المعارك البرية التي أعلن عنها جيش الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة أسفرت حتى الآن ومنذ بداية الحرب الاجرامية على غزة عن خسائر جسيمة في المعدات والآليات والجنود الصهاينة.
المعارك على الأرض وتحييد سلاح الطيران الإسرائيلي كشف أن الجندي الإسرائيلي مهما بلغت درجة تدريبه وتسليحه وحجم الانفاق عليه لا يصل الى الكفاءة القتالية المرتفعة وخاصة اذا كان يقاتل في أرض لا يعرفها وأمام مقاومة عنيفة وشرسة ومدربة ولديها الدراية الكاملة بالشوارع والحواري والأزقة التي تقاتل فيها وتدافع عنها.
الخسائر التي يتلقاها جيش الاحتلال الصهيوني بصورة يوميا ويتكتم على نشر الأعداد الحقيقية لقتلاه في معركة غزة ضد المقاومة الفلسطينية تدلل على الفشل العسكري الإسرائيلي على الأرض على الرغم أن أقوى ألويته العسكرية وهو اللواء جولاني هو الذي يقود المعركة على الأرض في أحياء وشوارع وحواري غزة وهو أقدم ألوية الجيش الصهيوني وهو لواء مشاة ضمن قوات النخبة الذي تأسس عام 48
التسريبات الإعلامية لوسائل الاعلام الإسرائيلية واعترافات بعض القادة العسكريين الحاليين والسابقين تؤكد صحة أرقام المقاومة الفلسطينية عن خسائر الصهاينة في غزة وآخرها ما صرح به أحد القادة السابقين للواء "جولاني" الإسرائيلي بأننا : "خسرنا ربع قواتنا بمعارك غزة" حسبما ذكرت قناة القاهرة الإخبارية يوم السبت
ما أعلنت عنه المقاومة الفلسطينية بكافة أجنحتها – ولم تكذبه إسرائيل- يشير الى أن مجموع ما تم تدميره من الآليات الإسرائيلية يقدر مجموعه بحوالي 812 آلية عسكرية منذ بدء الحرب البرية على قطاع غز، علاوة على عدد قتلى الجيش الإسرائيلي التي قدرتها وسائل اعلام إسرائيلية بأكثر من ألفين جندي و5 آلاف جريح
بعض الكتابات تذهب الى تشبيه ما يحدث في غزة بمعركة ستاليننجراد الروسية وهي واحدة من أهم وأضخم المعارك الكبرى الفاصلة في الحرب العالمية الثانية خلال الحملة العسكرية الألمانية على الاتحاد السوفيتي السابق، واستمرت حوالي 6 أشهر من أغسطس 1942 وحتى بداية فبراير 1943.
تفاصيل معركة ستاليننجراد بدأت بالهجوم على المدينة في صيف 42 حيث سبق سلاح الجو الألماني وصول القوات البرية ونفذ حملات قصف جوي عنيف ومتواصل حولت المدينة إلى أنقاض وأطلال- وهو ما قام به سلاح الطيران الصهيوني على غزة- لكن ذلك انعكس بعدها سلبا على الجيش الألماني وأرغمه على التخلي عن تكتيكه الناجح الذي يعتمد بصفة كبيرة على سلاح الدبابات والهجمات السريعة الخاطفة، ليجد نفسه غارقا في حرب مدن من بيت لبيت ومن شارع لشارع.
داخل المدينة احتدم القتال العنيف وسط عدم الاعتبار لسقوط الضحايا سواء عسكريين أو مدنيين، فقد أعطى اسم «ستالينغراد» للمعركة أهمية بالغة واستثنائية عند كل من جوزيف ستالين الذي تحمل المدينة اسمه ونظيره الألماني أدولف هتلر، فكان من المستحيل أن يقبلا الخسارة فيها مهما كلفهما الأمر. على الرغم من تمكن الألمان من إخضاع كامل المدينة تقريبا بعد مقاومة شديدة واجهوها من السوفيات، إلا أنهم فشلوا في كسر آخر الخطوط الدفاعية للجيش الأحمر الذي تمسكت قواته بالضفة الغربية لنهر الفولغا.
استدرج السوفيت الجيش الألماني مع بداية فصل الشتاء وتساقط الثلوج الى المستنقع الذي أدى الى محاصرة وتطويق حوالي 250 ألف من قوات الجيش السادس والفيلق 4 داخل المدينة. ومع تواصل الحصار بدأت المقاومة الألمانية تضعف، فقد تسبب البرد والجوع في إنهاك الجنود، وتعطلت الآليات والمدرعات لقلة الوقود، إضافة إلى نقص الذخيرة، في وقت اشتدت الهجمات السوفيتية التي تريد إنهاء وجودهم. ازداد الأمر سوءا برفض هتلر قيام الجيش السادس بكسر الحصار والخروج من ستالينغراد حيث أمرهم بالبقاء مهما كلفهم الثمن مع ضمان مواصلة تزويدهم بالإمدادات عن طريق جسر جوي، وقيام القوات الأخرى بهجوم مضاد لكسر الحصار وتوحيد القوات. لكن ذلك لم ينجح بعدما فشل الهجوم الألماني المضاد «عملية عاصفة الشتاء» في الوصول إلى ستالينغراد، وعجزت عمليات التموين بالجو عن نقل كميات كافية من المؤن والذخيرة لتغطية حاجيات الجيش، ثم توقفت كلياً بعد احتلال الجيش الأحمر للمطارات التي تستعملها القوات الألمانية سواء التي داخل المدينة أو القريبة منها. قاد كل ذلك للانهيار التام للجيش الألماني السادس الذي اضطر قائده فريدريك باولوس للاستسلام في 2 فبراير 1943 ومعه أغلب قوات الجيش السادس رغم مواصلة البعض الآخر القتال إلى أن تمت تصفيتهم .
الخسائر البشرية في معركة ستالينغراد بلغت حوالي 2 مليون ضحية، وهو ما يصنفها كإحدى أكبر المعارك دموية في تاريخ الحروب. الجيش الألماني تعرض لثاني أكبر خسارة له في الحرب العالمية الثانية، والتي كان لها الدور الأكبر في تحول مجرى الحرب العالمية الثانية فلم يستعد النازيون قوتهم السابقة ولم يحققوا بعدها أي انتصار استراتيجي في الشرق.
ربما تكون هناك تشابهات بين المعارك في غزة وستاليننجراد مع الأخذ في الاعتبار الى أن الجيش الأحمر السوفيتي هو الذي قاتل الجيش الألماني وفي غزة فصائل مقاومة تسليحها لا يقارن بتسليح الجيش الإسرائيلي لكن القتال على الأرض يضاعف شراسة القتال مثلما حدث في ستاليينجراد.
ما يحدث حاليا في شوارع وحواري غزة يشبه المستنقع الذي يغرق فيه لواء جولاني الصهيوني والفشل العسكري هنا مع إطالة أمد المعارك والعدوان بمثابة فشل لجيش الاحتلال الإسرائيلي وانتصار للمقاومة والخسائر اليومية لأفراد الجيش الصهيوني تشكل ضغطا كبيرا على حكومة نيتنياهو فالصهاينة لا يتحملون حجم الخسائر اليومية التي تنشر ويتم تسريبها رغم الرقابة العسكرية الخانقة على وسائل الاعلام في تل آبيب علاوة على نزيف الخسائر للاقتصاد الإسرائيلي التي بلغت حتى الآن حوالي 30 مليار دولار(111 مليار شيكل إسرائيلي)
نجاح المقاومة في افشال الهدف المعلن من العدوان المدمر للكيان الصهيوني في تحرير الرهائن المدنيين و الآسرى العسكريين والقضاء على البنية العسكرية لحماس وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما يعيد الى الذاكرة " لعنة غزة" التي حلم قادة الكيان الصهيوني بغرقها في البحر . غزة تشكل عقدة لدى الإسرائيليين حتى في أساطيرهم التاريخية.