حسابات العاطفة شىء، وحسابات العقل والمنطق شىء آخر، والمؤمن كيِّس فطن حذر، حتى وإن كان هذا الحديث موضوعا، ولكنه غير متعمد، لأنه يتفق مع قواعد المنطق، فلا يمكن الإقدام على عمل كبير يتعلق بمصير شعب، مثل اتخاذ قرارات إعلان الحرب، دون دراسة سياسية وعسكرية واقتصادية دقيقة، وتقارير تقديرات موقف، والنتائج المترتبة على خوض المعركة وأهدافها السياسية والعسكرية، بعيدا عن المغامرات غير المحسوبة.
ومن نعم الله على مصر أنها تمتلك جيشا قويا وعظيما، تاريخه منقوش على جبين الزمن، ومحفور على جدران المعابد والمقابر وباقى الشواهد الأثرية، تسرد بطولاته، داخل البلاد وخارجها.
جيش مصر، تاريخه واضح، ناصع، جبل فى رسوخه، لن ينال منه مزايدات، فانتصاره المبهر على الكيان الصهيونى مسطر فى التاريخ، منذ 50 عاما كاملة، كما أنقذ البلاد من الوقوع فى مستنقع الفوضى والتقسيم عقب أحداث 25 يناير 2011، وحافظ على كيان الدولة، وأحبط المخططات الكارثية، ونستطيع أن نقولها بكل ثقة، وضمير حى، إنه لولا قوة جيش مصر، وحكمة قياداته، لكانت البلاد انزلقت فيما انزلقت فيه بلاد أخرى، من خراب ودمار، ولم تخرج منه حتى الآن.
ولنتذكر فاجعة نجاح مخططات تفكيك الجيوش والقوات الأمنية، ومحاولة إعادة تشكيلها وتأهيلها وفقا لمفاهيم ومعطيات جديدة تختلف عن طبيعة وثقافة كل شعب، وأن كل محاولات إعادة بناء الجيوش بعد تفكيكها باءت بالفشل، وكانت لها توابع كارثية، منها ما هو مستمر حتى الآن، رغم كل محاولات البناء، والميزانيات الضخمة المرصودة، ووصلت إلى أرقام فلكية، ورأينا كيف كانت المخططات الرامية لتدمير الأوطان التى اندلعت فيها ما تسمى ثورات الربيع العربى، تبدأ بتفكيك الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيوش، وحدث ذلك فى عدد من الدول، ونجحت المخططات فيها.
ومن خلال هذا السرد، يتأكد للجميع، إقليميا ودوليا، أن جيش مصر مؤسسة عريقة متجذرة فى أعماق التاريخ، ومصنف من بين الكبار عالميا، لذلك له تقاليد وأعراف وقواعد وثقافة تحكم إدارته، وترشد قراراته، عكس الكتائب والميليشيات والجماعات والأحزاب المسلحة، التى تقاتل لصالح جماعة دون النظر لمقدرات الشعوب التى تنتمى إليها، وتحركها أغراض شخصية، وأصابع خارجية.
جيش مصر تحكمه التقاليد العسكرية، ودستور حماية الشعب والحفاظ على أمنه واستقراره، وصيانة الأمن القومى المصرى بمفهومه الشامل، ولا يؤثر فيه هاشتاج أو تريند أو شعار يتردد فى لحظة حماسية عاطفية دون حسابات دقيقة، لذلك هو جيش عريق، مسؤول، وليس ميليشيا أو جماعة مسلحة تقاتل من أجل مصلحة ضيقة.
لذلك، على كل مصرى وطنى حر، أن يشكر الله على نعمة وجود جيش قوى حامى حمى البلاد، مِن كل مَن تسول له نفسه الاقتراب من الحدود، والمقدرات المصرية، واستطاع أن ينتشل مصر من السقوط فى مستنقع الفوضى، ويأخذ بيدها نحو الأمن والاستقرار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة