ريم عبدالحميد تكتب: غزة فى عيون صحف العالم.. "انحياز أعمى وحياد باهت" والأزمة تعيد طرح حل الدولتين.. الصحف بدأت بتشبيه طوفان الأقصى بـ11سبتمبر والتساؤل عن الاجتياح البرى.. وانتهت بالتحذير ومخاوف من حرب عالمية

الأحد، 05 نوفمبر 2023 02:30 م
ريم عبدالحميد تكتب: غزة فى عيون صحف العالم.. "انحياز أعمى وحياد باهت" والأزمة تعيد طرح حل الدولتين.. الصحف بدأت بتشبيه طوفان الأقصى بـ11سبتمبر والتساؤل عن الاجتياح البرى.. وانتهت بالتحذير ومخاوف من حرب عالمية العدوان الإسرائيلى على غزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من نحيب على أرواح الإسرائيليين قتلى عملية طوفان الأقصى، والتنديد بما وصفوه بالإرهاب والمجزرة والمذبحة فى 7 أكتوبر، مصحوب بطوفان من الصور ومقاطع الفيديو لحالة الصدمة والحزن والهلع التى سادت فى أرجاء الدولة العبرية، إلى الاكتفاء بالحديث عن «الأزمة الإنسانية» وتزايد أعداد «القتلى» فى غارات إسرائيل على غزة، دون إشارة هذه المرة إلى «مجزرة» أو «مذبحة» أو غيرها من المصطلحات التى يفضل الإعلام الغربى أن يخصصها لضحاياه وضحايا إسرائيل دون غيرهم. 

 
لم تكن تغطية الصحافة العالمية، وتحديدا الغربية، للحرب على غزة، سوى حلقة جديدة من مسلسل الانحياز التام لإسرائيل وترويج لأكاذيبها، وتعاطف أعمى مع كل ما تصدره تل أبيب للعالم، لم يكن الأمر مستغربا، وإن ظل صادما بهذا القدر الهائل من التخلى عن «المهنية» أو «احترام حقوق الإنسان» أو غيرها من تلك الشعارات التى طالمت تسلحت بها المؤسسات الإعلامية الشهيرة فى وجه كل من يتبنى نهجا مغايرا لما يريد الغرب.
 
لكن مع تصدر مشاهد الدمار والدم والمستشفيات التى تعج بالموتى أكثر من الأحياء فى غزة، كسرت الأوضاع الإنسانية المزرية، إلى حد ما، حدة هذا الانحياز الأعمى. 
 
وعلى مدار شهر، هيمنت الأخبار القادمة من الشرق الأوسط على عناوين الصحف العالمية، وركزت الصحافة على عدة محاور، فكانت فى البداية منصبة على حجم الكارثة الإسرئيلية، لكن مع استمرار العدوان الوحشى على غزة وتزايد الدعوات إلى وقف إطلاق النار، تزايد الاهتمام فى الصحافة الغربية بمأساة الفلسطينيين، واتسعت مساحة انتقاد إسرائيل دون أن ترقى إلى إدانات قوية، وتزامن مع ذلك ترقب للاجتياح أو الغزو البرى المتوقع لغزة.
 

الصدمة والفزع

انعكست حالة الصدمة والفزع مما حدث فى السابع من أكتوبر، والذى أسقط نحو 1400 إسرائيلى فى يوم واحد فى أكبر عدد من الخسائر تتكبده الدولة العبرية منذ حرب السادس من أكتوبر عام 1973، على تناول الصحف لما حدث، فخرجت الصحف الأمريكية والإسرائيلية، لتشبه ما حدث بـ11 سبتمبر فى إسرائيل، أو حتى تفجير ميناء بيرل هاربر، الذى كان سببا فى دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية.
فنشرت صحيفة «هآرتس» مقالا كتبه الدبلوماسى والكاتب الإسرائيلى ألون بينكاس، بعنوان «7 أكتوبر 2023: تاريخ سيبقى عارا على إسرائيل»، اعتبر الكاتب أن الهجوم بمثابة كارثة إسرائيلية مروعة، إذ فشلت الدولة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجيش بشكل مذهل فى حماية مواطنيها، على حد تعبيره.
 
وقال: «لا يمكنك المبالغة فى تقدير حجم وقوة موجات الصدمة المدوية لهجوم السبت على إسرائيل، لقد أودى الهجوم، الذى من المؤكد أن يتصاعد، بحياة مدنيين، وأرعب بلدا بأكمله وكان مهينا بقدر ما كان مميتا».
 

فشل استخباراتى

مجلة فورين فورين بوليسى الأمريكية، قالت إن الهجوم الفلسطينى ليس له سابقة فى تاريخ الاحتلال، وأضافت أن التوترات والتحذيرات من الانتفاضة الثالثة كانت منتشرة، إلا أن حجم هذا الهجوم فاجأ إسرائيل وأيضا المراقبين فى الخارج، ووصفت الهجوم بأنه يمثل فشلا استخباراتيا هائلا للاحتلال.
 
أما صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية فقد وصفت السابع من أكتوبر باليوم الذى أذهل إسرائيل، وقالت إن الهجمات تهز الثقة فى أجهزة المخابرات.
 
ونشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» فى 8 أكتوبر مقالا بعنوان «هذه هى أحداث 11 سبتمبر الإسرائيلية»، كتبه أفى ماير، الذى اعتبر أن أحداث السبت تمثل أكبر فشل عسكرى واستخباراتى لإسرائيل منذ نصف قرن، إن لم يكن خلال 75 عاما من تأسيسها، وقارن بين هذا الهجوم وهجمات 11 سبتمبر، واختتم: «هذا هو 11 سبتمبر فى إسرائيل، لن يعود أى شىء كما كان».
 
بدورها قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن تشبيه السابع من أكتوبر بـ11 سبتمبر يقود إلى أهمية أخذ الدروس المستفادة من تلك الكارثة، فبالإضافة إلى الفشل فى توقعها بالغت إسرائيل فى الانتقام، لذا يتعين على إسرائيل أن تتجنب انتقاما يجلب لها أزمات أكثر تعقيدا.
وكانت هناك بعض الأصوات التى حاولت تحليل الأحداث بمنطقية أكبر، من بينها صحيفة لوموند الفرنسية التى قالت فى افتتاحيتها إن عناصر تفجير الوضع كانت متوفرة لحظة بدء هجوم 7 أكتوبر، فهو نتيجة مباشرة لتوسع الاحتلال الإسرائيلى على حساب أراضى الضفة الغربية واستمرار الانتهاكات بحق الفلسطينيين وثبات العجز الدولى فى حل هذا الصراع.
 
وأضافت «لوموند» أن مؤشرات تأزم الوضع كانت واضحة بسبب تزايد عمليات الجيش الإسرائيلى بالضفة الغربية وظهور جيل جديد من المقاتلين الفلسطينيين واستفزازات الوزراء المتشددين فى حكومة نتنياهو.
 

الاجتياح البرى 

بعد استيعاب الصدمة، وتراجع الكارثة الإسرائيلية أمام الكوارث المتلاحقة التى يشهدها قطاع غزة فى ظل منع دخول الوقود والماء والغذاء والمساعدات الطبية ناهيك عن الدمار الذى سببته الغارات الإسرائيلية، تحول اهتمام الصحافة العالمية إلى استعداد إسرائيل لغزو غزة أو اجتياحها بريا وتأخر هذا القرار وأسباب التأجيل، إلى جانب المخاوف من اتساع الصراع ليتحول إلى حرب إقليمية، وربما حرب عالمية بدخول أطراف من خارج المنطقة ما لم يتم احتواء الصراع.
 
فبعد أيام قليلة من عملية 7 أكتوبر، بات العالم مستعدا ومراقبا لتحرك الجيش الإسرائيلى الذى يتأهب لغزو غزة بريا، مع استمرار القصف الجوى غير المسبوق على القطاع، لكن بعد مضى أسابيع، لم يتم الغزو بالشكل المتوقع، وكانت هناك توغلات برية محدودة قامت بها القوات الإسرائيلية.
 
 الصحف العالمية تناولت بشكل موسع مسألة الاجتياح البرى وأسباب تأجيلة وتكلفته المحتملة لإسرائيل، وكان للصحافة الأمريكية على نحو خاص نصيب الأسد من الاهتمام، فى ظل الدور العسكرى القوى الذى تقوم به الولايات المتحدة من دعم إسرائيل بأحدث الأسلحة.
فى البداية حذرت صحيفة «نيويورك تايمز» من أن العملية البرية الإسرائيلية فى قطاع غزة قد تؤدى إلى أسوأ قتال شوارع منذ الحرب العالمية الثانية، ونقلت عن العقيد الأمريكى توماس أرنولد، الذى يحلل مثل هذه العمليات فى الشرق الأوسط قوله: سيكون الأمر فظيعا، المدن هى ساحة الشيطان، وهى تجعل العملية أكثر صعوبة بكثير، بحسب تعبيره.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية فى غزة يمكن أن تستغرق عدة أشهر، إن لم يكن سنوات، وتؤدى إلى دخول دول مجاورة، وأكدت أن مثل هذه العمليات فى المناطق المكتظة بالسكان يمكن أن تؤدى إلى وقوع إصابات كبيرة بين السكان المدنيين.
 
وعكست بعض التقارير قلق المسؤولين الأمريكيين من خطط الاجتياح الإسرائيلى، فقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن مسؤولين أمريكيين نصحوا إسرائيل بالتروى قبل شن عملية برية فى غزة حتى تتمكن الولايات المتحدة من إرسال «أصول عسكرية» على الأرض والاستعداد فى حال اتساع رقعة الصراع إقليميا.
 
كما قالت صحيفة نيويورك تايمز إن قرار إسرائيل الواضح بوقف غزو واسع النطاق لقطاع غزة، والقيام بدلا من ذلك بإجراء المزيد من التوغلات البرية المحدودة، على الأقل فى البداية، يتوافق مع الاقتراحات التى قدمها وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، لنظرائه الإسرائيليين فى الفترة الأخيرة.
 
وتحدثت الصحيفة عن مخاوف من تصاعد الأعمال العدائية كنتيجة محتملة لسقوط مزيد من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين.
على الجانب الآخر، تناولت صحف التحديات التى تواجه إسرائيل نفسها، فقالت صحيفة الجارديان إن أعداد القتلى من الجنود الإسرائيليين المتزايدة تسلط الضوء على الصعوبات التى توجه جيش الدولة العبرية، وإن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين يدركون هذه الحقيقة، وهو ما يفسر من تحذيراتهم من يوم طويل وصعب.
 
صحيفة فاينانشيال تايمز حذرت إسرائيل من تكرار أخطاء الماضى فى لبنان عام 1982 وأخطاء الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان، وأكدت أن التدخلات العسكرية لا تحقق وحدها أهدافا سياسية.
 

حل الدولتين

أعادت حرب غزة الحديث عن حل إقامة الدولة الفلسطينة، وبدأت الولايات المتحدة تلجأ إليه كوسيلة لإنهاء الصراع، وانعكس هذا فى تغطية صحفها، حيث قالت وكالة أسوشيتد برس إن الدفع نحو حل الدولتين، وهو الحل الذى تتعايش فيه إسرائيل مع دولة فلسطينية مستقلة، قد استعصى على الرؤساء الأمريكيين والدبلوماسيين فى الشرق الأوسط لعقود من الزمن، لقد تم تأجيلها منذ انهيار آخر الجهود التى قادتها الولايات المتحدة فى محادثات السلام فى عام 2014 وسط خلافات حول المستوطنات الإسرائيلية، والإفراج عن السجناء الفلسطينيين وقضايا أخرى.
 
ولفتت الوكالة إلى أن إقامة الدولة الفلسطينية هو أمر نادر ما تناوله بايدن فى بداية إدارته، وخلال زيارته للضفة الغربية العام الماضى، قال بايدن إن الأرض ليست ناضجة لمحاولات جديدة للتوصل إلى سلام دائم، حتى عندما أكد للفلسطينيين دعم الولايات المتحدة طويل الأمد لإقامة الدولة.
 
لكن الآن، فى وقت يتزايد فيه القلق من احتمال تحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمى أوسع، بدأ بايدن فى التأكيد على أنه بمجرد توقف القصف وإطلاق النار، لا ينبغى بعد الآن تجاهل العمل من أجل إقامة دولة فلسطينية.
 

الأزمة الإنسانية

مع تفاقم الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة، وتزايد التعنت الإسرائيلى إزاء إدخال المساعدات، تزايد اهتمام الصحافة العالمية بالوضع الإنسانى، فنشرت صحيفة «جارديان»، البريطانية، مقالا قالت فيه إن استجابة المجتمع الدولى لكابوس الحرب الحالية فى قطاع غزة لا ترقى لحجم المأساة التى يعيشها سكان القطاع جراء تلك الحرب.
 
وقال كاتب المقال مارك لوكوك، الذى شغل منصب رئيس إدارة الشؤون الإنسانية فى الأمم المتحدة فى الفترة من 2017-2021، إنه من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح داخل القطاع إذا ما تحمل المجتمع الدولى مسؤولياته التى يجب القيام بها دون تباطؤ من أجل تقديم الدعم الإنسانى اللازم لسكان غزة قبل فوات الأوان.
 
وأضاف الكاتب، أن حجم المعاناة التى يعيشها سكان غزة بسبب ارتفاع أعداد القتلى، بالإضافة إلى البؤس الذى يحيط بهم جراء نقص الغذاء والمياه والدواء يفوق بمراحل معاناتهم بسبب القصف الذى يتعرض له القطاع، حيث إن السكان الذين يلقون حتفهم جراء الجوع والعطش ونقص الدواء أكثر بكثير من الذين يموتون جراء القصف الذى يتعرض له القطاع.
 
اليوم السابع
 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة