فى الحلقات السابقة من سلسة مقالاتى "لماذا ستنتصر غزة؟" تحدثت عن أسباب تؤكد انتصار المقاومة الفلسطينية، وهذه الأسباب سردت منها ضياع هيبة الاحتلال فى 7 أكتوبر الماضى وخلال حربه على غزة، ومساندة مصر للقضية وحق الشعب الفلسطينى فى البقاء حرا على أرضه، والعقيدة القتالية للمقاوم الفلسطينى والتى تجعله لا يخشى حتى الموت، والنزيف الاقتصادى الذى يعانيه العدو يوميا.
وفى الحلقة الخامسة من سلسلة مقالاتى سأتعرض لسبب إضافى يساهم بلا شك فى انهيار الكيان حاليا ومستقبلا، وهو التفوق العددى للفلسطينيين على الصهاينة فى الأراضى المحتلة، حيث يمثل شعب فلسطين الآن وبدون المهجرين والمحرومين من العودة ما يوازى 51% مقابل 49% للصهاينة، وهذه النسبة زادت فى السنوات الأخيرة لصالح فلسطين، وزادت أكثر منذ اندلاع الحرب، فى 7 أكتوبر الماضى، فقد بلغت الهجرة العكسية ما يزيد على النصف مليون جميعهم استوطنوا دولهم الأصلية التى وفدوا منها، ناهيك عن عدد كبير من الصهاينة طلب اللجوء إلى دول أوروبية.
والحق أقول لكم إن الهجرة العكسية وطلب اللجوء هو شبح يرعب قادة الكيان اللذين حرصوا منذ نكبة 1948 على جذب اليهود من شتى بقاع الأرض حتى أنهم أقروا تشريعا فى 1950 باسم "قانون العودة" يُعطى اليهود فى مختلف بقاع العالم حق الهجرة لإسرائيل والاستقرار فيها والحصول على جنسيتها، بهدف تحقيق كثافة سكانية أكبر من الفلسطينين اللذين هجرتهم بالقوة.
وربما معلوم للبعض أن مؤسسى الكيان ارتكزوا فى إقامته على الكثرة السكانية، وفى ذلك لم يتوانوا فى تقديم المزايا لجذب اليهود ونجحوا فى تحقيق ما يرموا إليه على مدار عقود من الزمان.
وصحيح لعبت معركة طوفان الأقصى دورا بارزا فى هجرة عدد كبير من الصهاينة، لكنها لم تكن البداية، ففى نهاية 2020 وصل عدد المغادرين للكيان أكثر من 750 ألفا وبنهاية 2022 وصل العدد إلى 900 ألف، وهى أرقام كبيرة مقارنة بعدد الصهاينة فى الأراضى المحتلة وللتأكيد على صدقها نشير إلى أن هذه الإحصائيات صدرت عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
القناة الـ12 العبرية فاجأتنا وأسعدتنا فى نفس الوقت عندما أعلنت، أن عددا كبيرا من الصهاينة قدّموا طلبات لجوء للبرتغال بعدما أعلنت قبولها لليهود الحاملين جواز سفر دولة الاحتلال، ويرجع سبب الهجرة الرئيسى وفق محللين إسرائيليين إلى فقدان الشعب الشعور بالأمان نتيجة تزايد المقاومة الفلسطينية وآخرها وأشرسها بطبيعة الحالى طوفان الأقصى.
ما أود قوله هو أن العد التنازلى لنهاية الكيان المحتل بدأ ويسير بوتيرة متسارعة، والأسباب كثيرة لانتصار غزة وفلسطين فى المجمل، لأن الكثافة السكانية هو ما قام عليه الاحتلال، وأعتبره ركيزة أساسية للاستمرار فى سرقة أراضينا، وهى الركيزة التى تبددت أو كادت بفعل المقاومة فى الضفة والقطاع، وبفعل صمود شعب الجبارين على أرضه، ولذا نقول بمنتهى الأريحية إن غزة ستنتصر لا محالة فى الحرب الدائرة حاليا والتى تليها، وإن غدا لناظره قريب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة