كان دفن الموتى يعتبر في يوم من الأيام إحدى الخصائص المميزة التي تفصل بين الإنسان العاقل وأسلاف البشريين المنقرضين الآن، وعلى مدار أكثر من قرن من الزمان، شكَّلت الاكتشافات الأثرية لما يبدو أنها قبور لأشباه البشر الأوائل، تحديًا لفكرة أن هذه الممارسة تقتصر على البشر المعاصرين، وأثارت جدلًا مستمرًا حول متى وأين بدأ؟، وادعى فريق من العلماء أنهم اكتشفوا أقدم الأمثلة المعروفة لدفن البشر.
في وقت سابق، اكتشف زوجان من مستكشفي الكهوف نظام كهف رايزينج ستار على بعد حوالي 30 ميلاً شمال غرب جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، بقايا هومو ناليدي، وهو إنسان غير معروف سابقًا وله أذرع قصيرة ودماغ يبلغ حجمه ثلث حجم الإنسان الحديث، يُعتقد أنه عاش منذ ما بين 240,000 إلى 500,000 سنة.
بعد فترة وجيزة، قاد لي بيرجر، عالم الحفريات البشرية بجامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ، فريقًا من العلماء في عمليات تنقيب متعددة للكهوف تحت الأرض، حيث عثروا على عظام ما لا يقل عن 27 فردًا، وفقا لما ذكره موقع هيستورى.
عندما نشر بيرجر وزملاؤه النتائج الأولية التي توصلوا إليها في مجلة eLifeلاحظوا أن بقايا الهياكل العظمية تغطي أرض غرفة عميقة داخل الكهف، وافترضوا أن هومو ناليدي نقل الجثث إلى هناك، وتخلص عمدًا من موتاهم.
وخلص الفريق إلى أن هومو ناليدي لم يقم ببساطة بإيداع الجثث في هذا الموقع فقط بل قام بدفن موتاهم في الكهف، لكن الخبراء مثل بول بيتيت، أستاذ علم آثار العصر الحجري القديم في جامعة دورهام والخبير في الممارسات الجنائزية لأشباه البشر، لم يقتنعوا بعد بهذه المزاعم
وقد ساد فى المعتقدات القديمة أن الموتى يمكن أن يقوموا من قبورهم، لذا استخدم الناس عبر التاريخ الصخور والقضبان الحديدية والمناجل والأقفال وغيرها من الطرق لمنع الجثث من العودة إلى الحياة، ويبدو أن هذه الممارسات متجذرة فى فكرة أنه إذا نهضت الجثة مرة أخرى فإنها قد تؤذى الأحياء.
وقد طرح العلماء العديد من النظريات حول سبب خوف الناس من الموتى، فربما كان البعض يشعر بالقلق من أن أولئك الذين ماتوا فى ظروف غير عادية كانوا أكثر عرضة للعودة مرة أخرى، وربما اعتقد آخرون أن الأشخاص الذين ماتوا بسبب أمراض معينة يمكن أن يستمروا فى نشرها بعد الموت، مهما كان السبب، وإليك بعض الطرق التى حاول بها الناس الاحتفاظ بالجثث فى قبورها، وجاء ذلك بحسب ما ذكر موقع هيستورى.
الدفن تحت الصخور
كان اليونانيون القدماء يشعرون بالقلق من أن الجسد، بمجرد دفنه، يمكن أن يقوم من بين الأموات باعتباره منتقمًا ويؤذي الأحياء، وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن اليونانيين القدماء حاولوا منع ذلك عن طريق دفن الجثث تحت أشياء ثقيلة، ففي مستعمرة يونانية قديمة في صقلية، تم العثور على قبرين يحتوي أحدهما على جثة شخص بالغ كان رأسه وأقدامه مغطاة بشظايا خزفية ثقيلة، أما الآخر فيحتوي على طفل كان جسده مغطى بخمسة أحجار كبيرة، واكتشف علماء الآثار هذه القبور في مقبرة يعود تاريخها إلى القرن الخامس إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
وضع كتلة حديدية تخترق الصدر
كان الأوروبيون في العصور الوسطى يخشون من الموتى أيضًا، وتختلف الخرافات حول المخلوقات الشبيهة بمصاصي الدماء حسب المنطقة، وكانت هناك معتقدات متعددة حول كيفية التأكد من أن الجثة لن تقوم من بين الأموات لتمرض الأحياء أو تقتلهم، وفي مدينة بيربيريكون القديمة في بلغاريا، اكتشف علماء الآثار بقايا رجل من القرن الثالث عشر يحمل كتلة حديدية تمر عبر صدره، وكانت ساقه اليسرى منفصلة عن جسده ومستلقية بجانبه، بالإضافة إلى ذلك، حدد الباحثون هيكلين عظميين يعودان إلى القرن الرابع عشر في سوزوبول ببلغاريا مدفونين بقطعة معدنية أخرى تخترق جسديهما.
المنجل عبر الرقبة
هناك طريقة تاريخية أخرى لمنع الموتى من النهوض وهى دفن الجثة بمنجل على رقبته، ربما كانت هذه طريقة للتأكد من أنه إذا حاولت الجثة النهوض، فإنها ستقطع رأسها، وفى دراوسكو ببولندا، اكتشف علماء الآثار أربعة أشخاص مدفونين بالمناجل فى حناجرهم فى مقبرة استخدمت خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، بالإضافة إلى ذلك، تعرف علماء الآثار على امرأة تحمل منجلًا عبر حوضها، بالإضافة إلى صخرة على رقبتها وعملة معدنية فى حلقها.
قفل حديدى على الأقدام
اكتشف علماء الآثار امرأة أخرى مدفونة بمنجل فى مقبرة تعود إلى القرن السابع عشر فى مدينة بيين ببولندا، لكن بالإضافة إلى المنجل كان هناك أيضًا قفل مربوط بإصبع قدمها الكبير، وبالقرب من قبرها، تعرف علماء الآثار على جثة أخرى بها قفل على قدمها، كانت هذه الجثة لطفل صغير تم دفنه ووجهه للأسفل، وتشير هذه الأقفال إلى أن من دفن هذه الجثث كان يخشى أن يقوموا مرة أخرى، ويريد تثبيتهم في قبورهم.
حرق الأعضاء
في القرن التاسع عشر انتشر مرض السل في جميع أنحاء نيو إنجلاند، ما تسبب فى سعال الناس دمًا والمعاناة من وفيات مؤلمة، في محاولة لوقف انتشار مرض السل بدأ بعض سكان نيو إنجلاند في استخراج جثث الأشخاص الذين ماتوا بسبب المرض وحرق أعضائهم، لقد فعل سكان نيو إنجلاند ذلك لأنهم اعتقدوا أن الأشخاص الذين ماتوا بسبب مرض السل ربما كانوا ينشرون المرض بطريقة أو بأخرى إلى الآخرين بعد الموت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة