اليوم يبدأ ملايين المصريين الإدلاء بأصواتهم ولمدة 3 أيام فى الانتخابات الرئاسية، التى تمثل خطوة مهمة فى رسم المجال العام وعمل الدولة خلال 6 سنوات مقبلة، وكل من تابع الحوار الوطنى يعرف أن هناك تغييرات على الأرض، فيما يتعلق بشكل ومضمون النقاش، فى القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأنتج الحوار عددا من الاقتراحات التى تحقق بعضها، فيما يتعلق بالنظام الانتخابى، والممارسة السياسية، والمجتمع الأهلى والمدنى الذى أصبح يعمل بحرية أكثر، وتنوع يضاعف من فاعلية العمل الأهلى الذى يمثل جناحا مهما فى العمل العام، من خلال قوانين توسع من العمل العام، وظهر هذا فى نشاط واضح للتحالف الوطنى للعمل الأهلى.
الحوار الوطنى شهد أيضا نقاشا حول توسيع المشاركة السياسية من خلال الأحزاب التى شاركت مع الخبراء فى المناقشات والمطالب والاقتراحات، والذى يجعل عمل هذه الأحزاب أكثر تعبيرا عن تنوع المجتمع، وكانت هناك اقتراحات حول قوانين الانتخابات والممارسة السياسية، وضمانات الانتخابات.
وبالطبع فإن الحوار الوطنى يفترض أن يستكمل عمله بعد الانتخابات الرئاسية بالشكل الذى يفتح المجال لمزيد من النقاش حول المستقبل السياسى، خاصة أن الانتخابات الرئاسية الحالية تأتى بعد مرحلة انتقالية شهدت الكثير من التفاعل والتحولات التى ترتب الكثير من الخطوات تجاه العمل والمشاركة وتوسيع المجال العام، فى العمل السياسى والأهلى.
الانتخابات الرئاسية تجرى بإشراف وتحت سلطة الهيئة الوطنية للانتخابات، تحت إشراف قضائى كامل، قاضٍ على كل صندوق، بعد أن كان المفترض انتهاء الإشراف القضائى نهاية العام، لكن الحوار الوطنى أوصى باستمرار الإشراف القضائى، مما يضاعف من الضمانات الانتخابية، وبجانب هذا فقد استجابت الهيئة الوطنية للانتخابات لكل الطلبات التى وردت إليها من قبل منظمات داخلية وخارجية، طلبت متابعة الانتخابات، بجانب وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يجعل الانتخابات الرئاسية تحت المجهر، وقد أتاحت الهيئة فرصا متساوية للمرشحين، خلال الحملات الانتخابية، مع تسهيلات للمغتربين وناخبى الخارج الذين شاركوا بشكل أكبر مما سبق خلال الأسبوع الماضى.
الشاهد أن الانتخابات الرئاسية تمثل خطوة تتلوها خطوات لانتخابات محلية أو نواب وشيوخ خلال شهور، وهو ما يجعل الحوار الوطنى نفسه تحولا يضاعف من أبواب وفرص المشاركة، التى تفتح مجالا للأحزاب والجمعيات لإعادة تنظيم نفسها، وتعطى فرصة أكثر للمشاركة من قبل الشباب والمرأة والفئات المختلفة، استعدادا للمشاركة فى العمل العام بما يناسب الحال ما بعد انتخابات الرئاسة، لمن يريد ويرى أن هناك تغييرا فى الشكل والمضمون يشجع على العمل السياسى، أو الأهلى، وأن تنشط الأحزاب السياسية بصورة أكبر تتناسب مع حجم السكان، ومع مطالب الجمهور.
كل هذا يجعلنا أمام تجربة أكثر اتساعا وتنوعا، ومثلما كان الحوار الوطنى فرصة للجادين من كل الأطراف، فإن العمل العام أيضا فرصة لإدارة التنوع، وفتح المجال للمشاركة، باعتبار العمل العام حقا يرتب واجبات تتعلق بمدى تفهم الأوضاع العامة والسياسية، والعمل لصالح الناس، واستكمال كل ما يطالب به المشاركون بالحوار، الذى له طرفان، الدولة من جهة، والتيارات السياسية والأهلية من جهة ثانية، وتتحقق المعادلة بطرفيها وليس من طرف واحد.
ومن أهم مطالب الحوار الوطنى كانت توسيع المجال العام والمشاركة فى العمل السياسى، وتعديلات القوانين للممارسة أو العمل وتكافؤ الفرص، بناء على تجربة أكثر من 12 عاما، وتحولات فى النشر والتواصل الاجتماعى، وترتب الممارسة قدرا كبيرا من المسؤولية، فى الممارسة السياسية، والعمل الأهلى.. وتمثل الانتخابات الرئاسية خطوة مهمة تتبعها خطوات، وتحيط بها آمال فى تحقيق المزيد من الخطوات التى ترسخ أكثر لحقوق المواطنين والتوازن فى المجتمع، ضمن تجربة محلية تتناسب مع حجم وشكل التحولات الداخلية والخارجية، وممارسة سياسية ترتب حقوقا وواجبات.