شارفت الهيئة المصرية العامة للكتاب الانتهاء من طبع مجموعة من أعمال أحمد لطفى السيد، والتى ستكون متاحة للجمهور القراء فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، المقرر انطلاقه فى دورته الـ 55، من 24 يناير إلى 6 فبراير 2024، تحت شعار "نصنع المعرفة.. نصون الكلمة"، وتحل النرويج ضيف شرف تلك الدورة، وعبر السطور المقبلة نستعرض سيرة المفكر الكبير أحمد لطفى السيد.
أحد لطفى السيد (1872- 1963) واحد من أبرز المثقفين المصريين فى القرن العشرين، ويقول أحمد لطفى السيد فى كتابه "قصة حياتى": نشأت فى أسرة مصرية صميمة لا تعرف لها إلا الوطن المصرى، ولا تعتز إلا بالمصرية، ولا تنتمى إلا إلى مصر، ذلك البلد الطيب الذى نشأ التمدن فيه منذ أقدم العصور، وله من الثروة الطبيعية والشرف القديم ما يكفل له الرقى والمجد.
وقد ولد أحمد لطفى السيد فى 15 يناير سنة 1872 م بقرية "برقين" من أعمال مركز السنبلاوين بمديرية الدقهلية، وهى قرية صغيرة كان تعدادها فى ذلك الحين يبلغ مائة نفس، ويشاع بين أهل الريف أن اسمها "النزلة" وربما سميت باسم "برقين" الفلسطينية، وقد تضاعف سكانها، فأصبح عددهم الآن نحو ألفى نفس، وهم زراع ماهرون مشهورون بالجد والنشاط والاستقامة، وقد اعتادوا أن ينطقوا القاف "جافًا"، والجيم جيمًا معطشة كسائر أهالى مركز السنبلاوين، وما زالت هذه اللهجة تغلب على فى حديثى.
وكان والده "السيد باشا أبو على" عمدة هذه القرية كوالده "على أبو سيد أحمد"، وقد كان يجيد حفظ القرآن الكريم كله، وعرف بشخصيته المهيبة، وقوة شكيمته، وعدالته فى معاملته، وعطفه على أهل قريته وغيرهم، وأذكر أنه ما قسا يومًا عليَّ، ولا وجه إلى كلمة نابية أو عبارة تؤلم نفسى، بل كان ، طيب الله ثراه، عطوفًا حكيمًا فى تربية أبنائه، يعتنى بالقدوة الحسنة، وحسن التوجيه والإرشاد.
يقول فى كتابه: لما بلغت الرابعة من عمرى أدخلنى كتاب القرية، وكانت صاحبته سيدة تدعى "الشيخة فاطمة"، فمكثت فيه ست سنوات تعلمت فيها القراءة والكتابة، وحفظت القرآن كله، وكنت أجلس مع زملائى على الحصير، ونصنع الحبر بأيدينا، وإلى هذه السيدة يرجع فضل تنشئتى الأولى فى تلك السنين.
أحمد لطفي السيد مفكر مصري، عمل وزيرًا للمعارف ثم للداخلية، ورئيسًا لمجمع اللغة العربية، ورئيسًا لدار الكتب، ومديرًا للجامعة المصرية، ويعتبر من قادة التنوير والتثقيف في مصر في القرن العشرين، ولقب بأستاذ الجيل.
التحق بمدرسة الحقوق وفي أثناء دراسته تعرف على الشيخ محمد عبده الذي شجعه، وعلى أثر هذا التشجيع قام أحمد لطفي السيد وجماعة من نابغي مدرسة الحقوق بإنشاء مجلة «التشريع»، كما التقى بجمال الدين الأفغاني أثناء زيارته لإسطنبول سنة 1893 ميلادية وتأثر بأفكاره.
بعد حصول أحمد لطفي السيد على ليسانس الحقوق عمل بالنيابة، وتدرج في المناصب حتى عين نائبًا للأحكام بالفيوم، وفي أثناء هذه الفترة اشترك مع صديقه القديم "عبد العزيز فهمي" في تأسيس جمعية سرية باسم "جمعية تحرير مصر"، ولما نمى خبرها إلى الخديوي عباس حلمي سعى إليها عن طريق مصطفى كامل زميل أحمد لطفي السيد في مدرسة الحقوق، حيث كان الخديوي يسعى للتحرر من قبضة الاحتلال البريطاني.
تبنى أحمد لطفي السيد المفهوم الليبرالي للحرية في أوروبا مناديًا بتمتع الفرد بقدر كبير من الحرية، وهو صاحب المقولة الشهيرة: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" ونادى بتحديد مفهوم للشخصية المصرية، كما نادى بتعليم المرأة، وتخرجت في عهد رئاسته للجامعة أول دفعة من الطالبات.
طالب أحمد لطفي السيد باستقلال الجامعة، وقدم استقالته حين تم إقصاء طه حسين عن الجامعة. كما قدم استقالته مرة أخرى حين اقتحمت الشرطة حرم الجامعة، ودعى إلى استعمال اللغة العامية المصرية بدلًا من العربية الفصحى. وسياسيًّا أسس حزب الأمة المصري صاحب شعار مصر للمصريين في ديسمبر 1907، حيث كان هدف الحزب الرئيسي هو المطالبة بالاستقلال التام والدستور.
يعد أحمد لطفي السيد من أكبر المساهمين في حمل راية التثقيف والتنوير في مصر في القرن العشرين، وقد ظل أستاذًا لجيله الرائد إلى أن غادر دنيانا في ٥ مارس عام 1963 بالقاهرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة