عصام محمد عبد القادر

منهجية صناعة القائد.. من منظور السمات

الخميس، 28 ديسمبر 2023 01:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منح الله قائدنا سمات وخصالًا تتسق مع ماهية صناعة القيادة ذات الخصائص النبيلة؛ حيث لاحظنا وأدركنا مدى ما يمتلكه من سعة أفق ومقدرة على التنبؤ وحكمة التصرف ورجاحة العقل حال تباين الآراء، وطلاقة الكلم وحسن الانصات ومهارات صنع القرار، ومن ثم الشجاعة في اتخاذه، كما يتحلى بقدر مميز من الثقة بالنفس وتقدير للذات، والثبات الانفعالي؛ بالإضافة إلى مجموعة من السمات الاجتماعية التي نراها في مواقف متعددة؛ إذ يحنو على من يرعى، ويعزز الجهود البناءة في ميدان العمل، ويحرص على تقديم الدعم بشتى صوره كي لا تفتر الهمم وتضعف الطاقات، ويشجع على التعاون ويمارسه فعليًا؛ ناهيك عن تواضعه وأمانة الكلمة والحفاظ على الميثاق والعهد، والتمسك بالنسق القيمي وبالمبادئ المجتمعية الراسخة، وبذل الجهد المتواصل في العمل، وحث الآخرين على مزيد من العمل والعطاء كل في مجاله.

ورغم ما تم ذكره من سمات اتصف بها قائدنا صاحب الخلق الجم؛ إلا أن هناك سمات أخرى اكتسبت بشكل مقصود بفضل مصنع الرجال يصعب تناولها بشكل مفصل؛ إلا أن هذه المؤسسة العظيمة أعطت الفرصة كي تخرج لنا قيادات وطنية يظل تاريخها باقي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبدون شك تؤدي البيئة دورًا رئيسًا في صناعة القائد، ومقصد البيئة هنا مؤسستنا الوطنية العسكرية التي نعتز بها وتحتل مكانة في القلب والعقل؛ فمراحل التدريب المتواصل من خلالها تسهم في نماء الخبرة في مجالاتها النوعية، وطبيعة العطاء المتواصل والتضحية دون مقابل تلك رسالتها السامية التي تعتمد على الشرف والأمانة.

وفي ضوء نظرية السمات يمكننا القول بأن ضمانة نجاح القائد في مهامه تقوم على مسلمة رئيسة فحواها أن توافر السمات باتت شرطًا لصناعة القائد الذي يتمكن من أداء ما يوكل إليه من مهام ثقيلة؛ حيث إن النجاح له مقومات معلومة في مجال القيادة، وأحد مقوماتها المهمة امتلاك القائد للرؤية الاستراتيجية في شتى القضايا التي تواجه الدولة؛ فمن يعتمد على سياسة حل الأزمات أو المشكلات بصورة مؤقتة لا شك أنه سيتعثر ولن يحقق الغايات التي ينشدها طالع المستقبل لجيل بات يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين.

وتتلاقى صناعة القائد مع نظرية السمات في قوة التحمل مع زيادة الضغوط وتنوعها؛ حيث يتحلى القائد بالصبر وطول البال والتريث عند تفاقم الأمور؛ ليستطيع أن يتخذ القرار المدروس الذي يتحمل تبعاته ولا يتراجع فيه، وكثير من المواقف التي شهدنا فيها القيادة السياسية اتخذت حيالها سبيل الحكمة استنادًا على معرفة عميقة وخبرة متراكمة؛ فلم تخط خطىً غير محسوبة حفاظًا على الدولة ومقدراتها ومؤسساتها، ولم تقبل التوجيه والإملاءات من جهات تسعى لاستقطاب الدولة لأغراض بعينها.

ومن المبادئ التي تقوم عليها نظرية السمات التي تؤكد ماهية صناعة القائد الإصرار، والاستقامة، وهاتان السمتان تشكلان شخصية هذا القائد، وواقع الحال يؤكد اتصاف القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ورئيس البلاد المنتخب تلكما الصفتان بكل وضوح؛ حيث إن إصراره تم رصده في مواقف عديدة، بدأت منذ أن أعلن حالة الحرب على الإرهاب والعزيمة والإصرار تجاه ذلك، وهو ما تحقق على أرض الواقع لتنعم البلاد في أمن وأمان يغبطنا عليه العالم بأسره.

وتتميز نظرية السمات في صناعة القائد بأنها تعضد لديه ماهية الاجتماعية، ومن ثم يعمل بصورة فاعلة على تقوية الروابط بينه وبين المجتمع؛ ليصبح التأثير متبادل، بمعني يستشعر احتياجات ومتطلبات هذا المجتمع وفي المقابل يصطف المجتمع خلف هذا القائد ليدعمه ويؤازره، حتى يتمكن من تحقيق الغايات الكبرى، وهذا الأمر يوصف على أنه ترجمة للثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم، وهو ما نعايشه ونعيشه في تلك الآونة مليئة الزخم بالأحداث.

وعن الاستقامة؛ فحدث ولا حرج؛ فقد أثبتت المواقف أن رئيسنا المنتخب لا يتزحزح عن موقف انسدل من مبدأ وقضية يؤمن بهما؛ فلا مزايدة ولا مناورة ولا مراوغة يقبل بها، وها هي الأحداث شاهدة من صلابة الموقف تجاه قضية الأمة، برغم كل التحديات التي تواجهها الدولة المصرية؛ فالظن منعقد على أن استقامة الأمور تؤدي حتمًا لنتائج محمودة مهما طال الأمد، وأن الاعوجاج عن مسار القيم السامية لا يأتي بخير مهما بدت هواجس الظن تجاه النفعية قائمة، والتاريخ خير شاهد وعليه نعول وننتظر حكمه الدامغ.

إننا بصدد قائد شكل حالة خاصة في تلك الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، بل والعالم بأسره؛ فقد كان أنموذجًا في أفعاله وأقواله وتصرفاته، بل لا نغالي إذ نقول في نمط تفكيره السديد في شتى قضايا الأمة المصرية، هذا الرجل المقدام الذي هيئ جموع الشعب العظيم لبذل مزيد من الجهد والتفاني وتقبل الصدمات ومواجهة التحديات والصعوبات بصدور يملؤها التفاؤل والأمل في بلوغ مستقبل مشرق ومزدهر.

والمتمعن لعلاقة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الآخرين بغض النظر عن مكانتهم أو وظيفتهم بالدولة ومؤسساتها وقطاعاتها المختلفة، يرى حماسة متبادلة منقطعة النظير تؤكد على ماهية التأثير والتأثر بكل قوة ووضوح؛ بالإضافة إلى أمر مهم للغاية يتمثل في دأب الفرد وسعيه الحثيث لتنمية مهاراته كي يستطيع أن يساير القائد الذي باتت خبراته تفوق الخيال، كيف لا وهو القدوة التي نرى فيها الأمل ومستقبل النهضة في مجالاتها المختلفة بوطننا الحبيب.

ونود الإشارة إلى أن صناعة القائد من منظور السمات تتسق مع مفهوم الحزم مقابل المرونة؛ فلا إفراط ولا تفريط؛ فالحكم والمحك يقوم على أمرين مهمين، هما النسق القيمي ومصلحة الوطن العليا التي لا جدال حولها، ونشكر العلي القدير أن رزقنا برئيس إنسان تتعاظم مظاهر الإنسانية لديه؛ فكثيرًا ما يطيب النفوس ويجبر الخواطر، وبدون شكٍ فإن تلك الأمور تتسق مع صحيح عقيدة المصريين السمحة ووجدانهم الصافي الذي يحمل المحبة والود تجاه شعوب العالم كله.

حفظ الله شعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة