المسئولية والأمانة التى حملها الشعب المصرى للرئيس عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة دليل ثقة من المصريين فى كفاءة وجدارة الرئيس فى قيادة مصر ومواجهة كافة التحديات الداخلية والمخاطر الخارجية خلال الست سنوات المقبلة.
فالتحديات كبيرة والمخاطر صعبة لكن اصطفاف المصريين خلف القيادة يمكن أن يعبر بسفينة الوطن إلى بر الأمان طالما النوايا مخلصة والكل يؤمن بحتمية استمرار دوران عجلة العمل والإنتاج من أجل بناء اقتصاد وطنى قوى قادر على تلبية تطلعات المصريين.
نحن على ثقة بأن ما يشغل بال المصريين ويستحوذ على تفكيرهم ويؤرقهم يعرفه الرئيس جيدا ويدركه وعلى يقين به، ويعدهم ليكون أحد أهم الأولويات فى مرحلة الرئاسة الجديدة.
فإذا سألت أى مواطن حاليا عن الملف الأهم بالنسبة للتحديات القادمة سوف يجيب عليك فورا.. إنه ملف الأسعار وحالة الانفلات غير المسبوقة فى الأسواق المحلية والاحتكار الذى يقوم به بعض كبار التجار ورجال الأعمال الجشعين للتحكم فى قوت وغذاء المصريين فى ظل غياب الرقابة والقوانين الرادعة والحاسمة.
المواطن العادى يعبر بصورة مبسطة عن ملف التضخم فى مصر والذى بلغ نسب لافتة فى السنوات القليلة الأخيرة، حتى وصل إلى 40% ثم انخفض قليلا خلال الشهور الأخيرة إلى 38% نتيجة زيادة الطلب على السلع والخدمات بزيادة أسرع من القدرة الإنتاجية للاقتصاد، ومع توافر المزيد من الأموال للأفراد، تؤدى معنويات المستهلك الإيجابية إلى زيادة الإنفاق والطلب على السلع ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار، مع الأخذ فى الاعتبار عمليات الاحتكار واستغلال الأوضاع الاقتصادية من بعض التجار خاصة للسلع الأساسية التى تحقق فيها مصر اكتفاء ذاتيا بنسبة كبيرة مثل السكر والأرز والبيض والدواجن والبصل ومنتجات الألبان،
ويتفق كثير من خبراء الاقتصاد أن ملف التضخم وتأثيره على الأسعار هو أحد أهم الملفات والتحديات خلال الفترة المقبلة، ويتطلب إجراءات وتدابير فى السياسة النقدية والمالية للسيطرة عليه من خلال التنسيق بين البنك المركزى ومجلس الوزراء وليس فقط البنك المركزى، فمستوى التضخم الثابت نسبيا أو الآخذ فى الانخفاض، واستقرار الأسعار إلى جانب ثبات سعر العملة المحلية وتوافر المعروض من النقد الأجنبى يساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية ويسمح للشركات -الوطنية والأجنبية- بالتخطيط للمستقبل، لأنها تعرف ما يمكن توقعه.
فقضية الأسعار أصبحت بلا رابط وأصبحت تشكل ضغوطا رهيبة على الأسر المصرية فى ظل الارتفاع الجنونى غير المبرر الذى يؤثر بشدة على الأسر المتوسطة والأكثر احتياجا.
نحن فى حاجة إلى آليات جديدة غير تقليدية بالاستعانة بخبرات اقتصادية وكفاءات لا تعدمها مصر وزاخرة بها لوضع حلول متطورة للحد من التضخم والتحكم فى الأسعار والرقابة على الأسواق والإسراع بوضع تشريعات مغلظة ورادعة للمتاجرين والمحتكرين لغذاء المواطنين، فالتشريعات الحالية غير كافية وغير رادعة، فالغذاء مسألة أمن قومى حتى لو تم اللجوء إلى إجراءات وآليات مشددة مثل التسعير الجبرى مثلا، حفاظا على الأمن الاجتماعى للبلاد، فتداعيات الغلاء خطيرة على التلاحم والتواصل الاجتماعى للمصريين، وينتج عنه سلوكيات غريبة عن المجتمع المصرى.
ما سبق يقودنا إلى الملف والتحدى الثانى وهو أزمة النقد الأجنبى وتراجع العملة المحلية أمام العملة الصعبة وخاصة الدولار.
والمواطن العادى يتمنى أن تصح التصريحات الشهيرة للدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء عندما أعلن "أن أزمة الدولار التى تشهدها مصر تمثل أزمة عابرة.. أزمة العملة سوف تنتهى فى فترة قريبة، لكن الأهم هو ما بعد ذلك".. وهى التصريحات التى بعث خلالها برسائل طمأنة بشأن واحدة من أكثر الأزمات إثارة للجدل داخل مصر فالأزمة متفاقمة والسوق السوداء نشطة.
الحكومة تؤكد أنها أزمة عابرة استنادا على تحركات الدولة الهادفة لتوفير الدولار وسط حالة تفاؤل لأن يشهد العام المقبل بداية الانفراجة، فى ظل العديد من المؤشرات المختلفة بما فى ذلك انضمام مصر لمجموعة بريكس، وتفعيل اتفاقية مبادلة العملات مع عدد من الدول مثل الإمارات والهند وروسيا، فاتفاقية التبادل مع الإمارات -مثلا- توفر نحو مليار و400 مليون دولار بما يخفف من الضغط على العملة الأجنبية، إلى جانب برنامج الطروحات الحكومية، الذى يتضمن 32 شركة لتوفير العملة الصعبة.
الملف الثالث وهو أهم الملفات والتحديات لمرحلة الرئاسة القادمة هو استمرار التوسع فى الزراعة، وإضافة مساحات جديدة للرقعة الزراعية وهو المتوقع خلال نهاية العام المقبل بإضافة ما بين 3- 4 ملايين فدان تستهدف زراعة المحاصيل الاستراتيجية التى تشكل ضغطا على فاتورة الاستيراد والعملة الأجنبية مثل القمح والذرة والفول الصويا والنباتات الزيتية، والوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى وتعظيم المنتج المحلى ... ودعم الصناعة المصرية دعما لا محدودا خلال الفترة المقبلة، فالصناعة هى ركيزة الاقتصاد القوى والقادر ويدعم توجيهات الرئيس بالوصول إلى سقف المائة مليار دولار صادرات وبالتالى خفض العجز فى الميزان التجارى إلى الحد المقبول... الزراعة والصناعة ملفان ضروريان للغاية خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب الاهتمام بتطوير القطاعات الاقتصادية غير التقليدية مثل صناعة تكنولوجيا المعلومات والاستفادة من تجارب الدول مثل الهند فى هذا المجال لدعم زيادة الصادرات غير البترولية المصرية، واستمرار التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية لتوفير الكوادر المؤهلة وتصديرها أيضا.
الملف الرابع وهو تفعيل الاستراتيجيات والمبادرات الخاصة بمواجهة الزيادة السكانية حتى يمكن الوصول إلى معدلات نمو متوازن أو تتجاوز نسبة الزيادة السكانية فى مصر، فالمعدلات الحالية تلتهم للأسف معدلات النمو ولا يشعر المواطن البسيط بحجم العمل والإنتاج على الأرض فى المعدلات الرهيبة فى الزيادة السكانية.
الملف الخامس .. الاستمرار فى مشروعات البنية التحتية وسرعة الانتهاء منها والالتزام بالجداول الزمنية المحددة بما يحقق عوائد إيجابية كثيرة ومتعددة من ناحية جذب الاستثمارات وتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة وإمكانية توجيه الاستثمارات الحكومية الى مشروعات البنية الفوقية من خدمات الصحة والتعليم ومواجهه الظواهر العشوائية فى الشارع المصرى.
الملف السادس فى التحديات القادمة.. هو ملف التشريعات خاصة ملف قانون المحليات وضرورة الانتهاء منه، فسوف يساهم بصورة كبيرة فى مواجهة الفساد المحلى والحد من مظاهره.
و"الحوار الوطنى" ناقش فى جلساته خلال مايو الماضى القانون بمشاركة كبيرة من الأحزاب ومختلف القوى السياسية التى اتفقت جميعها على أهمية إجراء انتخابات المحليات فى أسرع وقت، وضرورة خروج القانون للنور، فالمجالس المحلية تحقق غرضين أحدهما رقابى وفقا للدستور، وآخر قائم على التدريب وإعداد كوادر جديدة لإعداد جيل جديد قادر على القيادة، خاصة أن آخر انتخابات كانت منذ سنوات طويلة تسببت فى اختفاء الكوادر الشبابية، والرئيس السيسى أعلن التزامه بتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى بما يتماشى مع صلاحياته الدستورية.
فغياب القانون بصورته الجديدة يفاقم من مظاهر العشوائية والفساد فى الشارع المصرى، فى ظل عدم وجود الرقابة الفاعلة من المجلس الشعبية والمحلية على أضخم جهاز إدارى فى مصر وهو العاملين بالمحليات.. وما أدراك ما العاملين بالمحليات..!
فى رأيى هذه أهم الأولويات لملفات المرحلة المقبلة على الصعيد الداخلى، وأظن أن تحريكها والإنجاز فيها من شأنه الإبحار بمصر إلى مرحلة جديدة تماما.
أما التحديات الخارجية فهناك ثقة كاملة من الشعب المصرى فى حكمة وإدارة الرئيس السيسى لهذه الملفات، خاصة الملفات الإقليمية التى تحيط بمصر من كل جانب فى غزة والسودان وليبيا وملف مياه النيل.