عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وبالرغم من عنف العدوان، فإن الحديث عن الدولة الفسطينية قد عاد حتى داخل الدول الداعمة للاحتلال، وبالطبع فإن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، فشل فى وعوده بإنهاء وإبادة المقاومة، وعجز عن منع الخوف داخل المجتمع الإسرائيلى، وكلما استمر القصف تضاعفت أعداد المدنيين الذين يرتقون شهداء، ويتوقع أن تتضاعف تظاهرات أهالى المحتجزين الإسرائليين، ولم يعد أمام الحكومة المتطرفة سوى قبول تبادل للمحتجزين، ومهما طال العدوان تتواصل الخسائر والطوارئ داخل إسرائيل، حتى لو كانت الولايات المتحدة تعوضه وتضاعف من حجم المعونات، فإن الرئيس الأمريكى نفسه، لم يربح انتخابيا كما كان الهدف، وبالتالى هناك تحول فى الخطاب الأمريكى ظهر فى خطابات بلينكن، أو بيانات السفارة الأمريكية، فواشنطن الآن تتحدث عن حل الدولتين ورفض التهجير أو الإزاحة.
وإن كانت الانقسامات والاعتراضات داخل الكونجرس لا تزال ضعيفة، فمن المتوقع أن تتزايد، خاصة أن مصالح الولايات المتحدة تواجه تهديدا، وقال السيناتور كريس مورفى من ولاية كونيتيكت فى بيان الخميس: «حان الوقت لكى يدرك أصدقاء إسرائيل أن النهج الحالى يتسبب فى مستوى غير مقبول من الأذى للمدنيين، ولا يبدو أنه من المرجح أن يحقق هدف إنهاء التهديد الذى تشكله حماس. أحث إسرائيل على إعادة النظر على الفور فى نهجها».
بل إن الرئيس الأمريكى جو بايدن، وكبار مستشاريه، حذروا إسرائيل من أنه سيصبح من الصعب عليها بشكل متزايد تحقيق أهدافها العسكرية فى غزة، مع اشتداد الغضب العالمى، بشأن حجم المعاناة الإنسانية هناك.
وحسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط، فقد حمّل بايدن، وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتونى بلينكن - اللذين غادرا أمس الأول الخميس إلى إسرائيل - رسالة حول حماية أرواح المدنيين، وأخبروهم أن تآكل الدعم ستكون له عواقب استراتيجية وخيمة لعمليات الجيش الإسرائيلى ضد حماس، وفق ما ذكرته شبكة «سى إن إن» الأمريكية، ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أيضا أن الوقت المتاح لإسرائيل محدود لمحاولة تحقيق هدفها المعلن المتمثل فى القضاء على حماس، فى عمليتها الحالية، قبل أن تصل الضجة حول المعاناة الإنسانية والخسائر فى صفوف المدنيين والدعوات إلى وقف إطلاق النار إلى نقطة التحول العالمى.
كل هذه التحولات بجانب التحركات الإقليمية والمواقف المصرية الحاسمة، وما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى من تحذيرات أن يتسع الصراع بشكل إقليمى، يهدد السلم والأمن الدوليين، كل هذا يشير إلى قرب انتهاء العدوان، الذى طال أكثر من كل مرة.
وتبذل مصر كل جهودها لمضاعفة كميات المساعدات الإنسانية والطبية، واستقبال الجرحى لعلاجهم بالمستشفيات المصرية، بجانب الجهود المصرية على كل الأصعدة، ومواصلة الاتصالات وتلقى أخرى، كلها قد تنتهى إلى وقف إطلاق نار، مع اتجاه مصرى للدفع بالقضية إلى الأمام، بعد حسم أى محاولة لتصفية القضية.
مصر أيضا - بشكل مسبق - دعت ودعمت محاولات المصالحة الفلسطينية، لإنهاء الانقسام، وأن يكون الفلسطينيون باتجاه واحد، وتنطلق مصر من موقف ثابت، يستند إلى دعم المواقف والخيارات الفلسطينية، حتى استعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه، وتظل وحدة الفلسطينيين هى الأولوية القصوى، حيث لا يمكن أن تتحرك عملية سلام «حقيقية» من دون أن يذهب الفلسطينيون «معا» إلى أى خيار، وهو ما تؤكده مصر دائما، بعيدا عن أطراف اعتادت المتاجرة بالقضية.
الشاهد أن الفرصة قائمة فى حال توقف الحرب، للدفع بالقضية الفلسطينية إلى الأمام، حتى لا تكون التضحية مجانية، وتعود الأوضاع إلى الدائرة المفرغة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة