عصام محمد عبد القادر

الأمن القومى من منظور البحث العلمى.. مسار الجمهورية الجديدة

الجمعة، 29 ديسمبر 2023 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البحث العلمي وسيلة تمكن من الوصول إلى المعرفة المرتبطة بموضوع محدد أو قضية بعينها أو مشكلة ما وفي مسار منظم يسمى بالمنهج ليصل إلى الهدف المنشود منه، استنادًا لفرضيات قابلة للدراسة واعتمادًا على معلومات تتسم بالدقة والعمق والموثوقية، وتتعلق بمتغيرات ما يتناوله البحث بما يُسهم في الوصول إلى نتائج صادقة ومحايدة تتمخض عن أدوات لها خصائص سيكومترية تصف وتهتم بثباتها وصدقها.
والعلاقة بين التنمية الصناعية وتطبيقات البحث العلمي المتجددة يصعب تعدادها أو حصرها؛ فما تزال الاكتشافات العلمية متدفقة في ضوء اهتمام دول العالم المتقدم بصناعة المعلومات التي تدعم مسارات الاقتصاد بكل قوة؛ فقد بات استقرار الدول اجتماعيًا وسياسيًا وثيق الصلة بالتنمية الاقتصادية، وهذا ما أكد الصلة الوطيدة بين البحث العلمية وما يفرزه من ابتكارات وتحقيق ماهية الأمن القومي بالبلاد.
وقد أضحى البحث العلمي أحد ضروريات الحياة التي لا مناص عنها؛ حيث يُعد قاطرة النهضة والتقدم والرقي في مجالات الحياة بتنوعاتها، ومن ثم فهو سبيل التجديد للفكر والمعرفة اللتان تؤديان إلى الابتكار؛ لذا صار البحث العلمي ركيزة التنمية الرئيسة، ومسار بناء القدرات البشرية؛ فمن خلاله تصنع المعلومات ويضاف لرصيد المعرفة وفي خضمه يتنامى الابتكار وتحدث التنمية في صورتها المستدامة والشاملة؛ لذا فهو أحد مقومات الأمن القومي المصري. 
وفي ضوء ذلك أخذت الدولة على عاتقها دعم البحث العلمي من خلال تعضيد الابتكار في شتى المجالات بتوفير مقوماته ومتطلباته، ومن ثم رسمت مسارًا جليًا في هدفها التنموي الرابع بالاستراتيجية الوطنية المعلنة برؤيتها (2030)؛ حيث الربط الوظيفي بين نتائج البحث العلمي وتطبيقاته التنموية، بما يساعد في النهضة الاقتصادية والزراعية والصحية والعسكرية والاجتماعية بصورتها الشاملة ومن ثم يحقق ماهية الأمن القومي المصري في أبعاده المختلفة.
وتقوم دعوى اهتمام القيادة السياسية الحكيمة بالبحث العلمي على عامل رئيس يتمثل في تعظيم عمليات التفكير المتجددة والمعروفة بالابتكار النوعي؛ حيث يؤدي هذا النمط من التفكير إلى تحقيق الرفاهية والوصول بالمنتج لصورة غير مألوفة تلبي الاحتياجات وتحقق الطموحات على المستويين الإنساني والمادي؛ بالإضافة إلى أنه يفتح مجالًا للتنافسية والريادة في شتى مجالات العمل والإنتاج.
وفي السياق ذاته تصبح ملاحقة التطور والتنافسية في الجانب التنموي بالدولة أحد أهداف الأمن القومي المصري؛ فقد أضحت الحداثة والريادة والتنافسية أمرًا مهمًا لاستكمال مسار نهضة الجمهورية الجديدة عبر بوابة البحث العلمي؛ حيث تساعد آليات الابتكار في مواكبة ركب التقدم، ومقدرة توظيف عملياته في تعظيم الموارد الطبيعية بما يؤدي لفتح أسواق عمل جديدة من خلال زيادة الأنشطة الإنتاجية التي تتسم بالجدة والأصالة وقيمتها في مجالاتها العملية والعلمية والحياتية.
وحري بالذكر أن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أعطى لمؤسسات البحث العلمي اهتمامًا كبيرًا؛ حيث يقين سيادته بمقدرتها الفاعلة على تنمية الرصيد المعرفي الذي يُسهم قطعًا في تنمية الثروة البشرية والموارد المادية بما يحقق الأثر الواضح في التنمية المستدامة المصرية بأبعادها ومجالات المتنوعة بربوع الوطن الحبيب، ومن ثم وجه الرئيس إلى ضرورة الشراكات الفاعلة بين مؤسسات البحث العلمي وسائر المؤسسات الإنتاجية الرسمية وغير الرسمية بالدولة، بما يحقق الاستثمار المنشود ويعظم من قيمة المنتج وينشط من نتائج البحوث التطبيقية ومسارتها الابتكارية.
وتتضح صورة الأمن القومي المصري عبر منظور البحث العلمي في اهتمام الدولة المباشر والمشاهد من خلال تطوير البنية الأساسية للبحث العلمي؛ حيث الاهتمام بالجانب التقني الذي أصبح لبنة رئيسة في الحياة العلمية والعملية والحياتية، وبتوجيه مباشر من القيادة السياسية تم زيادة عدد المشروعات البحثية الممولة؛ بالإضافة إلى توفير النشر العلمي في مجال العلوم المتقدمة؛ حيث إن متطلبات سوق العمل المتغيرة تقوم على فلسفة الابتكار عبر برامج تنموية تحمل خطط بحثية ذات رؤى مستقبلية للمؤسسة الجامعية والبحثية، وهذا يمثل بوضوح مسارًا لاستكمال نهضة الجمهورية الجديدة.
وفي المقابل استشعرت مؤسسات البحث العلمي بدورها المتفرد في تعضيد مقومات الأمن القومي المصري، ومن ثم تغيرت فلسفتها في العمل من مساره التقليدي لصورته التنافسية التي تؤسس على ماهية الابتكار بأنماطه النوعية؛ لذا حرصت على توظيف واستخدام تقنية المعلومات كأسلوب رئيس في البحث، بما يضمن صحة المسار ومواكبته لكافة الرؤى الآنية والمستقبلية بما يؤكده فلسفة التخطيط الاستراتيجي الذي ترعاه وتتبناه الجمهورية الجديدة في استكمال إنجازاتها بمشروعاتها القومية العظيمة.
وما زال الأمل قائم على جيل يخلص لتراب وطنه، يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، ويعشق ضروب الابتكار في مساراته النوعية؛ ليقدم كل جديد وهادف ليغزو بفكره الراقي وابتكاراته التي تنهمر على مدار الساعة الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية؛ ليشارك بكل قوة في تحقيق مقومات الأمن القومي المصري من هذا المنظور العلمي الرصين، ومن ثم تبدو بصماته واضحة في نهضة الجمهورية الجديدة التي نعيش في خيراتها وننعم بأمنها وأمانها في عهد قائد رشيد حمل على عاتقه هموم وطنه. 
حفظ الله شعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.
_____________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة