السيسى يعد باستكمال «الحوار الوطنى» بمزيد من التنوع فى الأفكار والرؤى وتطوير وتنمية الحياة السياسية والحزبية
وثيقة لمرحلة جديدة يتسع فيها المجال العام وتسهم فى تنمية سياسية تقوم على مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية
نتائج التصويت فى الانتخابات الرئاسية تضاعف مخزون الثقة لاستكمال مرحلة جديدة من العمل السياسى والتقدم
بالكم والكيف، تمثل نتائج التصويت فى الانتخابات الرئاسية، استكمالا للمشهد الفارق الذى بدأ قبل شهور، وبداية لمرحلة جديدة من العمل السياسى بتوقيع الشعب المصرى، الذى يصر على السير فى طريقه للبناء والتنمية، وتنظيم تجربته الديمقراطية الحديثة، ويواجه تحديات غير مسبوقة، جاهزا ومستعدا للمستقبل بكل قوته ووحدته التى مثلت ولا تزال مفاتيح السعى للمستقبل وإدارة التنوع فى تجربة واضحة المعالم.
وحسب إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار حازم بدوى، فقد بلغت نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية 2024 نحو 66.8 % من أصوات الناخبين وهى نسبة غير مسبوقة فى كل الانتخابات الرئاسية التعددية التى شهدتها مصر، حيث بلغ عدد المقيدين فى قاعدة البيانات 67.032 مليون ناخب، حضر منهم 44.777 مليون ناخب، وبلغ عدد الأصوات الصحيحة نحو 44.288 مليون صوت بنسبة 98.9 % وعدد الأصوات الباطلة 489307 أصوات بنسبة 1.1 %، وحصل المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى على 39.7024 مليون صوت بنسبة 89.6 %، وحصل حازم عمر على 1986352 صوتا بنسبة 4.5 % ، وحصل محمد فريد زهران على 1776952 صوتا بنسبة 4 %، وحصل عبدالسند يمامة على 822606 أصوات بنسبة 1.9 %.. وبناء عليه أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات أن ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسى تبدأ من اليوم التالى على انتهاء ولايته الحالية.
مشهد رسمه ملايين المصريين بالخارج والداخل، ينهى مرحلة انتقالية هى الأصعب فى تاريخ أى أمة، ليواصل بناء مرحلة أكثر اتساعا وتنوعا، ويفتح مجالات جديدة.
الحضور اللافت للمصريين
بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن نتائج التصويت، فى تجربة تنافسية واضحة، وبحضور غير مسبوق على مدى 12 عاما ما بعد يناير، و30 يونيو، حصل المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى على نسبة تصويت تتجاوز 89 % من نسبة الأصوات الصحيحة، وبالتالى يتولى مسؤولية فترة رئاسية جديدة تمتد 6 سنوات مدعوما بشرعية ضخمة، جدد الشعب المصرى ثقته فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعد عملية انتخابية جرت بشكل حضارى، ولم تشهد خروقات ولا تجاوزات، وحظيت بمتابعة محلية ودولية، ومراسلين أجانب، شهدوا بنزاهة العملية الانتخابية، وقدرة تنظيمية للهيئة الوطنية للانتخابات، وحياد إعلامى داخلى من كل المنصات والقنوات والصحف والمواقع.
الحضور اللافت والواضح للمصريين فى الانتخابات الرئاسية، يكشف عن مدى إدراك المصريين لحجم وشكل التحدى داخليا وإقليميا.. وإصرار على استكمال مسار سياسى واقتصادى، يلبى مطالب المرحلة، وهو ما انعكس فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى عبر عن تقديره واحترامه للشعب المصرى، مؤكدا أن اصطفاف المصريين لم يكن اختيار رئيسهم لفترة رئاسية، ولكن تصويتا أمام العالم كله، وإدراكا لتحدى الحرب فى الشرق وما تمثله من تهديد للأمن القومى، ودعم القضية الفلسطينية، والتعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية.
كعادته أكد الرئيس السيسى أن البطل فى مواجهة هذه التحديات، هو المواطن المصرى العظيم الذى تصدى للإرهاب وعنفه، وتحمل الإصلاح الاقتصادى وآثاره، وواجه الأزمات بثبات ووعى وحكمة، مجددا العهد فى بناء دولة ديمقراطية، تجمع أبناءها فى إطار من احترام الدستور والقانون، وتسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية القائمة على العلم والتكنولوجيا، وتسعى لتوفير الحياة الكريمة له تمتلك القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
وعود الرئيس المنتخب
ووعد الرئيس السيسى باستكمال الحوار الوطنى، بشكل أكثر فاعلية وعملية، مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التى شهدتها العملية الانتخابية وهو ما أفرز تنوعا فى الأفكار والرؤى، ناتجا عـن تنوع المرشحين واتجاهاتهم السـياسـية، وخاطب المصريين قائلا «إن اختياركم لى فى مهمة قيادة الوطن تكليف أتحمل أمانته أمام الله «عز وجل» وأمامكم، وكان الاصطفاف نموذجا للوعى والإرادة»، وقال السيسى «كما عاهدتكم رجل مصرى، نشأ فى أصالة الحارة المصرية العريقة أنتمى إلى المؤسسة العسكرية.. ولا أملك فى مهمتى التى كلفتمونى بها، سوى العمل بكم، ومن أجلكم لا أدخر جهدا، ولا أسعى سوى لإرضاء الله تعالى، وتحقيق آمالكم وتطلعاتكم، إن اختياركم لى لقيادة الوطن.. إنما هو أمانة.. أدعو الله أن يوفقنى فى حملها بنجاح، وتسليمها بتجرد فلنعمل معا، لأجل مصرنا العزيزة وبقوة شعبها واصطفافه الوطنى».
الرابح هو الشعب
الواقع أن الرابح فى هذه الانتخابات ونتائجها، هو الشعب المصرى، صانع هذا المشهد، والذى حرص على الحضور والتصويت والتوقيع، على وثيقة الأمل والرهان على الديمقراطية والتنوع، التصويت الكثيف يحمل رسائل متعددة، أهمها هو تأكيد أن حسابات الشعب المصرى واضحة، يجدد الثقة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويقدر صدقه وإخلاصه خلال سنوات كانت الأصعب، وفى نفس الوقت يثق فى تحميله المسؤولية لإدارة الملفات الداخلية والخارجية، والاقتصاد والإصلاح الاقتصادى والمالى بهدف تحسين معيشة المواطن، وتحقيق مطالب وضعها الحوار الوطنى، وتوافقت عليها التيارات والأحزاب السياسية التى شاركت وتمثل مطالب وخطوطا مهمة لعمل الدولة خلال المرحلة المقبلة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى دعا فى إعلان ترشحه بختام مؤتمر حكاية وطن إلى استكمال بناء الدولة على أسس الحداثة والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ودولة المؤسسات، التى تحقق لمواطنيها الحياة الكريمة، مؤكدا احترام كل الآراء التى طرحت فى الحوار الوطنى، ووعد بالعمل على بحث ودراسة حزمة المخرجات، التى أفرزها الحوار الوطنى، والاستمرار فى هذه الحالة الحوارية، وتطوير وتنمية الحياة السياسية والحزبية، لتتحقق للدولة مسارات وبدائل ورؤى متعددة، وأن تكون «الانتخابات بداية حقيقية، لحياة سياسية مفعمة بالحيوية.. تشهد تعددية وتنوعا واختلافا».
وثيقة للمستقبل والبناء
كان مؤتمر حكاية وطن، وثيقة لا تتعلق بانتخابات رئاسية فقط، لكن بمرحلة جديدة يتشكل فيها المجال العام، وتضمن عرضا لما تحقق فى كل المجالات، وحجم ما واجهته الدولة من تحديات، وكيف تعاملت معه وشكل التعامل فى المستقبل، من دون أى إخفاء، وإجابات عن أسئلة الاقتصاد والسياسة، وبرامج الحماية ومبادرات نجحت فى علاج الكثير من التراكمات.
ومن يريد أن يقرأ حجم ما تغير فى شكل ومضمون الواقع المصرى على مدى 10 سنوات منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، عليه أن يقرأ خريطة الداخل والإقليم والعالم، وحجم ما تحقق فى بلد كبير ارتفع عدد سكانه من 84 مليونا عام 2014، ووصل إلى أكثر من 105 ملايين الآن، مع 9 ملايين لاجئ من الدول التى دمرها الاحتراب، وفقد أهلها الأمان والاستقرار.
ومنذ كان وزيرا للدفاع، لبّى السيسى نداء الشعب الذى خرج فى 30 يونيو، بشجاعة، لم يقف مكتوفا أمام التهديد لوحدة الشعب والمصير المجهول الذى حاصر دولا من حولنا ولم تخرج منه، اتخذ السيسى القرار، وتولى المسؤولية، ثقة فى قدرة الشعب المصرى على التحمل والصبر، وكان عليه أن يحل المعادلة الصعبة، مواجهة الإرهاب المدعوم بتمويل ضخم، ومنصات تدعمه وتخدمه بالتشكيك والدعاية السوداء، واقتصاديا الاحتياطى النقدى تآكل، والبنية الأساسية متهالكة، وتدهور الصحة والتعليم، وتهديدات مثل فيروس سى والفشل الكلوى والسرطان والنقل والطرق، والعشوائيات وانقطاع الخدمات، والعزلة الدولية، والإقليمية، بإخلاص اختار مع المصريين الطريق الأصعب، داخليا وخارجيا، وحل المعادلة الصعبة، بعد تشخيص الوضع من كل الاتجاهات، لم يلتفت لتحذيرات من تراجع شعبيته، أو ضعف الإمكانيات، بدأ ببناء محطات الكهرباء العملاقة، توازيا مع شبكة طرق عملاقة وكبارى ومحاور وأنفاق، ومدن صناعية وأخرى سكنية من الجيل الرابع «العلمين الجديدة، المنصورة الجديدة، دمياط، أسيوط، المنيا الجديدة»، تستوعب ملايين، وتتضمن أنشطة زراعية وصناعية وتجارية واجتماعية مع إسكان اجتماعى لمحدودى الدخل وتمتص الزيادة السكانية، حيث ارتفع سكان مصر بنحو 25 مليونا خلال 10 سنوات فقط.
المبادرات والممرات التنموية
نجحت استراتيجية المبادرات الرئاسية فى مواجهة مشكلات مزمنة، وتم علاج الملايين من فيروس الكبد الوبائى، ومبادرات «100 مليون صحة»، وإنهاء قوائم الانتظار للعمليات الخطرة، والكشف على سرطان الثدى للنساء، وعلاج التقزم والعيون والسمع للأطفال، مع البدء فى التأمين الصحى الشامل بمحافظات القناة والصعيد تمهيدا لاكتمالها خلال سنوات.
وبالتوازى معها كانت عملية إنهاء العشوائيات ونقل سكانها إلى الأسمرات 1و2، وغيط العنب، والسيدة زينب، والمدابغ، مع توسيع ملف الحماية والاجتماعية، وصرف معاش «تكافل وكرامة» للأسر الفقيرة.
ومن يرجع إلى مطالب واقتراحات النخب والخبراء على مدار عقود كانت ممرات التنمية، والتى تعنى ببساطة إقامة شبكات طرق وقطارات وموانئ، وربط كل هذه الطرق بالمدن الجديدة، خطة ممرات التنمية بدأت منذ قناة السويس الجديدة وإعادة تخطيط المنطقة الاقتصادية، ثم شبكة الطرق، والقطارات والمترو والتى تربط الشرق بالغرب وتفتح المجال للتوسع الأفقى والرأسى، ثم أنفاق قناة السويس التى تربط سيناء بالوادى والدلتا، ومدن من الجيل الرابع تستوعب ملايين السكان والمجتمعات وهى مدن قابلة للبقاء وتتضمن أنشطة صناعية وزراعية وتجارية تجعلها إضافة إلى مساحة مصر جغرافيا.
القطارات والطرق الدائرية والإقليمية تمثل شبكة طرق تمتد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وتربط موانئ البحر الأحمر بالمتوسط، وقطارات كهربائية سريعة، تربط خطوط الاستثمار والسياحة، ومدن صناعية فى كل محافظة، وحول شبكات الطرق والمدن يتوقع أن تقام مجتمعات سكانية وأنشطة تتواصل بين نقاط التنمية، وتحتمل المزيد من السكان، لتكون مجتمعات قادرة على البقاء والتوسع، وهى عملية تقوم على تخطيط وتظهر نتائجها وتجيب عن أسئلة مهمة، للخروج من الوادى الضيق ومضاعفة جغرافية مصر.
ثم تم إعلان مبادرة «حياة كريمة»، التى اعتبرتها الأمم المتحدة أفضل الممارسات الدولية توافقا مع كل أهداف التنمية المستدامة، وتطوير شامل للريف فى أكثر من 4500 قرية خلال 3 مراحل، بتكلفة تتجاوز التريليون جنيه، ليكون تغييرا حقيقيا لأكثر من نصف سكان مصر، مكونات البنية التحتية من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وتغيير حياتهم جذريا، ليصبحوا شركاء فى عملية التنمية، ويشعروا بثمار نتائج عملهم.
فى الزراعة يأتى مشروع مستقبل مصر وزراعة 288 ألف فدان خلال 3 سنوات، تصل المساحة خلال عامين إلى 700 ألف فدان، ضمن «الدلتا الجديدة» بمساحة 2.2 مليون فدان، ومشروع تنمية جنوب الوادى فى توشكى بمساحة 1.1 مليون فدان، وشمال ووسط سيناء 456 ألف فدان، والريف الجديد 1.5 مليون فدان، والصعيد والوادى الجديد بمساحة 650 ألف فدان، وهو ما يمثل إضافة تصل إلى ربع المساحة التى تكونت على مر العصر الحديث وإضافة أفقية للجغرافيا، بنحو 7 % تضاف لمثلها على مدى عقود.
وبعد أن بلغت الدولة المصرية، درجة من اللياقة وصارت أكثر استقرارا كانت الدعوة للحوار الوطنى طريقا لبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التى وصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى أنها «تمتلك القدرات الشاملة اقتصاديا، وسياسيا، واجتماعيا، وتعلى مفهوم المواطنة وقبول الآخر، وتسهم فى تنمية سياسية تحقق حيوية للمجتمع، تقوم على مفاهيم العدالة الاجتماعية والكرامة والإنسانية»، وهى مطالب تأجلت أثناء مواجهة تحديات وجودية، من إرهاب وغيره، وأصبح ضروريا بناء حياة سياسية تحتمل اتساعا فى المجال العام، وتنوعا تطلبه مرحلة جديدة، يمكن من خلالها استيعاب الجميع، وبناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية، لتكون أرضية لجمع الشمل واستيعاب الخلافات بين التيارات السياسية والحزبية، خاصة وقد تبعت دعوة الرئيس للحوار الوطنى، خطوات تؤكد صدق النية والرغبة فى الحوار بشكل حاسم، لرسم خارطة جديدة للعمل السياسى، واستجابة من الرئيس لمطالب الحوار فى الإشراف القضائى وتعديلات قوانين الوصاية والمعلومات ومفوضية منع التمييز، والتى تعالج اختلالات فيما يتعلق بتكافؤ الفرص.
نتائج الانتخابات تؤكد أن السيسى راهن وكسب الرهان، وهو ما ضاعف من مخزون الثقة، التى توحد المصريين، ومواجهة المستقبل بشجاعة وإخلاص.