تحل اليوم ذكرى تولى العادل زين الدين كتبغا المنصورى سلطنة الدولة المملوكية ليكون عاشر سلاطين المماليك، وذلك فى الأول من ديسمبر عام 1294 ميلادية.
وقد ورد عنه فى كتاب "اتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر" لأمين واصف وعبد العزيز محمود، أن الملك العادل "زين الدين المنصوري"، أصله من مماليك قلاوون، وحصل في أيامه غلاءٌ مفرط، لأن مد النيل قصر حتى أكل الناسُ الجِيَف، وفي زمنه وفد على مصر طائفة من المغول فرارًا من ملكهم غازان يدعون باسم "الأويراتية"، فإنه لما تغلب التتار على ممالك الشرق والعراق وجفل الناس إلى مصر نزلوا بالحسينية، وعمروا بها المساكن وأيضًا أمراء الدولة، وصارت من أعظم عمائر القاهرة، وكان السلطان كلما نزل من القلعة إلى الميدان لم يجد أحدًا، لقلة الناس وشغلهم بما هم فيه من الغلاء والوباء، واشتد خوفه من الفتنة فأظهر العناية بأمر الأويراتية، لأنهم كانوا من جنسه، وكان مراده أن يكونوا أعوانًا له عند الشدائد، فخشوا إيقاعه بهم، فآل الأمر أخيرًا بسببهم وبسبب عدم مسيره إلى بلاد الشام لمحاربة التتار إلى قيام بعض الأمراء عليه، فترك الملك وفر هاربًا إلى دمشق.
وورد عنه فى كتاب "تاريخ مصر الحديث" لجرجي زيدان، أن قبيلة المغول التى كانت تحت قيادة بيدو بن طرغاي بن هولاكو أصبحت بعد وفاته تحت قيادة الملك غازان محمود بن خربنده بن إيغاني، فتخوفت منه طائفة من رجاله عرفوا باسم الأويراتية، وفروا من بلاده إلى نواحي بغداد، فنزلوا هناك مع كبيرهم طرغاي، وجرت لهم خطوب آلت بهم إلى اللحاق بالفرات فأقاموا بها هناك، وبعثوا إلى نائب حلب يستأذنونه في قطع الفرات، ليعبروا إلى ممالك الشام فأذن لهم، وعبروا الفرات إلى مدينة بهنا فأكرمهم نائبها، وقام لهم بما ينبغي من العلوفة والضيافة، فاتصل ذلك بالملك العادل زين الدين كتبغا، فاستشار الأمراء في ما يفعل بهم، فاتفق الرأي على استقدام أكابرهم إلى الديار المصرية، وتفريق باقيهم في البلاد الساحلية وغيرها من بلاد الشام، فجيء بثلاثمائة من أكابرهم إلى القاهرة، وفرق الباقون بالبقاع العزيزية وببلاد الساحل، ولما قرب الجماعة إلى القاهرة خرج الأمراء بالعسكر إلى لقائهم، واجتمع الناس من كل مكان حتى امتلأ الفضاء للفرجة عليهم، فكان لدخولهم يوم عظيم فساروا إلى قلعة الجبل فأنعم السلطان على مقدمهم طرغاي بإمرة طبلخانة، وأجرى عليهم الرتب وأنزلهم بالحسينية، وكانوا على غير الدين الإسلامي فشق ذلك على الناس، وبُلوا مع ذلك منهم بأنواع البلاء، لسوء أخلاقهم، ونفرة نفوسهم، وشدة جبروتهم، وكان إذ ذاك في مصر والقاهرة غلاء عظيم فتضاعفت المضرة، واشتد الأمر على الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة