عصام محمد عبد القادر

المشاركة الانتخابية.. طريق نحو النهضة

الإثنين، 27 نوفمبر 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحقق الدول المتقدمة نهضتها في طيات المسار الديمقراطي الذي يضمن حرية مسئولة تحرص في المقام الأول على تحقيق الغايات العليا، وتقدم المصلحة العامة على الخاصة، وتولى المسئولية لأصحاب الكفاءات دون أهل الثقة، وتهتم بالمشاركة الشعبية في طريقها نحو التنمية، وتنشد مستويات الرضا الشعبي في صورته الكلية، وتقف عن حد الخصوصية بما يحفظ مقومات الأمن القومي للدولة.

وتبادل السلطة من الأمور التي تتعارف عليها الشعوب الديمقراطية في إطار الانتخاب الحر النزيه الذي يستهدف المشاركة السياسية من أفراد المجتمع؛ لذا يستشعر كل مواطن أهمية هذه المشاركة ولا يتقاعس عن واجبه، إيمانًا بأن البناء والنهضة لا تحدث إلا بشراكة حقيقية فاعلة دون استثناء لأحد؛ فلا تمييز ولا تفرقة ولا شرذمة ولا تشتيت يحدث شق الصف أو توقف مسيرة التقدم.

وبرغم تباين الآمال والطموحات لدى شعوب العالم؛ إلا أنها تلتقي في بوتقة جامعة، تتمثل في عشق الحرية، والتي تترجمها حالة الاختيار الحر لمن يحقق برنامجه الانتخابي هذه الآمال والطموحات، ومن ثم فقد باتت المشاركة الانتخابية لبنة رئيسة في بناء النظام الديمقراطي المسئول للدول التي تسعى نحو التقدم والنماء بشكل مستدام.

ويعيش المجتمع المصري حالة غير مسبوقة من الديمقراطية الحقيقية؛ حيث فتحت المشاركة والسباق نحو كرسي الرئاسة أمام الجميع، في ضوء اشتراطاتها نال شرف الترشح لهذا المنصب الرفيع أربعة من المرشحين، يحمل كل منهم برنامجًا طموحًا يسعى في مكونه إلى تحقيق الحياة الكريمة للشعب المصري العظيم، ويلبي الاحتياجات والتطلعات، ويحاول الحفاظ على حق أجيال المستقبل.

لقد أكد الدستور المصري على الاستحقاق الانتخابي الرئاسي لمن تنطبق عليه الشروط، وللشعب أن يفاضل وفق اختياره من يمثله ويحقق أحلامه ويستكمل الإنجازات القومية التي بدأت منذ عقد من الزمان، وهذا يؤكد على ضرورة المشاركة ومسئولية الاختيار؛ لنؤصل ونرسخ النظام الديمقراطي الحقيقي الخالي من شوائب التزوير والتزييف والتشويه، في ضوء منظومة قضائية شامخة تشرف على العملية الانتخابية لضمانة المصداقية وصحة وسلامة الإجراءات، ومن ثم النزاهة والشفافية التامتين.

وجدير بالذكر أن الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة تقف على مسافة واحدة من مرشحي الرئاسة بما يضمن تكافؤ الفرص في الوصول إلى مقعد الرئاسة، وبما يؤكد على حرية الاختيار المسئول، ويسمح بالتداول السلمي ويرسخ مقوماته، ويفعل ما جاء به دستور البلاد من مواد تتسم بالعدالة والمساواة بين الجميع؛ فمن يقع عليه الاختيار يتحمل مسئولية توصف بالصعبة والشاقة؛ نظرًا للتحديات التي تواجهها الدولة على الصعيدين المحلي والعالمي.

وبنظرة متواضعة تجاه مجريات الدعاية الانتخابية الرئاسية نلاحظ سمت الهدوء والتنظيم والانتشار في ربوع الدولة من خلال حملات المرشحين، ودلالة هذا المشهد الفريد أن مقومات وأدوات الدولة لا تسخر لشخص بعينه، بل هناك عدالة ومساواة وتحرى النزاهة والحياد من قبل مؤسسات الدولة الرسمية؛ كي يدرك الجميع أن الديمقراطية المسئولة نزيهة في إجراءاتها؛ فلا تفضيل لصاحب منصب رفيع، أو لمن يمتلك السلطة الحالية.

وبقراءة المشهد أيضًا نرى أنه لا إسراف في العمليات الانتخابية من قبل الحملات المخول لها الدعاية، وهذا الأمر يؤكد أن المصلحة العامة تعلوا المصلحة الخاصة، وأن الشعب يتعامل مع مظاهر الإسراف بعزوف؛ حيث لا يقبل على من يمارس البزخ أو محاولات الاستمالة المادية؛ فيقلل من شأنه وينتقده بشدة، كما أن الجميع يراعي الضوابط والمعايير والأسس التي دشنتها الهيئة العليا للانتخابات بتحديد الحد الأقصى للدعاية للمرشح.

وشهادة حق تجاه جميع الحملات المنوط بها الدعاية الانتخابية متمثلة في مراعاة ما تشهده المنطقة من حرب جائرة في قطاع غزة، وتقديرًا للمشاعر والموقف الذي لا يحتمل مظاهر البهجة والفرح، شاركت الحملات من مخصصاتها للتبرع للأشقاء الذين يعانون أشد المعاناة في احتياجاتهم الأساسية، وتلك لمسة إنسانية تحسب للحملات الانتخابية والقائمين عليها من السادة الأكارم أصحاب الوطنية والمبادئ النبيلة والخُلق الكريم.

ونؤكد بشكل صريح على ضرورة المشاركة الانتخابية التي تعد طريقًا ومعبرًا نحو النهضة؛ لنرى على يد من يتولى إدارة شئون البلاد مظاهر الحياة الكريمة مكتملة في شتى مجالات الحياة، ونشاركه الأحلام والتطلعات التي ننشدها، وبناء عليه أضحت المشاركة أمرًا وجوبيًا والتزامًا أخلاقيًا تجاه الوطن.

إن مقولة "صوتك أمانة" تعبر بصدق عن ملامح الديمقراطية وتؤكد احترام المجتمع لنصوص الدستور الذي قبله وأقره، ومؤشر صادق لمستوى الوعي السياسي لدى جموع الشعب المصري العظيم الذي يطمح للعيش الكريم والحياة المزدهرة المحاطة بالأمن والأمان والاستقرار، وتلك أمور تدعم التنمية في مجالاتها المختلفة، وتجذب الاستثمار على المستويين الداخلي والخارجي.

وفي سياق متصل نقول بأن المشاركة الانتخابية ترتبط بشعور المواطن تجاه وطنه بناءًا على وعيه بخطورة الموقف؛ حيث ينظر العالم إلى مصر نظرة الناقد على الدوام؛ لأنها البلد الذي تتوافر فيه مقومات التنمية نتيجة للأمن والأمان وحالة الاستقرار التي دعمها وعي مجتمعي راقٍ؛ وكي تكتمل الصورة الناصعة عن وطننا الغالي لابد من نعي دورنا البناء في حث بعضنا البعض حيال المشاركة الإيجابية في الانتخابات الرئاسية القادمة.

حفظ الله شعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس

كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة