تعلمنا أن وقت الأزمة تظهر الجدعنة والمروءة مهما كانت الظروف والاختلافات، وهو ما كان يميزنا ويحسدنا عليه الآخرون، لكن بعد أن تخلى البعض عن هذه القيم أصبحنا أمام ظاهرة فى قمة الخطورة وهى الانسياق وراء الشائعات وحملات التضليل دون تفكير أو وعى، مسلمين عقولنا وقلوبنا لمن يريد أن يكذب علينا ويطلق سمومه لقتل هذه الروح النبيلة وتكدير الرأى العام، وتحقيق مخططاته وأفكاره وأهدافه.
والعجب، أن التجربة خلال السنوات الماضية أثبتت بالدليل أن المضلليين لا يفرق معهم أنهم يتاجرون بآلام الناس أو بظروفهم الإنسانية، وما يحدث الآن فى الكارثة الإنسانية جراء زلزال سوريا وتركيا ليس ببعيد، حيث الكذب والتضليل والمتاجرة، والأخطر حالة العطب التى انتابت الإنسانية.
بل أن الخطر التى كشفته هذه الأزمة أن المحتوى الكاذب والتضليل تنتهجه أيضا بطريقة مختلفة مؤسسات دولية، فيطلقون تصريحات بالدعم وفى نفس الوقت يتحدثون فى السياسة، رغم أننا أمام أزمة من يصل بسرعة هو من ينقذ أكثر، لكن هذه هى طريقتهم التى تقوم على اجتزاء الحقيقة والوعود الكاذبة وتوظيفها للتشكيك أو التشويه أو التضليل.
وما يحزن أن الكثير منا يعلم هذا، إلا أنه ما زال هناك من يصدق هؤلاء وينجرف وراء هذا الوعود الكاذبة ومتابعة تصريحاتهم المضللة بل الأخطر التمادى فى النشر والتشيير دون تحقق أو تدقق، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت بيئة خصبة للشائعات والتضليل.
لذا، لابد أن يكون هناك وعى حقيقى، ومسئولية مقدرة، بأن تداول معلومة دون تحقق يعد جريمة بمعنى الكلمة، لأن هذا الفعل وتلك السلوك قطعا يستهدف قتل كل ما هو جميل، لأن ببساطة مخططات هدم الأوطان تبدأ دائما بنشر الشائعات وتزييف الوعى، وبث الشكوك بغرض هز الثقة بين المواطن ومؤسساته الوطنية، والسماح لهؤلاء باللعب بأعصاب البسطاء لخلق حالة عدم رضا، وبث الخوف من المستقبل.
وأخيرا.. ليس أماننا إلا التحلى جميعا بالمسؤولية تجاه هذه الحرب الشرسة التى تعد أخطر من حروب الصواريخ والطائرات لأنها تستهدف العقول.