استوقفنى بائع تجزئة فى أحد محلات "السوبر ماركت" وحكى لى ما جرى له من تحرير محضر ضده من مفتش التموين بسبب البيع بسعر مرتفع للسكر، لم يبد البائع ضيقه وغضبه من موقف المفتش ولكنه أعرب عن اندهاشه من معاقبة محلات التجزئة التى تحصل على السلعة بسعر مرتفع من تجار الجملة والشركات الكبيرة و"المحتكرين" للسلع الغذائية وباقى السلع الأخرى، ولا يتعرض لهم أحد.
اندهاش البائع الصغير فى السوبر ماركت يبدو مقبولا، فالأصل فى الرقابة والعقاب يبدأ من الرأس أولا أو "كبار التجار" الموردين للسلع على محلات التجزئة وبفواتير موثقة تثبت ما يقوم به هؤلاء التجار من البيع بأسعار لا تتوافق وحجم المعروض.
على سبيل المثال ارتفاع أسعار السكر بصورة غير معقولة لا يتناسب والاكتفاء شبه الذاتى من المحصول فى مصر، وهو ما أكده الدكتور على مصيلحى وزير التموين، وإبراهيم السجينى رئيس جهاز حماية المستهلك، فلا يوجد نقص فى المعروض من سلعة السكر، لأن الطاقة الإنتاجية فى مصر من هذه السلعة، تبلغ ما يقرب من 85%من معدل استهلاك المواطنين، حيث يتم إنتاج ما يقرب من 2.6 مليون طن سكر محليا، وبالتالى الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك قد لا تتعدى 400 ألف طن، ويتم استيرادها من الخارج، ولذلك فإن كميات السكر الموجودة داخل السوق المحلى تكفى احتياجات المواطنين
فأين الأزمة هنا..؟
الأزمة فى كبار التجار والمحتكرين وهم معروفون بالطبع لوزير التموين الذى صرح بأنه سيتم منح السوق مهلة حوالى 10 أيام لاستقرار أسعار السكر، وفى حال استمرار الأزمة عقب انتهاء المهلة -حسب الدكتور على مصيلحي- سيطالب مجلس الوزراء بالتدخل للتسعير الجبرى للسكر.
وربما الأزمة سببها كما فسرها وزير التموين فى عدم انتظام التوزيع، وهو ما يتطلب إجراءات سريعة وخطوات انضباطية سريعة سواء من حيث سلاسل التوزيع وتوفير السكر بالأمر المباشر لشركات الصناعات الغذائية أو -وهذا هو الإجراء الأهم- الضرب بيد من حديد على أيدى المحتكرين والانتهازين فى أوقات الأزمات.
الرقابة والحملات الرقابية على الأسواق مطلوبة لكنها وحدها لا تكفى فلا بد من ضبط كبار المحتكرين للسلع وعقابهم بما يتناسب وجريمة الاحتكار التى تمس سلع غذائية استراتيجية تمس الأمن الغذائى للمصريين، فالأزمة ليست فى نقص المعروض ولكن فى الانتهازيين الذين يستغلون الأزمات، وهو ما يحتاج إلى مراجعة شاملة لمنظومة الإنتاج والتوزيع والتوريد والبيع.
والأمر لا يقتصر على السكر فقط وإنما لباقى السلع الاستراتيجية مثل الأرز أيضا وأزمة أسعار السجائر، الذى وعد رئيس شعبة الدخان منذ يومين بتقديم كشف إلى جهاز حماية المستهلك بأسماء تجار السوق السوداء.
عموما هناك حالة اطمئنان لاستقرار الأسعار أو انخفاضها ووصول أسعارها إلى معدلاتها الطبيعية خلال الفترة القصيرة القادمة، بعد أن أظهرت الحكومة "العين الحمراء" لكل من يحاول احتكار غذاء الشعب، وإعلان رئيس حماية المستهلك الجديد التصدى لمحتكرى السلع الغذائية والقيام بحملات مكبرة لتحقيق الانضباط فى الأسواق وإحالة المخالفين للنيابة العامة.
وضرورة إنفاذ القانون لإحكام الرقابة والسيطرة على الأسواق والتشديد على التعامل مع المُخالفات بكل قوة وحزم، والضرب بيد من حديد تجاه المخالفين محتكرى السلع.
كلام رائع وتصريحات مهمة للغاية.. ومجرد اظهار" العين الحمرا" وتطبيق القانون بكل صرامة وحزم من شأنه ردع حيتان الاحتكار واستقرار الأسواق وعودة الأسعار قليلا إلى "سيرتها الأولى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة