ما حدث فى الجلسة العامة لمجلس النواب المصرى أمس الأول -الثلاثاء- كان بمثابة انتفاضة برلمانية و صرحة تحذير من نواب الشعب فى مواجهه سيناريوهات دولة الاحتلال الصهيونى ومن يدعمها لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة الى سيناء.
رسالة البرلمان المصرى كانت واضحة وقوية وخشنة أيضا وعبر عنها بوضوح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بكلمات غاضبة وحاسمة ضد مخطط التهجير القسرى وضد العدوان الإسرائيلى وجرائمه التى تجاوزت كافة المعايير والمواثيق الإنسانية فى الحروب. فجيش الاحتلال يرتكب جرائم حرب ويدير "حرب قذرة" لا علاقة لها بشرف الحروب فى عدم التعرض للمدنيين وتهديد حياتهم والحفاظ على المنشآت المدنية من مدارس وجامعات ومستشفيات ومساجد وكنائس.
لكن عندما يتعلق الأمر بأمن مصر فنحن " جاهزون لكل الخيارات دفاعا عن فلسطين وأمن مصر"، ونحن أيضا " سيكون لنا رد حاسم على أى تهديد" و" لن نتوانى عن اتخاذ أى إجراءات لحماية حدودنا" و" كلنا على قلب رجل واحد خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى".
الكلمات قوية والرسالة واضحة... فقد فاض الكيل من مجازر جيش الاحتلال فى عدوانه السافر الهمجى على الشعب الفلسطينى فى غزة وفى الضفة الغربية أيضا .. وبلغت القلوب الحناجر وعبر رئيس الوزراء والنواب عما يغلى فى صدور المصريين الى حد مطالبة عدد من النواب بطرد السفير الإسرائيلى فى مصر وغلق السفارة.
صوت البرلمان وصرخة النواب- 596 نائبا- هو صوت مصر الغاضبة، ورسالته هى رسالة تحذير وتنبيه لمن يعنيه الأمر من مصر .." اذا غضبت".
انتفاضة الغضب فى مصر هى استكمالا لانتفاضات الغضب فى عدد من برلمانات العالم فى أوروبا وأفريقيا وأسيا وأميركا اللاتينية تواصلا مع أصوات شعوبها فى الشوارع والميادين، فمن أقصى شمال القارة السمراء الى أقصى جنوبها تأتى غضبة برلمان جنوب افريقيا وتصويته على اغلاق السفارة الإسرائيلية فى بريتوريا بموافقة 248 عضوا مقابل رفض 19 فقط.
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أعلن منذ أيام قليلة أن بلاده قدمت شكوى للمحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق فى "جرائم حرب" ارتكبتها إسرائيل فى قطاع غزة.
وفى برلمان إيرلندا طالب عدد من النواب من الحكومة باتخاذ خطوات ضد إسرائيل، وجاء على لسان النائب الإيرلندى ريتشارد بويد باريت قوله إن ما يجرى فى فلسطين هو "نتيجة للحصار المستمر منذ 15 عاماً والتطهير العرقى والاستيلاء على الأرض". وأعلن أن البرلمان الإيرلندى "تحدّى الحكومة وطالبها باتخاذ إجراءات واضحة ضد إسرائيل".
و فى ألمانيا أعلن عضو الحزب الاشتراكى الديمقراطى الألماني، دينيس أونباشا، استقالته من الحزب، احتجاجا ورفضا لممارسات إسرائيل العدوانية، قائلا " ان استمرار احتلال فلسطين لا يعرّض السلام فى المنطقة للخطر فحسب، بل يعرّض أيضا حرية الشعب الفلسطينى وحقوقه الإنسانية"
وفى اسبانيا صوت برلمانها على مشروع قرار غير ملزم يدعو الحكومة للاعتراف بدولة فلسطين، وذلك بالتنسيق مع اى تحرك بهذا الاتجاه يقوم به الاتحاد الاوروبي. وهو مشروع القرار الذى يحظى بدعم حكومة حزب الشعب الحاكم والحزب الاشتراكى المعارض
وأمام البرلمان دعا رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، حكومة تل أبيب إلى وقف "القتل الأعمى" للفلسطينيين فى غزة.
خطوة برلمان اسبانيا رافقتها خطوات ماثلة قامت بها السويد باعترافها بدولة فلسطين، مما اثار غضب اسرائيل التى سحبت سفيرها من ستوكهولم.
خسائر سياسية جسيمة لحقت بدولة الكيان التى فشلت فى تسويق عدوانها الاجرامى ضد الشعب الفلسطينى ولم تستمر أكاذيبها سوى أيام وبعدها اكتشفت الضمائر الحية والحرة فى العالم حقيقة الجرائم الإسرائيلية فى غزة. وعندما تصمت صوت المدافع وتضع الحرب أوزارها ستبدأ تل أبيب فى حصد مرارة هزائمها فى الداخل والخارج وان ما كانت عليه إسرائيل قبل يوم 7 أكتوبر لن تكون عليه بعده أبدا وما نجحت فى تحقيقه طوال 70 عاما فسوف يصبح من المستحيل تعويضه بعد جرائمها اللاإنسانية ضد العزل من الأطفال والنساء فى غزة... انها اللعنة الجديدة التى تلاحق إسرائيل ومستقبلها الوجودى الذى بات مهددا.