كيف جسد بهاء طاهر الآلام الفلسطينية في رواية "الحب في المنفى"؟

الأربعاء، 29 نوفمبر 2023 03:00 م
كيف جسد بهاء طاهر الآلام الفلسطينية في رواية "الحب في المنفى"؟ الحب فى المنفى
كتب عبد الرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

جسد الأديب الكبير الراحل بهاء طاهر الآلام الفلسطينية في رواية "الحب في المنفي" التي تدور أحداثها في بداية الثمانينيات على لسان صحفي مصري ناصري في الخمسين من عمره، قبل وبعد الإحتلال الإسرائيلي لبيروت.

يقول بهاء طاهر في وصفه الأحداث التي تلت مذبحة صبرا وشاتيلا واصفا مشاهد تشبه المشاهد التي رأيناها على شاشات التليفزيون على لسان أبطال الرواية : "قال بصوت حاول أن يجعله هادئا: سيداتي وسادتي المشاهدين.. في خلال عشرين عاما من العمل هذه هي الرسالة التي تمنيت ألا أنقلها لكم..

يرتعش صوته مع ذلك وهو يقول: هذه أول مرة تدخل فيها الكاميرا إلى مخيم صبرا بعد المذابح ضد الفلسطينيين خلال الأيام الماضية..

تتجول الكاميرا بعد ذلك في صمت. تتجول وسط أزقة ضيقة. وسط بيوت مدمرة تبرز منها أسياخ حديد ملتوية وبقايا أثاث محطم ولكن لا مظهر لأي حياة تتحرك. ثم تتمهل الكاميرا وهي تنقل الصور من بعيد.

أكوام من الجثث ملقاة على الأرض.

جثث وراء جثث. وجثث فوق جثث..

كومة لجثث مختلطة لرجال ونساء ملقاة على وجوهها وجنوبها وظهورها.

كومة أخرى ترتمي على ظهورها وسيقانها منفرجة، نساء وأطفال..

كومة ثالثة جثث رجال منتفخة كأن جلودها وثيابها ستنفجر في أي لحظة.. بحيرات دم متجلط تحت الرءوس وجحول الأجساد.

جثث أخرى لرجال وأطفال يحتضنون بعضهم البعض بسواعد ملتوية..

جسد محشور يتدلى نصفه الأعلى فقط من بين الأنقاض ورأسه منكس في الأرض، رقبته من الخلف مجزوزة بالعرض..

طفلتان متجاورتان، نصفهما العلوي عار.. حاول أحد أن يغطي نصفهما السفلي بصحيفة مفتوحة فلم ينجح، تبرز السيقان الصغيرة منفرجة.

ترتعش الكاميرا عندهما وتقترب قليلا، واحدة من الطفلتين في مكان العينين فجوتان تجلط فيهما الدم.

كومة جثث ممدودة الأذرع إلى جوار جدار مهدم، كأنها تتسلق بعضها البعض.. في الجدار ثقوب رصاص وخطوط دم بالطول.. أصابع جريحة كانت تتشبث قبل السقوط..

جثث كأنها تسجد إلى جوار حصان أبيض يرتمي على جنبه وجرح كبير يشق بطنه وقد انتفخ كفلاه وظل ذيله متشنجا.. إلى جواره عجوز أشيب تبرز ساقاه النحيلتان من جلباب أبيض، بجانب عكاز تمتد يده إليه وفي رأسه ثقب مدمم.

فوق الحصان ذباب كبير، وفوق الجثث ذباب كثير.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة