تعمل إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن من أجل تمديد تشريع يسمح للولايات المتحدة بتتبع الاتصالات والرسائل عبر الإنترنت الخاصة بمن يشتبه بهم فى قضايا الإرهاب والتجسس.
وفقا لوول ستريت جورنال، تواجه المحاولات من اجل تمديد التشريع معركة بسبب معارضة متزايدة من كلا الحزبين، ومع اقتراب موعد انتهاء العمل بالبند "رقم 702" من قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية يقول عدد من المشرعين إن تجديد القانون بحاجة إلى مراجعة لتحسين حماية المعلومات الشخصية للأمريكيين
ما هو البند 702؟
تم إنشاء برنامج مراقبة الإنترنت والذى يتضمن برنامج "بريزم" (PRISM) من دون إذن للمرة الأولى سرا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وجرى إقراره فى قانون لاحقا بوضعه فى البند رقم 702 من قانون المخابرات الخارجية.
وتسمح المادة 702 لوكالة الأمن القومى الأمريكية "NSA" بمراقبة الاتصالات الرقمية للأجانب الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة من خلال شركات أمريكية مثل فيس بوك، وجوجل. ويعترض البرنامج أيضا اتصالات بين الأمريكيين وأجانب يعيشون فى الخارج.
قالت وول ستريت أن المشكلة ظهرت منذ قرابة عقدين عندما رأت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنها بحاجة للوصول إلى حسابات البريد الإلكترونى والهواتف الخاصة بأهداف استخبارات أجنبية، يتم استضافتها على أجهزة كمبيوتر فى الولايات المتحدة.
يحظر على وكالة الأمن القومى ووكالة الاستخبارات المركزية مراقبة أو التجسس على الأمريكيين أو الأجانب داخل الولايات المتحدة، لذلك أقر الكونجرس فى عام 2008 المادة 702 للسماح لوكالة الامن القومى بالوصول إلى تلك الحسابات الموجودة فى الأراضى الأمريكية.
من خلال ذلك تقوم وكالة الأمن القومى أيضا بجمع رسائل البريد الإلكترونى والرسائل الهاتفية لمواطنى الولايات المتحدة والأجانب المقيمين الذين يتواصلون مع أهداف للوكالة، أو يذكروا أحد أهداف وكالة الأمن القومي.
ووصفت وول ستريت جورنال المادة 702 من قانون الاستخبارات الأجنبية أنها أقوى الأدوات التى تستخدمها وكالات التجسس الأمريكية، وتساهم المعلومات التى تجمعها فى أكثر من نصف المعلومات الاستخباراتية التى يتم تقديمها للمكتب البيضاوى يوميا.
يتطلب الاستمرار بتنفيذ هذا القانون تجديد دورى حيث تتم مناقشته فى الكونجرس، لضمان توفر أسباب وحاجة تبرر الاستمرار بعمله فى الوكالات الفيدرالية
فى عام 2018، وافق الكونجرس على تمديد القانون، وفى عام 2014، خلصت لجنة مستقلة إلى أن "بريزم" لمراقبة اتصالات الأجانب على الإنترنت مشروع مفيد فى الحملة ضد الإرهاب وذلك فى ختام تحقيق أطلقته بعد المعلومات التى كشفها العميل السابق لدى وكالة الأمن القومى، إدوارد سنودن، فى عام 2013.
ويتيح "بريزم" لمحللى وكالة الأمن القومى مراقبة الاتصالات الإلكترونية لأشخاص أجانب ومتواجدين فى الخارج، وبحسب وثائق سنودن فإن فيس بوك وجوجل ومايكروسوفت وأبل وسكايب وياهو كلها ضمن نطاق عمل هذا البرنامج، لكن الشركات نفت إعطاء إمكانية الاطلاع المباشر على بيانات المستخدمين.
وفى الوقت الذى أكدت فيه اللجنة المستقلة ضرورة الاستمرار بمراقبة اتصالات غير الأمريكيين، إلا أنها شددت على عدم شرعية برنامج جمع المعلومات الهاتفية فى الولايات المتحدة، وهو برنامج يستهدف مباشرة الأمريكيين وأثار جدلا كبيرا فى الولايات المتحدة
اشارت وول ستريت إلى أن تمديد التشريع يواجه بيئة سياسية متزايدة الاستقطاب حيث يتوفر دعم قوى لتمديده فيما يريد البعض إصلاحه أو التخلى عنه كليا.
وسيصوت الكونجرس، الأسبوع المقبل، على تمديد قصير المدى لاستمرار العمل بالبند 702، ومن المقرر أن يستمر التمديد حتى ابريل المقبل وسيتم البحث فى مرحلة لاحقة حول ما اذا كان ستمت جديده مرة أخرى.
وقال كبار مسؤولى إنفاذ القانون والاستخبارات فى رسالة للكونجرس،، أن "المادة 702" أساسية للتعرف على المنظمات الإرهابية الأجنبية بما فى ذلك حماس، لكن رفضوا الكشف عن التفاصيل السرية التى تحيط بالبرنامج ككل.
وبينما استشهدت الرسالة بأمثلة تاريخية للمؤامرات الإرهابية التى ساعدت المادة 702 فى منعها، إلا أنها لم تقدم تفاصيل تتعلق بالصراع الدائر حاليا فى الشرق الأوسط
وواجه مكتب التحقيقات الفيدرالى انتقادات سابقة لما اعتبر انتهاك لبيانات تم جمعها بموجب البند 702 والتى استخدمت للتجسس على احتجاجات سياسية محلية، كما زادت الشكوك بشأن مراقبة السلطات الأمريكية لحملة الرئيس السابق، دونالد ترامب، فى عام 2016، عندما أثيرت مخاوف بشأن علاقات مزعومة مع روسيا
وفى مايو الماضى، قال باتريك تومى من اتحاد الحريات المدنية: " وسعت الحكومة بشكل كبير تجسسها بموجب البند 702 بطرق لم يفكر بها الكونجرس على الإطلاق، لكنها ترفض إطلاع الجمهور على ما تفعله".
وأظهرت وثائق نشرتها محكمة استخبارات المراقبة الخارجية السرية فى يونيو من العام الجارى، أن مكتب التحقيقات الفيدرالى أساء استخدام قاعدة بيانات خاصة للاتصالات الشخصية للأمريكيين، حيث أجرى بحث عن أسماء ضحايا جرائم ومشاركين فى احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" وأحداث اقتحام مبنى الكابيتول فى عام 2021.
وكانت هذه المحكمة أنشئت، فى عام 1978، كإطار قانونى للمراقبة الإلكترونية بعد فضيحة ووترجيت، ودخل مكتب التحقيقات الفيدرالى إلى قاعدة البيانات 278 ألف مرة فى السنوات الأخيرة
وتساءلت وول ستريت عن ما اذا كانت إدارة بايدن قادرة على التغلب على الشكوك المتزايدة بين الجمهوريين ومخاوف المدافعين عن الخصوصية لتجديد القانون قبل انتهاء صلاحيته، وأشارت إلى أنه اذا لم تنجح الإدارة الأمريكية فى ذلك فان الحكومة الفيدرالية سترتكب واحدة من أسوأ الإخفاقات الاستخباراتية فى العصر وفقا لما قاله المجلس الاستشارى للاستخبارات التابع لبايدن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة