تحتم مسئولية القيادة على من يتحمل تكليفاتها أن يكون فطنًا بتبعاتها السلبية والإيجابية منها؛ حيث توجه إليه نتائج الإخفاقات ولو كانت خارجة عن الإرادة، كما لا ينال التقدير الذي يليق بحجم الإنجازات التي يحققها على أرض الواقع، ومن ثم يتوجب عليه أن يكون صاحب مبدأ جلي، يتمثل في قبوله لصور النقد من كافة الأطراف؛ ليستطيع تحويل هذا النقد لإيجابيات يحقق من خلالها مسارات النجاح، ويستفيد قطعًا من الإخفاقات التي تحدث.
وصناعة القائد لا تنفك عن إيمانه الراسخ بحسن ورقي التعامل مع الآخرين؛ كي يصل إلى الوجدان ويستطيع أن يكون مؤثرًا في النفوس؛ فالقائد المتسلط المنبوذ يواجه مقاومة متنوعة منها ما هو مباشر وأكثرها غير مباشر؛ فمن صورها تراخي المرؤوسين في تنفيذ الأوامر، وضعف اتباع التعليمات والإرشادات والتوجيهات التي تتمخض من القائد بصورة مباشرة؛ بهدف إسقاطه أو إخفاقه على المدى القريب أو البعيد.
وتؤثر النشأة بتنوعاتها الأسرية والتعليمية والمجتمعية على شخصية القائد؛ حيث إن أساليبها الإيجابية تخلق شخصية قوية تمتلك ضميرًا متعلقًا بثوابت وقيم المجتمع، وقلبًا مؤمنًا بماهية الوطن محبًا عاشقًا لترابه، لا يثنيه عن ذلك متغيرات، أو تحديات، أو مشكلات، أو مسببات مغرضة ممولة وموجهة لأجندات ذات طابع عالمي، ومن ثم يتوجب علينا توعية أبنائنا بما يدور حولنا من مجريات وأحداث ليتشكل لديهم الصورة الذهنية الصافية عن دور الدولة ورموزها وما يبذل من جهود متواصلة من أجل الحفاظ على تماسكها ولحمة نسيجها ضد ما يحاك لها من شرور يصعب حصرها.
إن ما يميز القائد المحنك مقدرته ومعرفته ومعلوميته العميقة بماهية الفجوة بين الأجيال؛ فكلما زادت هذه الفجوة وتم تجاهلها أدى ذلك لمشكلات وتحديات يصعب معالجتها على المدى البعيد، وفي المقابل عندما تحدث التوأمة للأفكار والرؤى بين الأجيال مع تباين طفيف لا يتعارض مع مجموع النسق القيمي للمجتمع، ساهم ذلك في تقليل الفجوة والحد من آثارها المدمرة، وحقق الأهداف العليا للوطن، وجعل صورة المستقبل واضحة مشرقة.
وبما يدع مجالًا للشك أن صناعة القائد تعتمد في مراحلها على صقل ما يمتلكه من خبرات بصورة مقصودة في ضوء برامج نوعية تستهدف هذا المغزى من قبل مؤسسات إعداد القادة ومؤسسة مصنع الرجال بصورة وظيفية؛ حيث تتبنى هذه المؤسسات مجتمعة الفكر الاستراتيجي في آليات الإعداد؛ فما لدى الفرد من نقاط ضعف تستطيع بمنهجية الصناعة أن تحولها لنقاط قوة، وما يتوافر من نقاط قوة يتم تعظيمها بشكل متدرج ليصل لمستوى من الابتكارية المنشودة.
ويعتمد منهج صناعة القائد على تدريب الفرد بشكل مكثف ومقصود على مهارات التحليل التي تساعد في تنمية الحدس لديه والمقدرة على التنبؤ وتبنى رؤى مستقبلية مبنية على علم ومعرفة وخبرة عميقة بالمجالات المتنوعة؛ ليتمكن من اختيار الأنسب من المناسب بكل ثقة واقتدار.
كما تنطلق صناعة القائد من مسلمة تفجير طاقاته الابتكارية التي تقوم على تلبية الاحتياجات وسد الفجوات وتسخير المقدرات في خدمة المجتمع، في إطار مؤسسي ومعايير معلنة، وهذا يؤكد على ضرورة استكشاف مهارات القيادة لدى المهتمين بتعضيد ثقافة صناعة القائد وفي المنهجية العلمية الصحيحة.
ولابد أن يعي الجميع بأن القيادة أمانة ومسئولية، وليست تكريمًا وتشريفًا؛ لذا يتوجب على الفرد أن يراجع خبراته ومهاراته التي بهما يستطيع أن يحقق غايات المؤسسة أو المكان الموكل له إدارته، وأن يضع نصب عينيه تبعات القيادة وأثرها على النفس، وتأثيرها على الأخرين، ومن ثم يجب أن يراجع القائد نفسه مرارًا وتكرارًا ليخرج بمعطيات تساعده في تقييم ذاته بصورة وظيفية؛ ليعمل على تحسين أدائه بشكل مستمر يجعله يشعر بالرضا ويدفعه لمزيد من العمل المتواصل.
إن ما يمارس من إنجازات على الأراضي المصرية وفي ربوعها المختلفة تحت ريادة القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية صاحب التاريخ المشرف والرؤية الطموحة يؤكد على وجدانه الصافي وعقيدته النقية وروحه الطاهرة وسلوكه القويم في بناء الدولة والسعي الدؤوب نحو نهضتها، وهذا ما يثير حفيظة مؤسسات الدولة لتقوم بصناعة القادة الذين يحملون لواء المسئولية ويتحملون تبعاتها؛ لتلتهب قوة الجد والاجتهاد والعمل المتواصل من أجل نهضة مستدامة تحفظ على الوطن هويته وتعلو من شأنه.
ويجسد مرشحنا الرئاسي ماهية العطاء المتواصل بصورة جلية من خلال بذور التنمية المستدامة عبر مشروعات وطنية عملاقة تحتاج لجهد متواصل في العمل والمتابعة وتقييم الأداء والكفاءة بشكل مستمر، وهذا العطاء نترجمه نحن المصريون بالحب والتقدير للقائد والاصطفاف عن قناعة خلفه، كما يؤكد في نفوسنا أهمية الشراكة الفاعلة في تنمية مقدرات الدولة والحفاظ عليها من خلال جيل تلو جيل يمتلك الوعي الصحيح ويقتدي دومًا بقيادته الرشيدة.
حفظ الله وطننا الغالي وقيادتنا السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.