عبده زكى

قصة طفلة فلسطينية

الخميس، 30 نوفمبر 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وسط الركام بحثت عن لعبتها، استغرق الأمر وقتا طويلا، عثرت عليها مكسورة، هرولت بها من فوق الركام، سقطت فجأة ونهضت مسرعة، شاهدت أشلاء بعض أفراد أسرتها، هي لا تفهم ما حدث، لكنها تتذكر الرعب الذى عاشت، تعتقد أن الحرب انتهت، تعتقد أن وقت اللعب قد حان، يلتف حولها من تبقى من أطفال الحى، بعضهم لا تعرفه فقد كان لا يسكن هنا، جاء من الشمال، جاء من الجنوب.

يلعب الأطفال ببقايا اللعبة، تتعالى ضحكاتهم، لا يبالون بفقدان الوالد، لا يبالون بموت الأم، عقيدتهم تقول إن الأب والأم في مكان أفضل، عقيدتهم تؤكد أنهم في الجنة، ذووهم أقنعوهم بأن الموت حق، وأن الحرية ثمنها غال، وثمنها قد يكون الأمان، وفقدوا الأمان.

الصغار لا يعرفون ماذا يحدث غدا، لا يفكرون، يعيشون اللحظة، هم اليوم رفاق، قد يختفى بعضهم غدا أو اليوم، قد تسرق طائرات الكيان أرواحهم جميعا، وقد يتفرقون في أنحاء غزة، لكنهم لن يخرجوا منها، عقيدتهم أن القطاع أرضهم، وأرضهم ليست رمالا أو طينا، أرضهم خليط من جماجم ودماء، في كل شبر، أجسادهم زادت من خصوبة التربة، ونبتت مع النباتات، نبتت صغارا تتوغل جذورهم، وهم على يقين بأن الأرض أرضنا والديار ديارنا، والهجرة لن تكون، وإن كانت ستكون إلى الشمال والشرق حيث مستعمرات المحتل، وصحراء النقب، ليس جنوبا، لن يتحقق حلم الصهاينة، لن نخلى الساحة، لن نساهم في اتساع الأرض لهم، يؤكد الصغار.

يواصل الصغار اللعب، يعيشون لحظة قد لا تتكرر، وإن تكررت قد لا تكون بنفس اللاعبين، ويواصل الساسة في الدول الشقيقة، في مصر التي دفعت الكثير للقضية، في مصر التي ضحت بدم لا حدود له، وفى قطر تتواصل المشاورات بين الأجهزة، ويقسم رموز غزة الأدوار، منهم المفاوض، ومنهم الخطيب، ويفرح أسرى فلسطين، ويفرح أسرى الكيان، ويعكف المقاتلون، يخططون لحرب تعطلها هدن إنسانية، لكنهم لا يأمنون، لا يستريحون، لا يتوقفون، يعدون عدتهم، يجهزون أسلحتهم، يعيدون تموضعهم، يراقبون أهدافهم، حتى إذا عاد المحتل عادوا، باستهداف مدوى، يقتل من العدو أكثر وينهش من اقتصاده ما تبقى، ويسكن شعبه الملاجئ.

إن الحرب على صعوبتها ودمارها خلقت واقعا جديا، واقعا يقول إن إسرائيل ستنتهى لا محالة، وأن جيشها سيقهر بسهولة، وتقول إن العرب تعلموا الدرس فامتلكوا أدوات الدعاية والتسويق لمواقفهم وقضاياهم، ونجحوا في كشف صورة الكيان الذى نجح في البداية في إظهار نفسه كضحية، واليوم نجح العرب في إزالة ورقة التوت عن عوراته الكثيرة.

نجح العرب وفشل التطبيع الشعبى مع الكيان، بعدما عرفت الأجيال الحالية والتالية لها حقيقة الكيان، وتعمق الكره للمحتل في نفوس الأطفال والشباب وأيقن الجميع إن الخطر متى جاء لن يأتي إلا من الصهاينة.

نجح العرب وفشل الغرب في إنهاء القضية الفلسطينية، فقد كانت الحرب طوق النجاة، الحرب أعادت القضية للواجهة بعدما ظننا أنها انتهت، ونجح العرب وفشل المشروع التوسعى الاستيطانى، ومات الأمل في نفوس الصهاينة، فالحرب الحالية جعلتهم يتساءلون: إذا كنا لا نستطيع الاحتفاظ بما بين أيدينا فكيف سنتوسع نحو الجنوب والشمال؟










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة