صور لن تنسى من غزة.. لقطات تتحول لأيقونات لصمود وألم الشعب الفلسطيني

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023 05:04 م
صور لن تنسى من غزة.. لقطات تتحول لأيقونات لصمود وألم الشعب الفلسطيني صور من غزة ـ نقلاً عن العدد الورقي
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طفل صغير يصرخ ويرتجف وهو يرى رصاص الموت يحاصره، بينما يحاول أب مكلوم عاجز حمايته وافتدائه بجسده بلا جدوى. ينطلق الرصاص الغاشم، وينتشر الغبار ثم ينقشع عن صورة مفزعة، سقط الطفل صريعًا على ركبتي والده وعم الصمت والموت والانكسار والفزع. من منا تمكن من إخراج هذه الصور الرهيبة للطفل محمد الدرة من ذهنه؟
 
محمد الدرة
محمد الدرة
ربما تكون هذه المشاهد أول ما يتبادر إلى ذهنك فور أن يذكر اسم فلسطين والانتفاضة الفلسطينية، فمنذ سبتمبر 2000 انحفرت هذه الصورة في أذهان وقلوب العرب جميعًا مخلفة ندبة لا تندمل ودفعت الملايين وقتها إلى الانتفاض من أجل القضية الفلسطينية وأحيت كراهية الاحتلال الإسرائيلي في نفوس آلاف الأطفال الذين رأوا على الشاشات أمام عيونهم طفلاً يشبههم تمامًا يفقد حياته بلا أي رحمة. وسرعان ما تحولت صورة محمد الدرة الشهيرة إلى أيقونة للقضية الفلسطينية ولجرائم الاحتلال الإسرائيلي. 
 
يمر الزمن ويتطور وتصبح الكاميرات والهواتف المحمولة في كل يد، ويزداد توحش الاحتلال الإسرائيلي وتستفحل جرائمه، ليخلف لنا خلال الحرب الأخيرة على غزة عشرات الصور الأيقونية المشابهة، وقدرًا مفزعًا من الألم الذي لن ينسى، وقصص ربما لم نكن أبدًا لنصدقها لو لم نكن عايشناها لحظة بلحظة بسبب تطور التكنولوجيا. قدر كبير من الألم ممتزج بصمود مدهش وصبر وإيمان وعزيمة وإصرار على البقاء والحياة وبذل الغالي والنفيس من أجل التمسك بالأرض والوطن. 
 
 
من يمكنه يومًا أن ينسى "روح الروح"؟ وصورة ذلك الحضن الأخير من جد يودع حفيدته ويضمها بقوة وكأنه يتمنى لو أعادها بطريقة سحرية ما إلى داخل ضلوعه ليحميها للأبد أو يفارقا الدنيا معًا. تنهمر دموع الجد "خالد نبهان" بينما يتذكر كل تلك اللحظات الحلوة التي جمعته بحفيدته "ريم" والحياة التي لم تكن سهلة لكنهما كانا يجيدان الاستمتاع بها طالما هما فيها معًا. 
 
روح الروح
روح الروح
من سيمكنه نسيان ذلك الصف الأزرق الطويل الذي تكتشف بمجرد تقريب الصورة أنه لقبر يضم أكثر من 120 شهيدا في غزة اضطروا لدفنهم في قبر جماعي.
 
قبر جماعي
قبر جماعي
أو تلك النظرة الساهمة على وجه العروس الشابة "وصال" التي تحتضن حذاء زوجها الشهيد "أحمد الأشرم"، الحبيبان اللذان جمعهما الزواج قبل الحرب بـ 6 أشهر، ونزحا إلى خان يونس ولكن أحمد استشهد جراء القصف الإسرائيلي ولم يتبق لحبيبته وزوجته إلا حذاؤه. 
 
وصال
وصال
 
فيما تحولت الصورة المبهجة اللطيفة لطفل في ثوب التخرج من أحد الصفوف المدرسية إلى صورة تعصر القلب، حين تراها فيتردد في ذهنك صدى صوت أمه وهي تردد ملتاعة "اسمه يوسف.. سبع سنين.. شعره كيرلي وأبيضاني وحلو"، وهو الوصف الدقيق للطفل ذي الملامح الملائكية، والذي استشهد بعد قصف حيه ومنزله وانتقل جثمانه إلى المستشفى التي يعمل بها والده الممزق بين أبوته وبين أداء واجبه وانهيار زوجته التي تأمل أن يعثر أحدهم على طفلها الحبيب حيًا.
 
59394-الطفل-يوسف-الفلسطينى
الطفل يوسف 
 
أما قصف مستشفى المعمداني في غزة، فقد خلف عشرات الصور المؤثرة حتى تلك التي ظل أصحابها مجهولين، فقد تصدرت صورة يد الطفلة المقبضة على كسرة خبز وعملة معدنية لافتات التظاهرات بعد أيام من قصف المستشفى، كذلك صورة حذاء الطفل الصغير المخضب بالدماء الذي لا يعرف أحد مصير صاحبه. 
 
حذاء طفل
حذاء طفل

كسرة الخبز
كسرة الخبز
 
وبينما يحمل الآباء في جميع أنحاء العالم أطفالهم ليدللوهم ويداعبوهم، انتشرت عشرات الصور لآباء وأمهات يحملون فلذات أكبادهم للمرة الأخيرة في أكفان بيضاء صغيرة، يحتضنوهم بقوة، ويتمنون لو يدخرون هذا الشعور بوجودهم في أحضانهم لما تبقى من أعمارهم. ينفجر أحدهم في البكاء، بينما يمشي آخر كالمخدر وهو يحمل كفنين صغيرين، وتنحني ثالثة على الأرض وهي تحتضن كفن صغيرها فيما تصرخ أخرى "والله يا اما تعبت فيه.. والله يما خدت 580 إبرة عشانه". 
 
والله يما تعبت فيه
والله يما تعبت فيه

يحمل كفني طفلين
يحمل كفني طفلين
أما قصص الصمود فكما أفزع ألمهم العالم أدهشه كذلك صمودهم وقوة إرادتهم، فابتسامة مدهشة وصمود وإيمان شديدين هزا أب فلسطيني مكلوم القلب برد فعله على استشهاد ابنه البكر عقب قصف مستشفى المعمداني  وهو يواسي شخصًا آخر في المستشفى قائلاً "ما تعيطش يا زلمة كلنا شهداء الشهيد يشفع في سبعين من أهله قل اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها فلسطين أرض جهاد". 
 
ماتعيطش يا زلمة
ماتعيطش يا زلمة
فيما أدهشت قوة أم العالم بعد أن رصدتها عدسات الكاميرات وقد جرت طفليها في عربتي أطفال لمدة 5 ساعات متواصلة وهي سائرة على قدميها 14 كيلومترًا، حيث اضطرت للنزوح نحو المخيمات في جنوب قطاع غزة لحماية حياة طفليها. 
 
أم تجر أطفالها
أم تجر أطفالها
هل امتلأت الذاكرة وأثقلت بالصور؟ نتمنى ألا نضطر إلى إفساح المزيد من المساحة لصور أكثر إيلامًا وبشاعة، وأن نحذف تلك الصور المؤلمة لنفسح مكانًا لصورة مبهجة أو أكثر من تلك التي تخيلها عشرات المستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي ببرامج الذكاء الاصطناعي لفرحة أهل غزة بالنصر وابتسامات الأطفال بعد أن يحل السلام أخيرًا ويناموا مطمئنين آمنين غير مهددين بصوت "الزنانة" ولا بالموت.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة