تحت عنوان "الحرب فى غزة درس مكثف فى النفاق الغربى"، قالت الكاتبة نسرين مالك فى مقال بصحيفة "الجارديان" البريطانية إن ما حدث خلال الحرب الأخيرة فى غزة سيكون من الصعب نسيانه وسيبقى فى أذهان الناس لفترة طويلة لاسيما مع لقطات الفيديو التى تظهر المآسى التى تعرض لها الفلسطينيون فى غزة على أيدى قوات الاحتلال والتى وصفت بأنها ترقى إلى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
وأكدت نسرين على أن الثقة فى "المجتمع الدولى" تم تقويضها ولن تكون أبدا مثلما كانت قبل بدء الحرب، وقالت الكاتبة أن صور الرهائن والأسرى الذين تم لم شملهم مع عائلاتهم تكاد تكون مليئة بالأمل، وحتى فى حين تحاول السلطات الإسرائيلية صراحة قمع "تعبيرات الفرح" الفلسطينية بعودة أسراها، فإن إطلاق سراحهم، وتسليم بعض الرهائن الإسرائيليين إلى أهلهم، يشير إلى بعض الأمل البسيط. ولكن حتى لو تحقق الأمل الأعظم ــ وقف دائم لإطلاق النار ــ فإن ما حدث بالفعل خلال الأيام الاثنين والخمسين الماضية سيكون من الصعب نسيانه.
وأشارت إلى مقطع فيديو قصير، تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعى منذ بضعة أسابيع، قالت إنها لا تستطيع إخراجه من رأسها. وفى المقطع، يظهر رجل فى غزة يحمل كيسين من البلاستيك يحملان أشلاء أطفاله. وقالت أن هناك تفاصيل أخرى فى المقطع مثل النظرة على وجه الرجل، طريقة تجنب من حوله للتواصل البصرى بمجرد إدراكهم لما يحمله.
وأضافت: "إن التأثير العاطفى والنفسى للحرب على من هم خارج غزة - بغض النظر عن مدى حدته - هو نوع من الامتياز، لأنهم يشاهدون ما يحدث على الشاشات مثلما شاهدوا الطبيبة التى صادفت جثة زوجها أثناء علاج ضحايا القصف. والأب الذى يداعب ويهز جثمان طفله المغطى بالغبار على صدره للمرة الأخيرة."
واعتبرت أن هذه المقاطع لن تنسى أبدا، حتى أن البعض أصبح لا يستطيع النوم بل شابت تفاعلاتهم مع أطفالهم نوع من الشعور بالذنب، مشيرة إلى أن الشعور الرئيسى تجاه مع حدث ليس فقط الحزن، وإنما الحيرة حيال كيفية استمرار كل هذا لفترة طويلة.
وأضافت أنها كبريطانية يمكنها أن تكتب إلى عضو البرلمان المعنى بمنطقتها وأن تشارك فى المسيرات ولكن القتل لا يزال مستمرا. وتابعت "بينما يحدث ذلك، يقدم القادة السياسيون فى دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رواية غير دموية للصراع، ويبدو أنها تتجاهل الحقيقة المطلقة وعدد الوفيات وتستخدم بدلاً من ذلك لغة سريالية تدعو "كل شخص" لأخذ "كافة الاحتياطات الممكنة" لحماية حياة المدنيين. والآن يفقد مسئولو الأمم المتحدة، غير المعروفين بالتعصب، أعصابهم ويستخدمون أقوى العبارات الممكنة، فيما يبدو أنه نتيجة مباشرة لهذا الإصرار الغريب على عدم تسمية الواقع بما هو عليه. وفى اليوم السابق للهدنة، قدرت سلطات غزة عدد القتلى بـ 14,532."
واعتبرت أن القوى الغربية غير قادرة على التظاهر بمصداقية بوجود نظام عالمى من القواعد التى تتمسك بها، لافتة إلى أنه " بدا وكأنهم يقولون ببساطة: هناك استثناءات، وهذا هو الحال. لا، لا يمكن تفسير ذلك، ونعم، سيستمر هذا الأمر حتى تشعر السلطات الإسرائيلية بأنها تريد أن تتوقف".
وأشارت إلى تقرير صحيفة نيويورك تايمز الذى جاء فيه: "يقول الخبراء أن وتيرة الموت خلال الحملة الإسرائيلية ليس لها سوابق فى هذا القرن". وعلق أحد الخبراء العسكريين بأن الأمر لا يشبه أى شيء رآه فى حياته المهنية. فالمنطقة مكتظة بالسكان إلى الحد الذى يجعل عدد الشهداء من المدنيين مرتفعاً للغاية، كما أن الأدلة التى تؤكد تقويض قدرات حماس، وهو المبرر الوحيد المحتمل للخسائر البشرية، منخفضة للغاية."
وأكدت أن الأسابيع القليلة الماضية بمثابة درس سريع فى الطبيعة الوهمية للقانون الدولى. وخلافاً للعراق، فلم يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتراكم الجثث، وتتراكم الأدلة وتثبت أن شن الحرب لم يجعل أحداً أكثر أماناً، وأنه كان بلا رحمة ومضللا ـ وفى نهاية المطاف تتلاشى الثقة فى الزعامة السياسية.
وأشارت إلى أن العالم يتابع الأحداث فى غزة مباشرة، ويشاهد عمليات القصف التى لا هوادة فيها لدرجة أنه تم القضاء على عائلات بأكملها. بينما نزح الآلاف، وهم يجرون أطفالهم الذين لم يتعرضوا فقط للموات الذى يقدر بنحو 6000 شخص فى أقل من شهرين، ولكن أيضًا تعرضوا لليتم والتشريد والحرمان من الغذاء والماء فى قطاع غزة المحاصر الذى أصبح الآن، وفقًا لليونيسف، "أخطر مكان فى العالم يمكن لطفل أن يعيش فيه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة