منذ إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تأكيد التوجه الكبير نحو مزيد من التعاون والحوار، سواء فى كلمته التى تلت الإعلان عن فوزه بأكثر من 89% من عدد الذين أدلوا بأصواتهم، وسط حضور غير مسبوق للناخبين فى انتخابات تعددية تجاوزوا 44 مليون مواطن.
والواقع أن مشهد استقبال الرئيس السيسى للمرشحين الثلاثة الذين خاضوا انتخابات الرئاسة أمامه يحمل رمزية مهمة، ويتجاوز كونه مجاملة من الفائز لمنافسيه، ويعبر عن احترام، وتوجه لفتح المجال لمرحلة جديدة من العمل السياسى، والتعاون خاصة إذا وضعناه بجانب الكلمة التى ألقاها الرئيس فور إعلان فوزه بفترة رئاسية جديدة، فى انتخابات شهدت حضورا غير مسبوق للناخبين.
السيسى فى كلمته أعلن استمرار الحوار والتوجه نحو مجال عام أوسع، ومساحة حركة وتفاعل مع الأحزاب والتيارات السياسية والمدنية، وسبق وعبر الرئيس عن تقديره واحترامه للمشاركين فى الحوار الوطنى، وتوصياته، والالتزام باستمراره، وحملت كلمة الرئيس تقديرا للشعب المصرى، بجانب تجديد تأكيده على تقدير الشعب والذى كان عاملا مهما فى مواجهة الإرهاب وقبول الإصلاح الاقتصادى، مما يحمل أيضا استيعابا لمطالب وطموحات الشعب فى التعامل مع الملفات السياسية والاقتصادية، وجدد تأكيده باستمرار السعى لبناء دولة ديمقراطية تمتلك القدرات الشاملة وتجمع أبناءها فى إطار من احترام الدستور والقانون، وتسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية القائمة على العلم والتكنولوجيا.
تأكيد الرئيس استكمال الحوار الوطنى، بشكل أكثر فاعلية وعملية والاستفادة من الحالة الثرية، التى شهدتها العملية الانتخابية وما أفرزته من تنوع فى الأفكار والرؤى، يضاعف من قيمة الثقة فى الحوار، ويستبعد أى ادعاءات سابقة بأن الدعوة للحوار الوطنى كانت ترتبط بالانتخابات وتنتهى بانتهائها، فالرئيس أعلن أن الحوار مستمر والتنوع مقبول ومطلوب.
الواقع أن الحوار الوطنى بدأ بدعوة الرئيس إليه من دون استبعاد، وبالفعل تم بناء جسور للثقة بفضل عمل لجنة العفو الرئاسى، التى واصلت حل ملفات المحبوسين أمام النيابة أو بقرارات عفو، والحرص على إعادة المفرج عنهم لأعمالهم ومساندتهم اجتماعيا، بجانب استجابة الرئيس لاستمرار الإشراف القضائى على الانتخابات، وهو ما تم تطبيقه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بجانب تحويل التشريعات مثل قانون المعلومات ومفوضية ضد التمييز، وغيرها، التى أعلن الرئيس استجابته لها، وأحالها إلى المجالس النيابية لإقرارها.
الشاهد أن الرئيس دعا إلى الحوار الوطنى الذى شهد فى جلساته مشاركة واسعة من تيارات سياسية ومدنية متنوعة، ومعارضين ظهروا لأول مرة، وأتيحت لهم مساحات بالإعلام وفى الجلسات، كما شارك خبراء فى كل المجالات، استمروا شهورا، وتم بناء جسور ثقة.
وأعلن الرئيس بعد فوزه استمرار الحوار، وخلال لقائه مع المرشحين الذين خاضوا انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى، وفريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وعبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد، بحضور المستشار محمود فوزى رئيس الحملة الانتخابية للسيسى، أكد تقديره لأدائهم السياسى خلال العملية الانتخابية، بشكل يثرى التعددية والتنوع فى المشهد السياسى، واعتبر أن النجاح الحقيقى تمثل فى المشاركة الكثيفة وغير المسبوقة من المواطنين فى الانتخابات، بما عكس وعى الشعب المصرى، مؤكدا أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية فى المجتمع مكون جوهرى لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة، وهو ما يحمل المزيد من الخطوات تجاه إدارة التنوع.
ويمثل وجود 3 رؤساء أحزاب فى الانتخابات الرئاسية، فرصة، سواء خلال عرض برامجهم وأحزابهم أو آرائهم التى تختلف حسب توجه كل منهم، يمكن أن تمثل قاعدة للمزيد من التفاعل تجاه حياة سياسية أكثر انفتاحا وتنوعا، ونفس الأمر فيما يتعلق بالعمل الأهلى والمدنى، بشكل يضاعف من مخزون الثقة، خاصة أن هناك الكثير من الملفات التى تتطلب استمرار وحدة الشعب، التى كانت دائما نقطة قوة فى مواجهة التحديات، وهذا التصويت غير المسبوق يمنح شرعية كبرى للرئيس، ومسؤولية كبرى، أهمها التنوع مع الوحدة.