تتواصل جهود مصر فى كل الاتجاهات لتثبيت الهدنة فى غزة ووقف العدوان، وهى جهود تتطلب تواصلا دقيقا مع أطراف متقاطعة ومتشابكة، وتسير القاهرة بدقة على خطوط متقاطعة سواء فى جانب الاحتلال، والجانب الفلسطينى، مع وجود للولايات المتحدة، وقطر، وهو ما يتطلب الكثير من التواصل والصبر، والتعامل مع كل القنوات والاتجاهات، ضمن تحركات بدأت منذ اللحظات الأولى للعدوان، من خلال اللقاءات والاتصالات التى تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والجهد الذى بذله فى تغيير الكثير من التوجهات لدى الولايات المتحدة والدول الداعمة للاحتلال، خاصة أن «مؤتمر القاهرة للسلام» كان القاعدة التى تبنى عليها مصر خطواتها تجاه وقف العدوان.
وتمثل زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل إلى الدوحة خطوة مهمة فى إطار التنسيق المصرى مع كل الأطراف، حيث جرت اجتماعات مع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، ورئيس الموساد الإسرائيلى دافيد برنياع، وعدد من المسؤولين القطريين، لبحث مد الهدنة فى قطاع غزة وتثبيتها وتوسيع نطاقها، ضمن جهود مصرية مكثفة تهدف إلى تجنيب قطاع غزة مزيدا من الدمار، والاستمرار فى عملية تبادل المحتجزين، بما يضمن هدنة مستدامة تؤدى إلى الوصول سريعا لوقف مستدام لإطلاق النار.
بالطبع فإن ما يحدث فى الواقع يتجاوز كثيرا ما يظهر على السطح، حيث كانت الهدنة مجرد خطوة عاجلة لوقف العدوان مع الدفع لإدخال أكبر كمية من المساعدات إلى سكان غزة، ثم بدأت مرحلة توسيعه بتبادل المحتجزين بشكل يومى، يسهم فى إطالة الهدنة، مع استمرار التفاعل للوصول إلى وقف دائم للعدوان.
من هنا يمكن قراءة جولات واتصالات الوزير عباس كامل ومباحثاته مع الأطراف المختلفة فى الدوحة للتباحث حول تثبيت وقف إطلاق النار من خلال حل الملفات العالقة ومشكلة الأسرى المحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، والتى يعتبر حلها خطوة نحو تثبيت هدنة طويلة، ومن خلال تجارب العدوان فى صيف 2021 و2022، وبدت القوى الدولية عاجزة حتى عن إطفاء النار فى الأراضى المحتلة، وتدخلت مصر كطرف يمتلك القدرة على الفعل، وسط واقع مرتبك إقليميا وعالميا، ونجحت فى المرات السابقة فيما عجزت الأطراف الدولية عن فعله.
يرى المراقبون كيف تستطيع الجهود المصرية من خلال مفاتيح التفاعل مع كل الأطراف، فى وقف العدوان وإطالة الهدنة، بما يسمح بوقف العدوان.
الدولة المصرية لم تتوقف منذ بداية الأحداث عن بذل كل جهد على كل الجبهات، ومع كل الأطراف، بالسعى لوقف العدوان، واستمرار فتح معبر رفح لتدفق المساعدات، والتعاون من أى جهود عربية أو إقليمية، للدفع نحو وقف العدوان أو خروج المحتجزين، وقام الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ البداية بجهود ومساعٍ حثيثة ومركزة لاحتواء الموقف والحيلولة دون امتداد المواجهة بما يهدد الأمن الإقليمى، وتصدت الدولة المصرية لأى محاولات لتوسيع الصراع أو تهجير الفلسطينيين من غزة داخليا أو خارجيا، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر لن تسمح بتصفية القضية وأكد أن التصعيد خطير، والسلام العادل والشامل، القائم على حل الدولتين، هو السبيل لتحقيق الأمن الحقيقى والمستدام للشعب الفلسطينى وللمنطقة.
الأهداف المصرية، هى أولا تثبيت الهدنة، ثم وقف إطلاق نار، وهو أمر يجرى العمل عليه فى تفاصيل الاجتماعات والجهود، فى الدوحة، وبحضور الأطراف المختلفة، وتمثل صفقات تبادل المحتجزين، تمهيدا لطريق الوقف الشامل للعدوان، وتمثل الجهود المصرية منذ البداية، تعبيرا عن إدراك لموقف معقد، وخبرات متراكمة تقوم على معلومات، وقدرة على القيام بدور ينطلق من دعم كامل للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة، بجانب امتلاك ثقة من كل الأطراف الإقليمية والدولية، اعترافا بجهود لم تتوقف دائما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة