بعد 8 أسابيع من القصف الهيستيرى، تم التوصل إلى هدنة أربعة أيام فقط، تمثل فرصة لمزيد من الاتصالات بحثا عن طريق آخر يمكن من خلاله توقف دائم للعدوان، وهو أمر تعمل عليه مصر بصبر ودقة، وبالرغم من أن بنيامين نتنياهو، وحكومته المتطرفة، يبدون رغبة فى مواصلة العدوان، فهم يواجهون أزمة فى غياب الأهداف التى تحققت، أو الأزمة الاقتصادية فضلا عن حالة طوارئ تقترب من الشهرين وهى مدة طويلة لم يسبق أن وصل العدوان إليها من قبل، وتتطلب المزيد من استمرار الاحتياط فى الخدمة وتعطيل الاقتصاد والجامعات والأعمال، بجانب الإنفاق على الحرب حيث يتم بحث الحصول على قرض بعد استنفاد ما تدفق على الاحتلال من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وهو عبء إضافى يضاف الى أعباء الحرب فى أوكرانيا والتى لم تنته هى الأخرى لنتيجة.
وبالتالى فإن فرصة استمرار العدوان تواجه صعوبات، وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت أعلن استئناف الحرب بعد الانتهاء الهدنة، وتوقع ان يستمر شهرين آخرين، وهو نفسه الذى أعلن أن الحرب طويلة وصعبة، لكنه لم يقدم ما يشير إلى أن أهدافه المعلنة تحقق منها أى هدف، ومن واقع اتفاق الهدنة، فإن الاحتلال والمقاومة أعلن كل منهما أنه حقق مطالبه، وبالتالى فإن الكفة ليست فى صالح العدوان الذى فقد نسبة كبيرة من التأييد داخل معسكر الحلف الداعم.
على الجانب الآخر فإن عدد الضحايا من المدنيين فى غزة يمثل هو الآخر جزءا من أزمة العدوان، بالشكل الذى غير المواقف حتى داخل الدول الداعمة للاحتلال، وداخل الولايات المتحدة، وقد ظهر هذا فى بيانات وتوقيعات وانقسامات داخل الحزب الديمقراطى والإدارة الأمريكية.
بجانب هيستيريا الحرب، فإن هيستيريا أخرى تنتاب المسؤولين فى حكومة نتنياهو، لدرجة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعلنت استدعاء سفيرى إسبانيا وبلجيكا لدى تل أبيب، عقب تصريحات رئيسى وزراء البلدين الأوروبيين فى رفح بعد لقاء الرئيس الفلسطينى محمود عباس، الخميس الماضى، والدعوة إلى الوقف الفورى للعدوان.
رئيس الوزراء الإسبانى «بيدرو سانشيز» الذى تتبوأ بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبى، ورئيس الوزراء البلجيكى «ألكسندر دى كرو»، الذى ستتسلم بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبى اعتبارا من يناير المقبل، اتفقا على ضرورة إنهاء الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة، وأدانا قتل المدنيين، ووجها الشكر لمصر على جهدها، آملين أن تستمر الهدنة الإنسانية، وأن يصل الرئيس السيسى فى النهاية إلى وقف لإطلاق نار دائم.
وزارة الخارجية الإسرائيلية استدعت سفيرى الدولتين وانتقدت تصريحاتهما، وزعمت أن الاحتلال يلتزم بالقانون الدولى، وهو أمر يناقض حجم المدنيين الذين سقطوا وحرب الإبادة والتدمير والعقاب الجماعى لسكان غزة.
أبو مازن جدد رفض فلسطين القاطع لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو من الضفة، ورفض القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال فى فصل القطاع عن الضفة والقدس أو إعادة احتلاله، أو اقتطاع أى جزء منه.
وطبعا أطاحت الصلابة المصرية فى مواجهة التهجير، بهدف حاول نتنياهو تصديره، فى محاولة لكسب أى أوراق، لكن الحسم المصرى أوقف أى تفكير فى هذه الادعاءات.
الشاهد أن استمرار العدوان يتوقع أن يضاعف من الضحايا الأطفال والنساء والمدنيين عموما، خاصة أنه وصل لأقصى درجات التدمير للمستشفيات وباقى عناصر الحياة فى غزة، فى حرب إبادة تتجاوز كل مزاعم الدفاع عن النفس، ويتوقع أن يتراجع الدعم الأمريكى، وتمارس إدارة بايدن ضغوطا على نتنياهو، الذى راهن على هروب للأمام ولا توجد أهداف واضحة يمكن الهروب إليها، مع النظر إلى الغضب بالداخل.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن احتمالات نجاح مد الهدنة أو التوصل إلى وقف إطلاق نار، بمزيد من صفقات تبادل المحتجزين، وارد وفى حالة استئناف العدوان، لن يطول الوقت حتى يتوقف وهو ما تسعى إليه مصر.