ترجم المصريون ماهية الطبيعة الإنسانية في صورة يحتذى بها على مر التاريخ وعبر العصور؛ فرغم تعدد العقائد السماوية التي مرت واستقرت على هذه الأرض الطاهرة، ورغم تباين العقائد التي يدين بها الشعب المصري في الماضي والحاضر؛ إلا أن طبيعة هذا الشعب متفردة في ميوله التي تمسكت بماهية الإنسانية كونه تشير إلى أنه كائن اجتماعي، يعشق الأمن والأمان، وينشر الحب والسلام، ويسعى دومًا للإعمار، ويعضد التعايش السلمي في صورة مبهرة يصعب أن تتوافر على وجه المعمورة.
والمصريون مسلمون وأقباط يضربون مثالًا رائعًا للمواطنة الحقيقية؛ فلا يستطيع كائن من كان أن يزايد عليهم، أو يفت عضدهم، أو يبث الفتن فيما بينهم، أو يحدث فرقة فيما بينهم، ويكمن السر في أن الوطن يعيش في قلوبهم؛ فلا مكان للفرقة، أو التعصب، أو النزاع، أو الخلاف، أو حتى للجدال؛ فالجميع مشغول بحب الوطن والتباري في العطاء، والجميع في تلاحم وتناغم منقطع النظير تجاه قضايا الوطن الحبيب.
والشواهد تؤكد على أن المصريين في رباط ما دامت السماوات والأرض؛ فنجد هذا الشعب العظيم في اتحاد عندما يواجه الوطن ما يعكر صفوه، أو عندما تنزل به نازلة، أو عندما تلتف حوله تحديات، أو عندما تتجمع قوى الشر بغية النيل منه ومن وحدته، أو عندما يمر بأزمات حياتية طبيعية ومفتعلة؛ فنراه في تكاتف وتكافل وشراكة حقيقية على أرض الواقع، والموقف والمشاهد المشرفة في هذا الخضم يصعب حصرها جملة وتفصيلًا.
إن المصريين أقباطًا ومسلمين يؤكدون مجتمعين على رسالة الإنسان المتمثلة في إعمار الأرض، ولا نغالي إذ نقول بأن مفاهيم السلام الشامل، والتنوع الثقافي، والحرية، والعدل والمساواة، والتنمية المستدامة، يترجمها المصريون في تناغم وإجرائية يصعب أن تحدث على أرض مناظرة، وهذا قد يرجع للتكوين الوجداني الصافي لهذا الشعب الراقي في مكونه ومكنونه.
نرى في كل وقت وحين، وفي كافة المناسبات الدينية سماحة الطرفين؛ فالتهنئة بين المصريين صارت فرض عين، ودلالتها تؤكد على أن ما ندين به فهو لله رب العالمين، وأن ولاءنا وانتماءنا للوطن الرابط القوي والنسيج الذي لا يفت؛ فالأمة المصرية باقية رغم ما مرت به من إرهاب على مر العصور، ولن يستطيع المغرضون أن يوقفوا مسيرة النهضة مهما تعددت وتطورات أدوات الغدر والخيانة.
وفي حقيقة الأمر أن الله عز وجل منّ على مصر بقيادات سياسية تقدر وتحترم الأديان، ولا تسمح عبر تاريخها بأي تجاوز؛ حيث إن هذا الأمر مقوم رئيس للأمن القومي المصري؛ فالأصل أن النسق القيمي واحد، وأن حرية المعتقد حق تكفله وتحميه الدولة، وفي شتى المناسبات نرى القائد العام للقوات المسلحة يحرص على تقديم التهنئة للرموز الدينية ويتبادل معهم رسائل التهنئة، ويرحب ويحتوي الجميع دون تمييز أو تفرقة؛ حيث يدعو لمزيد من المحبة والتقارب والوطنية الخالصة لهذا الوطن الكبير الغالي.
ويُعد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنموذجًا يقتدى به في احترام الثقافات وسائر الأديان المختلفة؛ فدومًا ما يؤكد سيادته على ضرورة تقبل الأيديولوجيات المختلفة باعتبار أن الأخوة هي أساس الإنسانية جمعاء، كما يؤكد على أن العقيدة من الأمور التي لا مجال للمساس بها، واحترام الثقافات من قواعد اللياقة، ومسارًا مهمًا لحدوث التفاهم بين البشر رغم التباين الفكري؛ فالمبدأ الجامع أن الدين لله تعالى، والأرض حق ومتسع للجميع.
ويصعب أن ننكر على المصريين مسلمين وأقباط حبهم البالغ للاحتفال بالعديد من المناسبات القومية والعقائدية؛ حيث يوصف هذا الشعب العظيم بعشقه لمراسم الأفراح، وحبه العميق للحياة، وتقديره واحترامه لكافة المشاعر التي تحمل البهجة أو الحزن، وهذا ما سطره التاريخ ويقره الواقع الحالي الذي نعيش في كنفه.
ومن يتمعن في طبيعة النسيج المصري ويترجم المعاني التي تحملها احتفالاته، يجد أن الإنسان المصري بغض النظر عن معتقده يمتلك نوازع ومقومات المحبة والإعمار والإيثار والخلق الرفيع والرقي والسماحة، وهذا كله كائن في أصالة حضارته المتجذرة عبر تاريخ البشرية، والملازمة لأجيال تلو أجيال.
وبلسان مبين نهنئ جموع المصريين بالعام الجديد (2024) ونشد على عضده، ونثمن اصطفافه خلف قيادته السياسية ووطنه الغالي، كما نهنئ العالم بأسره ونتمنى من الله العلي القدير أن يكون عام خير ووئام ومحبة وسلام يسود بقاع الأرض من مشرقها لمغربها، وكل عام وأنتم بخير.. ودي ومحبتي للجميع.
حفظ الله شعبنا العظيم ومؤسساتنا الوطنية وقيادتنا السياسية أبدَ الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة