المصريون على بُعد أيام قليلة من أهم استحقاق سياسي تشهده مصر منذ العام 2011، وهو الانتخابات الرئاسية التعددية الخامسة في تاريخ مصر والثالثة بعد ثورة 30 يونيو ويتنافس فيها أربعة مرشحين.
التوقعات تشير إلى ارتفاع مستوى المشاركة السياسية سواء للمصريين في الخارج أو بالداخل وبالتالي زيادة نسبة الإقبال على صناديق الانتخابات، بما يعكس تصاعد درجة الوعي لدى المواطنين بأبعاد الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد في ظل تنامي التحديات والتهديدات للأمن القومي المصري.
في كل ظرف تاريخي تمر به مصر يصطف المصريون ويحتشدون حول الوطن رغم كل الصعوبات والمشاكل ومهما كانت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية يبدى المصريون تغليب المصلحة الوطنية العامة وصيانتها في حالة تعارضها مع المصلحة الخاصة، وتتنامى مشاعر المسئولية الوطنية والقومية أيضا فوق كل المصالح الشخصية والخاصة والوقائع التاريخية كثيرة.
الانتخابات الرئاسية هذه المرة تأتي في ظروف بالغة التعقيد والحساسية السياسية والأمنية، وفي ظل المهددات المباشرة للأمن القومي المصري عقب العدوان الصهيوني على قطاع غزة ومحاولات تنفيذ مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني في غزة إلى سيناء المصرية- ولا ننسى ما يحدث في الجنوب السوداني أيضا وحالة عدم الاستقرار السياسي في الغرب الليبي.
وهو ما دفع البعض إلى الحديث عن إمكانية تأجيل الانتخابات إلى ما بعد عودة الهدوء والاستقرار في المنطقة المشتعلة والتي تحيط بمصر من كل جانب، واقترح البعض بإمكانية التزكية للرئيس السيسي وهو الاقتراح الذي يواجه معضلة دستورية تتطلب تغيير وإضافة للمادة الخاصة بالانتخابات الرئاسية وبالمرشح لها.
لكن القيادة السياسية أبدت الحرص الشديد والاقتناع التام بضرورة إجراء الانتخابات وبأهمية المشاركة السياسية وقيام كل المواطنين في الداخل والخارج بأداء دورهم الوطني في المشاركة وإبداء كل منهم برأيه في مستقبل وطنه مهما كانت الظروف.. هذا الحرص والتأكيد من القيادة السياسية له دلالات كثيرة ورسالة للداخل والخارج، أهمها أن الدولة المصرية واثقة وقادرة بعزم وتصميم على استكمال البناء السياسي والمُضي قُدما في طريق التنمية الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والتي بدأته منذ 9 أعوام، وأن رسالتها من إجراء الانتخابات الرئاسية في هذه الظروف وتعقيداتها بأنها دولة مستقرة وآمنة ولا يعوقها من إجراء الانتخابات أية معوقات مهما كانت التحديات الداخلية أو الخارجية.
هنا تأتي المسئولية الوطنية للشعب المصري للتعبير عن انتمائه الوطني وحرصه على استقرار بلاده السياسي وتماسكه الاجتماعي بالمشاركة السياسية في أبهى صورها وهي الإقبال على صناديق الانتخابات والاصطفاف أمام اللجان الانتخابية لتصدير الصورة المبهرة للمصريين إلى العالم بأنهم أكثر الشعوب، حرصا على الوطن واستقراره والاصطفاف حوله وتماسكه والحفاظ على وحدته وقوته وإنجازاته.
والمصريون في أوقات الأزمات والتحديات التي تواجه مصر يبهرون العالم ويخذلون كل من يراهن على تقاعسهم وعزوفهم وهو ما حدث في أزمات كثيرة منذ نكسة 67 وفي فترة السنوات السبع حتى 73 وصولا إلى التصدي للإرهاب وصورة انتخابات 2014 ومشهد الإقبال المذهل لشراء شهادات قناة السويس الجديدة.
أتوقع أن تشهد الانتخابات الرئاسية الجديدة والتي تنطلق يوم الجمعة المقبل الأول من ديسمبر في الخارج في 121 دولة يعيش فيها المصريون بالخارج ولمدة 3 أيام إقبال يفوق المرات السابقة مع تزايد الإحساس والشعور الوطني الذي يتضاعف لدى المصريين في الخارج بضرورة الاصطفاف الوطني حول بلادهم في ظل التحديات الراهنة.
المصريون في الخارج على موعد مع التاريخ لانتخابات استثنائية في ظروف استثنائية ليعلنوا في ضربة البداية رأيهم ويعلو صوتهم بأنهم مع مصر وأمنها واستقرارها وقوتها وتماسكها الوطني.