بعد شهر من العدوان الإسرائيلى على غزة لم يحقق رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته المتطرفة، أى تقدم أو نتائج، باستثناء قتل المدنيين وارتكاب مجازر وجرائم حرب ضد الفلسطينيين العزل فى غزة. ووصل عدد ضحايا العدوان منذ 7 أكتوبر حتى أمس إلى أكثر من 10 آلاف شهيد، منهم 4104 أطفال، و2550 سيدة، و أكثر من 25 ألف مصاب، بحسب إحصائية وزارة الصحة فى غزة، وهو رقم يتجاوز المرات السابقة، مع استمرار العدوان، برا وجوا بشكل يتجاوز كل القوانين.
بالرغم من طول مدة العدوان ورفض رئيس الوزراء نتنياهو لوقف إطلاق النار، أو هدنة إنسانية، يواجه مأزقا كبيرا فى كل موقف، ففى حال وقف العدوان يعتبر اعترافا بالهزيمة، خاصة بعد ما تعرض له الجيش والنظام الأمنى والاستخباراتى من إهانة أفقدت العدوان هيبته مع عجزها عن تنفيذ ردع سريع كما كان فى السابق، وهو ما يعنى السعى إلى ترميم هذه الهيبة، وهو هدف لم يتحقق حتى الآن، خاصة وهناك فرق كبير وواسع بين قدرات الجيش الإسرائيلى مقابل الفصائل الفلسطينية، مما يضاعف الشعور بالعجز، خاصة أن نتنياهو لا يزال غير قادر على تقديم تقارير حول ما تحقق من نتائج على الأرض.
يضاعف من صعوبة موقف العدوان هو التراجع الواضح عن الاجتياح الشامل، والاكتفاء بعمليات توغل محدودة كل هذا يضع نتنياهو فى قلب الانتقادات والغضب، بجانب الانقسام فى الموقف الأمريكى، وبالرغم من أن الولايات المتحدة وإدارة جو بايدن تدعم العدوان، فإنهم لم يصلوا إلى أفق واضح فيما يتعلق بالنتائج كما أن الولايات المتحدة تخسر الكثير على المستوى النفسى، وتواجه غضبا عالميا، مع تحولات حتى داخل المعسكر الداعم للعدوان، بجانب تصاعد المعارضة للاستمرار فى الدعم، مع غياب أى تقارير عن نتائج.
وحسب تقرير للزميلة رباب فتحى فى «اليوم السابع»، فى الأمد البعيد فإن سعى الحكومة الإسرائيلية بتدمير الفصائل أمر لا يمكن الوصول إليه، لاسيما بعدما أثبتت هجمات 7 أكتوبر أن إسرائيل لا تستطيع توفير الأمن لمواطنيها من خلال السيطرة على ملايين الفلسطينيين، المحرومين من حقوقهم وحرياتهم ويعيشون فى ظل نظام من العنف الهيكلى الدائم وعدم المساواة.
وبالتالى فإن النتاج النهائى مهما طال الوقت للعدوان أنه لن يحقق أكثر من مضاعفة أعداد الضحايا والجرحى، ونشر الدمار، من دون أى نتائج على الأرض، كما أن إعلان تدمير الفصائل الفلسطينية هو أمر لم يحدث، ويبدو خارج قدرات أى حكومة أو قوة إسرائيلية بحكم التاريخ والجغرافيا، وتفاصيل السوابق، وهو ما يؤكده المفاوض الإسرائيلى السابق، ورئيس مشروع مركز أبحاث الشرق الأوسط الأمريكى، دانيال ليفى فى حكومة نتنياهو، مؤكدا أن قادة تل أبيب يعانون «خللا فى التفكير» فيما يخص سيناريوهات ما بعد الحرب فى غزة، وقال فى مقال بـ«نيويورك تايمز» إن إعلان الحكومة الإسرائيلية تدمير الفصائل، ينكر حقيقة تلك الحركات وتاريخها، حسب تقرير للزميلة رباب فتحى بـ«اليوم السابع»، وأشار ليفى إلى الخسارة المروعة التى تكبدتها إسرائيل لأكثر من 1400 مدنى وجندى فى 7 أكتوبر، كما أن عدد الضحايا المدنيين الفلسطينيين فى غزة أصبح مذهلاً، مع استمرار تدهور الأوضاع فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث استشهد ما لا يقل عن 155 فلسطينيا، وتم اعتقال أكثر من 2150 آخرين.
وهناك احتمالات لاتساع الصراع إقليميا بشكل يهدد الأمن ويمثل تهديدا للأمن الإقليمى والدولى، ومع هذا عجز نتنياهو عن تحقيق أى نتائج، بالرغم من أن جيش الدفاع كله، بطائراته ودباباته وصواريخه، ومدفعيته، وأنظمته الدفاعية، لا تزال صواريخ المقاومة تتساقط على إسرائيل، وحتى لو كانت تأثيراتها محدودة، فهى دليل على فشل نظام الدفاع، وكل التكنولوجيا الحديثة التى حصلت عليها إسرائيل.
وبالتالى فإن نتنياهو ليس أمامه سوى التوقف، مهما طال الوقت، أو يستمر فى حرب طويلة، تمثل استنزافا للجيش، وللاقتصاد، خاصة أن سيناريو إزاحة أو تهجير الفلسطينيين عن غزة فشل، والدول الكبرى تدعم سيناريوهات وقف العدوان والانخراط فى طريق مفاوضات حول المحتجزين وتبادل الأسرى، بجانب أنه لم يعد أمام إسرائيل سوى القبول بمفاوضات تنتهى بالدولة الفلسطينية، وهو ما دعت إليه مصر من البداية، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن أى صراع ينتهى إلى مسار سياسى وتفاوض، والأفضل هو التوصل إلى حل جذرى للقضية، بدلا من استمرار الاضطراب الذى يجدد المواجهة، وهو أمر لا يمكن استمراره بلا أفق، ويمثل ضغطا على كل الأطراف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة