أكثر المتفائلين لم يتوقع أن يكون اقبال المصريين على لجان الانتخابات للأدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية بهذه الأعداد والحضور الكثيف أمام اللجان في اليوم الأول والثاني من التصويت.
العديد من المراقبين للانتخابات أعربوا عن اندهاشهم واعجابهم من هذا الحضور اللافت من الناخبين باختلاف أعمارهم وأطيافهم من الصباح الباكر وحتى قبل موعد بدء التصويت في اللجان في التاسعة صباحا.
التقارير المحلية والدولية عن أول يومين لم ترصد مخالفات واضحة لمتابعة العملية الانتخابية داخل وخارج اللجان بما يخالف سير عمليات التصويت رغم عدد اللجان الكبير 11 ألاف و631 لجنة . فلم تسجل سوى ملاحظات صغيرة من بعض المراسلين الأجانب تتعلق بأمور تنظيمية وإدارية فقط ولا تمس حرية ممارسة المهنة والحرية الإعلامية في متابعة أكبر وأضخم انتخابات تشهدها مصر لاختيار قائدها في الست سنوات المقبلة
كل من تابع وراقب يشهد بأن الإدارة الانتخابية من الهيئة الوطنية للانتخابات تتم بحرفية ومهنية شديدة بالتعاون مع كافة مؤسسات وهيئات الدولة في منظومة إدارية رفيعة المستوى، كل شيء تم التجهيز له لإخراج انتخابات يشهد لها العالم ولتمحي من الذاكرة المصرية والدولية ميراث الماضي البغيض في الإدارات الانتخابية الرديئة. فقد حققت الحياة السياسية في مصر مكتسبا ديمقراطيا مهما نص عليه دستور 2014 وهو تشكيل هيئة وطنية مستقلة لإدارة الانتخابات بإشراف قضائي خالص بعيدا عن السلطة التنفيذية وهو ما شكل جسرا مهما لبناء الثقة الكاملة لدى جمهور الناخبين بعدم التلاعب في الأصوات أو ما كنا نعرفه ونسمع عنه في السابق من عمليات " تسويد البطايق الانتخابية" و" ابدال الصناديق"
الإدارة النزيهة والشفافة للانتخابات في مصر هو ما دفع الناخبين أو جزءا كبيرا منهم للنزول والمشاركة والادلاء الأصوات بعيدا عن السلبية والعزوف عن المشاركة التي هي حق طبيعي ودستوري أصيل للمواطنين.
لكن الاقبال اللافت والمدهش خلال أمس وأمس الأول عكس وعبر عن ارتفاع مستوى الوعي والادراك لدى الشعب المصري بالمسئولية الوطنية وبالواجب الوطني تجاه مصر ويقينهم بأن صوتهم في هذه الانتخابات بمثابة استجابة لنداء الوطن في ظروف سياسية وأمنية واقتصادية إقليمية غاية في التعقيد وتهدد أمن البلاد القومي
ورغم كافة الصعوبات والمعاناة من الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية فقد تسامى المصريون فوق جراحهم ومشاكلهم ومعاناتهم ليعلو بمصلحة الوطن العليا فوق مصالحهم الشخصية ليضربوا المثل الرائع في التضحية والفداء عندما يتعلق الأمر بقضية الوطن والمخاطر التي تواجهه
سجل المصريون بهذا الخروج الى لجان الانتخابات تاريخا جديد مضافا الى السجل الحافل من المواقف الوطنية التاريخية المبهرة في العصر الحديث والمعاصر التي دائما ما تدهش العالم وفي رسالة صريحة وواضحة بأن الرئيس والقائد القادم لن يحكم فقط بشرعية الصناديق وانما بشرعية شعبية جارفة تعكس الدعم الكامل له في استكمال مسيرة البناء والتنمية الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
صنع المصريون ملحمة وطنية حقيقية تضاف الى " المعجزات" السابقة ليؤكدوا لمن يتربصون بمصر أن الشعب المصري بالمرصاد لأية مؤامرات أو مخططات خبيثة تهدد أمن مصر وأنه صف واحد خلف وطنه وقائده.