عصام محمد عبد القادر

جماعات الظلام وترويج الشائعات وآليات دحضها

السبت، 04 نوفمبر 2023 10:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تتباين أنماط الشائعات عبر الفضائيات الممولة ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لتستهدف الجانب الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي، أو الديني، أو البيئي، أو الإعلامي، وأضحت الشائعات تقوم على فن صناعتها؛ حيث تُدعم بآليات إقناعٍ ومعلوماتٍ بها جزءٌ من الحقيقة؛ لتحدث أثراً فاعلاً في وعي الفئة المستهدفة، كما تعمل بدعمٍ من داخل المجتمع ذاته؛ فأحيانًا من يروج للشائعات ليس شريكًا في صناعتها؛ لكنه يستقطب كأداةٍ تساعد في زرع ونشر الشائعات بين أفراد المجتمع عبر الفضائيات الممولة ومواقع التواصل الاجتماعي المتعددة؛ لتحقق العداء والشقاق والحقد والكراهية، أو الخوف والذعر، أو التمني، أو الفضول، أو انتهاك الخصوصية، إلى غير ذلك من الآثار التي يصعب حصرها.

ولقد سطرت جماعات الظلام براثن عارٍ لا تغتفر بشأن تدشين الشائعات من خلال قنواتهم الفضائية الممولة ومواقع التواصل الاجتماعي بتنوعاتها، وما تزال تمارس الخيانة بكل صورها المقيتة خلال الأحداث الجارية التي تحدق بالمنطقة؛ فتلك غاياتٌ تستهدف توريط الدولة المصرية صاحبة السيادة في أمورٍ لا ناقة فيها ولا جملٌ؛ بغية هدمها ووقف التنمية المستدامة في ربوعها.

والشائعات التي تبثها جماعات الظلام ليل نهارِ تتزايد حول التشكيك في موقف مصر الراسخ تجاه القضية الفلسطينية منذ بدء الحرب على غزة؛ فقد كان وما زال موقف السيادة المصرية واضحاً تجاه التهجير وتصفية القضية على حساب الدولة، وأوضحت قيادتنا السياسية الحكيمة أن سيناء مصريةٌ وستظل مصريةً ولا مجال للتفاوض حول ذرة رملٍ منها، كونها تشكل الأمن القومي المصري من الجهة الشرقية.

كما أن جهود القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الدولة المصرية متواصلةٌ تجاه إيقاف نزيف الدم جراء الحرب المسعورة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة؛ فقد أكد سيادته بأن الأمور قد تخرج عن السيطرة، وتصبح المنطقة ملتهبةً، وتتفاقم الصراعات من قبل دولٍ ومليشياتٍ مختلفةٍ، وما توجهه جماعات الظلام من بث فتنٍ بين الشعب المصري ليخرج عن السياق بات مكشوفًا ولا جدوى منه؛ حيث إن شعبنا العظيم لديه وعيٌ سليمٌ وخبرةٌ عميقةٌ جراء ما مرت به البلاد من ويلات حروبٍ مع الكيان الصهيوني.

وإذا ما تبصرنا الآثار المترتبة عن الشائعات التي استهدفت النظام التعليمي المصري على سبيل المثال نجد أن المأرب منها تشويه النظام التعليمي بأكمله، وفقد ثقة المجتمع في مخرجاته، ونشر حالة من الإحباط المتنامي بين المتعلمين، وضعف قناعة أصحاب العمل بمهارات المنتج التعليمي، وقد يصل الأمر للتسرب التعليمي وتغيير مسار سلمه؛ نتيجة للاعتقادات والأفكار المغلوطة التي أصابت قطاع ليس بالقليل من المجتمع المصري، والقياس على هذا النموذج غير فارقٍ؛ فهناك الشائعات التي نالت من القطاع الصحي بالدولة لتظهر تدني مستوى الخدمة، وضعف الرعاية الصحية، وتداول الأدوية غير الفعالة، والسلع منتهية الصلاحية، والغاية تتمثل في اتساع الفجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة الوطنية، بمزيدٍ من القلق والخوف واليأس والرؤية المحبطة والمظلمة لما يأتي به المستقبل.

ولم تترك الشائعات مجالًا أو قطاعًا في الدولة المصرية إلا نالت منه؛ لتضع المواطن في حالةٍ من القلق والهلع المستمر وتزيد لديه ضعف الثقة في مؤسسات الدولة وحكومتها وقيادتها، وتقلل من التعاون والإيجابية حال مواجهة التحديات أو المشكلات التي يتعرض لها الوطن؛ لقناعة الفرد بأن التقصير دومًا من جهة الدولة ومؤسساتها والقائمين على إدارة شئونها، وهذا يؤكد ضرورة التصدي لتلك الشائعات بمنتهى الحزم والصرامة كونها تهدد الأمن القومي المصري بصورةٍ مباشرةٍ.

وأدوار مؤسسات الدولة الرسمية مهمة في مواجهة تلك الشائعات عبر مراكزها الإعلامية المختلفة التي تعرض بصورةٍ مستمرةٍ البيانات والمعلومات والحقائق المرتبطة بأعمالها وإنجازاتها وخططها الآنية والمستقبلية؛ لأن المعرفة تزيل الشك والتخمين وتحد من تفاقم أثر الشائعات المغرضة والمفبركة وتدحض الأكاذيب وأنماط الافتراءات التي تتعرض لها مؤسسات الدولة ليل نهارٍ.

ويتوجب على المؤسسات الاجتماعية بالشراكة مع مؤسسات الدولة الرسمية العمل على تقليل أو الحد من الاستقطاب التي تقوم به الجماعات المغرضة عبر أبواقها الكاذبة؛ حيث تركز تلك الجماعات على الفئات بعينها تحرضها على الخروج عن النظام العام وتحثها على معاونتها في إظهار كل ما هو سلبي أو به وجه قصور داخل القطر المصري؛ حيث تتبنى فكرة النقد الهدام الذي يساعد في تفاقم حالة الاحتقان والغضب، وللأسف مقدرتها على التأثير كبيرة بفضل التمويل التي تتلقاه تلك الجماعات المشبوهة من الخارج على وجه التحديد.

ولا مناص عن بتر فتن الصراع الاجتماع داخل إطار الدولة المصرية مبكرًا، والتي تحدثها الشائعات والأكاذيب التي تخلق مستويات متقدمة من العدائية بين فئات المجتمع سواء جاءت على شكل صراعاتٍ شخصيةٍ أو بين جماعاتٍ تحكمها القبلية أو جراء طائفيةٍ مفتعلةٍ أو بين طبقاتٍ ثقافيةٍ متباينةٍ؛ لذا فالمواجهة الحاسمة والحازمة والفورية من قبل أجهزة الدولة الأمنية وإبرام المصالحات المجتمعية صارت ضرورةً لا غني عنها في دحض هذا النوع الفتاك من الفتن التي تزيد من حالة الفرقة وتشوه صورة الدولة المصرية في الخارج.

وبات تطبيق القانون الذي يحارب الشائعات ويعاقب من يقوم بها أمرًا مهمًا؛ إذ توافرت في الشائعة أركانٌ ثلاثةٌ تبدأ بتكدير السلم العام، ثم إثارة الفزع بين أفراد المجتمع، ومن ثم تُلحق الأذى المقصود بمصلحة الدولة العليا، كما يجب إعادة النظر في العقوبات المفروضة على من يرتكب جرم الشائعات؛ لتصبح رادعةً وزاجرةً لمن تسول له نفسه القيام بتلك الشائنة التي تنال من الدولة المصرية العظيمة، ولا ضير من ألا يفرق القانون بين المروج ومطلق الشائعة في العقوبة، بما يحد من الانسياق نحو هذا الأمر الدنيء والسلوك غير اللائق.

ولا نتجاهل الدور التوعوي من قبل مؤسسات الدولة بشأن الابتعاد عن هذا الأمر غير الأخلاقي الذي يخالف الشرع والعرف مجتمعًا، وتبدو أهمية دور المؤسسة التربوية والإعلامية مهمة في هذا الشأن لتعمق الفكر الرشيد لدى الأفراد في مراحل العمر المختلفة، وتؤكد المسئولية والهوية الوطنية لديهم بصورةٍ مقصودةٍ.

حفظ الله شبابنا ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة