذ قرارات متسرعة غير مدروسة تؤثر على مسار السفينة فتعوق حركتها، كما أن هناك تقييمًا للذات يعتمد أساسًا على المراجعة المستمرة للأعمال أو الأفعال والتصرفات، بما يساعد في ضبط الرغبات والميول بما يحقق المصلحة العامة على الخاصة، ويحدث حالة من التوازن البيولوجي لدى القائد.
ومطالعة الفرد لما يجري من حوله من أحداث وقضايا، وتنمية ثقافته المتعددة والمتنوعة، ومعرفته بكل جديد في مجالات العمل والعلم وما يرتبط بالنهضة ومشروعاتها المختلفة، يُعد من مقومات صناعة القائد ومن الأسس المنهجية لإعداده؛ فكلما طالع النظم السياسية وما بها من سياسات تتبعها دول العالم، وطالع آليات تنمية الاقتصاد لدى الدول المتقدمة، وتعرف على الطرائق التقنية التي تُسهم في تطوير مسارات العمل الإداري والمهني بالدولة، وكذلك أحيط علمًا بثقافات الشعوب المتنوعة، أدى ذلك مجتمعًا إلى امتلاك القائد ثقافة عميقة تساعده في التعامل البناء مع قادة وشعوب العالم.
وصناعة القائد تتطلب بأن يكون الفرد قادرًا على بناء العلاقات في مستواها الاجتماعي والسياسي، وهذا فن يحتاج للممارسة، ولسمات متعددة لديه؛ حيث يتحلى بمفردات الانغماس في العمل الاجتماعي وإدارته بصورة حرفية، كما يرتبط بالروح التي يتحلى بها من ابتسامة وطيب خاطر، ومقدره على التواصل الفعال؛ إذ يستمع جيدًا، ويمتلك حلمًا وصبرًا في التعامل مع الأفراد بمستوياتهم الهادئة والعصبية، وهذا القائد لديه المقدرة التامة في الحفاظ على مجتمعه وبناء مؤسساته في ضوء أهداف النهضة المستحقة.
وقدرة الفرد القيادي على إحداث تأثير في الآخرين أمرٌ مهمٌ للغاية؛ إذ يستطيع أن يحفز ويدعم مجموعات العمل بشكل يزيد من فعالية الأداء لديهم، كما يمتلك مهارات المناقشة والحوار وفق آدابها وأسسها، وهذا يتطلب مقدرته على تحليل شخصيات الأخرين؛ ليتمكن من بناء جسر من الثقة معهم وفيما بينهم، ويزيد من الولاء والانتماء للوطن.
والقائد المتميز يسعى دومًا إلى تحقيق التنافسية والريادة لمؤسسات دولته؛ حيث يهتم بتحقيق الأهداف العليا لبلاده، ويركز على الخطط الطموحة التي تحقق الغايات المشتركة، ويتوجب عليه مواجهة التحديات والصعوبات التي تزيد من الصمود والمقدرة على التعاون البناء، كما يعمل على تحسين الصورة الذهنية في عقول الناس من خلال إنجازات حقيقية وأعمال مشهود لها، وهذا بالطبع يمكن القائد من تحليل الواقع وتحسين رؤيته نحو مستقبل البلاد والعباد، وذلك مجتمعًا يشير إلى أن القائد قدوة لا تخالف أقواله أفعاله ولا يتردد في اتخاذ قرار متمخض من دراسة وتحرى ومشورة، ويسعى بشكل متواصل نحو تحقيق التقدم والنهضة بطرائق واستراتيجيات تتسم بالابتكار والوضوح.
لقد حبى الله مصر برئيس وقائد امتلك من المهارات ما يمكنه من إدارة شئون البلاد؛ حيث إن منهج صناعته كانت مقصودة؛ فقد تربى في مصنع الرجال، وتجرع الخبرات التي يصعب حال أن ينالها أحد من خارج هذه المؤسسة العظيمة الرائدة، ومن ثم يتأكد لنا يومًا بعد يوم أن اختيارنا لمرشحنا الرئاسي لم يكن مصادفة أو من قبيل الاختيار المفضل في ضوء معايير بعينها؛ لكن في حقيقة الأمر اختيارنا مقصود قائم على ثقة تزداد في كل موقف وحديث وتصرف إنساني لقائد جسور يتحلى بالشجاعة والصبر والمرابطة من أجل تحقيق الهدف، والأحداث الجارية خير شاهد، وللحديث بقية في منهج صناعة القائد.. ودي ومحبتي
حفظ الله وطننا الغالي وقيادتنا السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.