يقترب شهر ديسمبر من نهايته، وما زال العدوان الإسرائيلى على غزة مستمرا، ليستمر معه سقوط المزيد من الشهداء المدنيين الأبرياء، ويواصل رئيس الوزراء الإسرائيلى القصف والاجتياح، ويطلق تصريحات تبدو فى الظاهر قوية لكنها تخفى الكثير من الأزمات التى تتسع كل يوم، وربما لا تعنى الكثير أمام الواقع الذى تفرضه الأحداث الحالية، حيث يواجه الجيش الإسرائيلى مقاومة شرسة على الأرض، ويفقد عددا من جنوده وضباطه يوميا فى مواجهة لا تؤتى نتائج، بينما يتضاعف عدد الضحايا المدنيين فى غزة ما يفرض غضبا دوليا.
قادة أوروبا والولايات المتحدة، يبدو أنهم التزموا الصمت والعجز أمام آلة الحرب الصهيونية التى يقودها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وحكومة المتطرفين فى الكيان، ورغم أنه يعلن الانتصار ويواصل الحرب، ويسقط المزيد الأطفال والنساء فى غزة، إلا أنه الاستعداد لمحاربة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، وأن قطاع غزة سيبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب.
نتنياهو أعلن أمام لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست، أن إسرائيل جاهزة لسيناريو تقلب فيه فوهات البنادق، وتوجهها نحو قوات السلطة. وأنه سيقيم إدارة مدنية فى القطاع، ولن يسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة للحكم فى قطاع غزة بأى حال من الأحوال، وأخطر ما قاله «نتنياهو»: «لن نقبل بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، وأبلغنا واشنطن بقرارنا النهائى، وأن اتفاقية أوسلو كانت خطأ تاريخيا لن يتكرر مجددا، والأوربيون بتفقون معى فى هذا الرأى ولكن بشكل سرى»، وهو أمر يبدو نوعا من المبالغة ضمن محاولة نتنياهو الاستمرار فى الحكم بأى ثمن، حتى لو كان الثمن ارتكابه المزيد من جرائم الحرب، وردا على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى حول منع قيام دولة فلسطينية، قال نبيل أبوردينة الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، إن «استمرار هجوم نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، على السلطة الوطنية الفلسطينية وتفاخره بالعمل على منع قيام دولة فلسطينية مستقلة، يتماشى مع الحملة المسعورة التى تشنها وسائل إعلام غربية بهدف تصفية المشروع الوطنى الفلسطينى، الذى تقوده منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى».
أيضا أثارت تصريحات نتنياهو انتقادات معلّقين ووسائل إعلام إسرائيلية اتهموه «باستغلال الحرب وضحاياها الإسرائيليين»، لتعزيز وضعه السياسى والحفاظ على ائتلافه اليمينى، واعتبروا كل تصريحاته منذ بداية الحرب على غزة بأنها جزء من حملة انتخابية يواصلها لخدمة مصالحه، لدرجة أن المحلل عميت سلونيم فى الموقع الإخبارى العبرى «والا»، كتب: «ليس هناك حضيض لا يستطيع نتنياهو الهبوط إليه»، بجانب أن ادعاءات نتنياهو بوقوف الغرب معه بشكل كامل، تنفيها التحركات الأوروبية، وبمواقف معلنة.
ويبدو أن الانتخابات هى الشاغل الأهم لكل من نتنياهو، وحليفه فى واشنطن جو بايدن، حيث كتبت صحيفة «واشنطن بوست»، إن الرئيس جو بايدن عندما حذر إسرائيل الأسبوع الماضى من أنها تخسر الدعم الدولى بسبب حربها فى غزة، ربما كان يحذر أيضا من أن إدارته ذاتها لديها الكثير لتخسره، مع وجود اعتراف داخل إدارة بايدن بأن الدعم الأمريكى لإسرائيل بدون شروط، حتى مع الاعتراف بالتجاوزات الإسرائيلية وضغطه على حكومة بنيامين نتنياهو لحماية الفلسطينيين الأبرياء، ربما يكون لها ثمن لمكانة الرئيس فى الداخل والخارج، ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول رفيع بالإدارة قوله: «عندما يكون الرأى العام فى العديد من الدول معاديا، تزداد صعوبة الحصول على الدعم فى القضايا التى نهتم بها»، وقالت الصحيفة «إن العزلة التى تعانى منها أمريكا كانت أكثر وضوحا فى المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث كانت واشنطن الوحيدة تقريبا التى عارضت قرارات من مجلس الأمن الدولى تطالب بوقف إطلاق النار فى غزة».
تصريحات نتنياهو، جددت الحديث عن خطة معلنة لتصفية القضية الفلسطينية، لكن المحللين اعتبروها نوعا من إخفاء العجز عن وقف الحرب، وتغطية على قتل رهائن إسرائيل من قبل جيش الاحتلال، خاصة مع عدم تحقيق نتائج كبيرة، كان يمكن أن تدفعه إلى وقف الحرب، وإذا كان كل هذا القصف والقتل لم ينجح فى دفع سكان غزة للهجرة، ومواجهة هذا السلوك من قبل مصر والأردن، فإنه لا يمكنه أن يحقق أى منفعة لإسرائيل، ما يجعل من الصعب تنفيذ المخطط، فضلا عن أعباء وثمن يجب أن يدفعه فى حال نفذ تهديده بإدارة غزة، بجانب مخالفة ذلك للاتفاقيات والقانون الدولى، وهو ما يضع رئيس وزراء الاحتلال فى مأزق جديد لا يمكنه تجاوزه بالانتخابات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة